الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصادات الصاعدة تعيد رسم خريطة المساعدات العالمية

الاقتصادات الصاعدة تعيد رسم خريطة المساعدات العالمية
24 سبتمبر 2011 21:42
تلقت الهند في الفترة بين 1951 و1992 نحو 55 مليار دولار من المساعدات الأجنبية، مما جعلها تتربع على عرش أكبر دولة متلقية للمنح في العالم. لكنها تعكف الآن على إقامة هيئة للمساعدات باسم “الوكالة الهندية للشراكة في التنمية”، على غرار “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” أو “وزارة التنمية الدولية” في بريطانيا. وذكرت مؤسسة “جوربريت سينج” الهندية أن الحكومة وفرت نحو 11,3 مليار دولار لهذه الوكالة التي سيتم الإعلان عنها في غضون أشهر قليلة. ويشير تحول الهند من متلق للمساعدات إلى مقدم لها، إلى تغيير كبير في خارطة المساعدات العالمية. وكانت معظم مساعدات التنمية الرسمية قبل عشر سنوات تجيء من 15 دولة صناعية كبرى أعضاء في “لجنة التنمية المُساعدة” المعروفة اختصاراً باسم “داك”. وتظل أميركا حتى يومنا هذا أكبر مصدر للمساعدات في العالم حيث منحت نحو 31 مليار دولار في العام الماضي. وتليها الصين في المرتبة الثانية بتقديمها لمساعدات بنحو 25 مليار دولار خلال 2007. ويشوب إحصائيات المنح الجديدة نوع من الغموض حيث يفصل خيط رفيع بين التجارة والمنح. وبعيداً عن هذه الإحصائيات، أعلنت الصين عن مساعدات لم تتجاوز 1,9 مليار دولار في 2009. وتمنح البرازيل التي تسعى هي الأخرى إلى إقامة هيئة مساعدات خاصة بها، نحو 4 مليارات دولار سنوياً، مما يضعها على قدم المساواة مع دول مثل السويد وإيطاليا أو المملكة العربية السعودية التي تُعد واحدة من أكبر المانحين خارج منظومة الدول الكبرى. وفي حالة منح الهند لنحو 2 مليار دولار سنوياً، تحل في مرتبة أستراليا وبلجيكا. ووفقاً للتقرير الصادر عن منظمة “المساعدات الإنسانية الدولية” غير الحكومية، ارتفعت المساعدات من دول خارج “داك” بنحو 143% إلى 11,2 مليار دولار في الفترة بين 2005 إلى 2008، وذلك قبل دخول هذه الدول في الأزمة المالية العالمية. كما تجاوزت منح دول البريكس “البرازيل وروسيا والهند والصين” الضعف، معلنة نهاية حقبة احتكار المؤسسات للمنح والمعونات. والمساعدات المقدمة من هؤلاء المانحين الجدد ليست بالشيء الجديد تماماً، حيث درجت الهند على تدريب موظفي الخدمة المدنية للدول الأخرى لعدد من العقود في برنامج يعرف باسم “التعاون الفني والاقتصادي الهندي”. كما أنفقت دول مثل الاتحاد السوفييتي والصين مليارات الدولارات لمساعدة حلفائها الفقراء إبان الحرب الباردة. والجديد في ذلك، توسع هذه البرامج بصورة سريعة في حالة كل من روسيا والصين بعد تراجع كبير. ويخطط البرنامج الهندي لتدريب 5,500 شخص ينتمون لنحو 120 دولة هذا العام. وارتفعت منح روسيا من 100 مليون دولار في 2007، إلى 422 مليون دولار في الفترة بين 2007 و2010. وتحولت الصين على مدى العقد الماضي من متلق صرف، إلى مانح صرف. وتلقت الصين من “برنامج الغذاء العالمي” آخر منحة لها من القمح في 2005، بعد مساعدات استمرت لمدة 25 عاماً. وأنهت “وزارة التنمية الدولية” البريطانية برنامج المساعدات الثنائي في الصين هذا العام في ذات الوقت الذي