الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة الكسل بين الحقيقة والوهم

8 مارس 2009 04:10
الكسل كلمة مرعبة يواجهها الطلبة في مدارسهم، واعتاد عدد من المعلمين والمعلمات اطلاقها دون تدقيق على هذا الطالب أو تلك الطالبة· إطلاق هذه الصفة غالبا ما يدفع الطلبة لاتخاذ موقف سلبي من المدرسة، أما بالنسبة للموظفين فهي علامة إنذار قد تفضي إلى نتائج غير مرغوبة تهدد مسيرتهم الوظيفية، لذلك تحولت هذه الكلمة إلى اتهام يسعى الجميع للهروب منه وتجنبه· الكسل ضد النشاط والإنتاج والعطاء فالإنسان النشيط هو الجادِّ أما الكسول فهو المتقاعس المتثاقل في أداء أعمال نافعة· كما لاحظ العلماء أن السلوك المضطرب قد يكون بسبب النشاط الزائد وهو عكس الكسل تماما، والناس الذين يعيشون هذه الحالة يستطيعون أن يحققوا الكثير من النجاح في حياتهم إلا أنهم نادرا ما ينعمون بالراحة والقدرة على الاستمتاع بنتائج أعمالهم، فتصبح الحركة لتفريغ الفائض من نشاطهم غاية في حد ذاتها· أما الإنسان الكسول فإنه نادرا ما يتمكن من تحقيق طموحاته وآماله ويلاقي الكثير من الصعوبات في تحقيقها، فتصبح هذه الطموحات عبئا نفسيا إضافيا يحمله على كتفيه· ولكن هناك جانب لهذا الموضوع يتمثل في أن بعض المؤسسات الحكومية يوجد لديها هدر إداري نتيجة التوظيف الأكثر من الحاجة فبعض المؤسسات الحكومية تفتقر إلى وصف وظيفي قد يكون غير واضح إضافة إلى أن العلاقة بين الموظفين لا يوجد فيها كفاءة بالتالي لا تكون هناك القدرة على إنجاز العمل المطلوب، وهنا يكون الكسل نتيجة لثقافة مؤسسية وليس صفة في الموظف، وباستمرار هذه الأوضاع فإن الكسل يتحول إلى صفة لصيقة بالموظف حتى وإن التحق بمكان عمل آخر· وتوجد لدينا ثقافة الحد الأدنى في العمل وهي ثقافة مدمرة وغريبة فالموظفون في الغالب يعملون المطلوب أو الحد الأدنى من المطلوب منه ويتذمرون من العمل ولا يؤدونه على أكمل وجه· كما أنه قد لا يوجد إبداع أو إنجاز في المهام بطريقة ثابتة وصحيحة· وأعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية للكسل عدم ترسيخ القواعد المهنية للعمل في بعض المؤسسات، لعدم وجود معايير للمحاسبة وعدم ربط المكافأة بالإنجاز مما ينتج عملا يفتقر للتميز أو الإبداع· كما أن العجز المتكرر نابع عن عدم تحقيق بعض الأهداف مما قد يبث في النفس الشعور بالنقص واليأس ويؤدي إلى الخمول في السعي للعمل والتوقف عن العطاء· وللكسل آثار خطيرة على الفرد والمجتمع حيث يقضي على الحياة والنفوس، ويعرقل الانتاج مما يؤدي إلى قيام صاحب العمل بطرد الشخص الكسول كونه عبئاً على مؤسسته· أما أبرز الأسباب التي تقف وراء ظاهرة الكسل، فهي العوامل البيولوجية المتمثلة بالإفرازات الهرمونية لبعض الغدد مثل إفراز هرمون الثيروكسين في الغدة الدرقية إذ إن انخفاض نسبة هذا الهرمون في الدم يؤدي إلى شعور الفرد بالخمول والكسل· وبالنسبة للتلاميذ الذين يتصفون بالكسل فيجب التفريق بين الكسل الناشئ عن صعوبات التعلم والكسل الناتج عن التقاعس وانعدام روح المبادرة لدى الطالب، فالأول يتطلب رعاية نفسية أما الكسل الناتج عن الخمول فيتطلب رعاية سلوكية من خلال تحفيز الطلبة واستخدام نظام المكافأة أو العقاب السلبي لتمكين هؤلاء الطلبة من بذل جهد أكبر في التعلم وأداء المطلوب منهم، كما يتطلب ذلك تعاونا بين الأسرة والمدرسة لتجنيب الطالب الصغير مغبة الإدمان على الكسل واستساغته· لعل الكسل أصبح داء في حياتنا المعاصرة نظرا لتوفر وسائل الرفاهية، والمقلق أن يتحول هذا الكسل إلى نمط حياة وبالتالي يصعب التغلب عليه، فتغدو مقاييس الانتاجية دون المطلوب لاستمرار التنمية وتحقيق الأهداف الذاتية والاجتماعية· أحمد عبدالعال
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©