أصبحت فيه الصين من المانحين الكبار. ووعد رئيس الوزراء الصيني وين جياباو بتقديم بلاده لنحو 10 مليارات دولار في شكل قروض ميسرة للدول الأفريقية الفقيرة، وتعزيز “صندوق التنمية الصيني الأفريقي” بنحو مليار دولار ليصبح قوامه 5 مليارات دولار، بالإضافة إلى إلغاء ديون الدول التي تعاني من ديون ثقيلة والتي تربطها علاقات دبلوماسية معها. وحقق برنامج المساعدات الأجنبية الصيني نمواً مضطرداً منذ عام 2000 ليرتفع 30% في الفترة ما بين 2004 و2009. ويؤكد المانحون الجدد أن مساعداتهم تختلف عن تلك التي تقدمها دول الغرب، رافضين الفكرة التقليدية لاستفادة المانح باسم مساعدة العميل المعوز. وذكرت الصين أن أول مبادئها في تقديم المساعدات هو المساواة وتبادل المنفعة. وعملياً تكمن الاختلافات مع الغرب في أشياء أخرى غير هذه. ويعطي العديد من المانحين الجدد الأولوية لجيرانهم من الدول حيث تقدم السعودية معظم مساعداتها للدول العربية، كما قدمت روسيا معوناتها خلال الأزمة المالية للدول القريبة منها مثل طاجاكستان وأرمينيا. وتدعم روسيا النظام القائم في بيلاروسيا من خلال بيع الطاقة بأسعار مخفضة، وكذلك تمنح أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية نحو 1,5 مليار دولار. وترى الهند في المنح المقدمة وسيلة لتحسين العلاقات السيئة مع جيرانها، حيث قدمت 25 مليون دولار لباكستان إبان الفيضانات الأخيرة، لكن الاستثمارات الكبيرة في مملكة بوتان ساعدت كلا البلدين، حيث توفر المملكة الكهرباء بأسعار ثابتة للهند. كما تقدم الهند قروضاً ميسرة ضخمة لبنغلاديش، في الوقت الذي تساعد فيه سريلانكا على بناء ما دمرته الحرب. وبالاشتراك مع الغرب تعمل الهند في بناء الطرق والجسور وشبكة للكهرباء في أفغانستان لتحل الهند الخامسة في قائمة المانحين هناك. وتُقدم العديد من المنح والمساعدات الجديدة لمصالح تجارية، حيث ذكرت السعودية أن واحداً من أهدافها هو إنعاش الصادرات غير النفطية على الرغم من أن الصين هي أكبر الساعين وراء مثل هذه المصالح، حيث تركز معظم برامج مساعداتها على إرساء البنية التحتية التي تستفيد منها في استثماراتها. وتسعى الصين لتفنيد وجهات النظر الغربية القائلة بأن معظم مساعداتها بغرض الحصول على النفط والمعادن، حيث ذكرت أن 8,9% فقط من قروضها المقدمة تم استخدامها لاستخراج مثل هذه الموارد. لكن ربما تساعد نسبة 61% المتبقية المقدمة لبناء شبكات المواصلات والاتصالات والكهرباء، في تحقيق نفس الأغراض. وذكر دونكان جرين، من منظمة “أوكسفام”، أنه سواء تبنى المانحون الجدد سياسات وقوانين المانحين الغربيين، أو اعتمدوا على أنفسهم، ينتج عن ذلك خلط بين المنح والاستثمارات. وتتبنى الدول الآن أفكاراً قريبة من تلك المتبعة في الغرب، حيث تقدم دول “البريكس” مساعدات عبر قنوات ثنائية متعددة بعيداً عن الطرق التقليدية الحكومية. وتستخدم الصين نمط اللغة الغربية في تقارير زيادة السعة للدول المتلقية للمساعدات، لكن يعتقد المانحون الجدد أن نموذج مساعداتهم هو الأفضل مقارنة بالآخرين. وبينما تنتعش منحهم ومساعداتهم وتتقلص مساهمة الغرب أو تكاد تختفي، تسود عالم المنح والمعونات منافسة حقيقية. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©