السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختبار «سوء النوايا»!

اختبار «سوء النوايا»!
19 ديسمبر 2010 20:00
المشكلة عزيزي الدكتور: انا فتاة أبلغ من العمر 30 عاماً تعرفت إلى شاب بنفس عمري من موقع للزواج على الإنترنت، والحمد لله كان الشاب جاداً، في موضوع الزواج، وحصل تفاهم وتوافق في الأفكار، وتقدم للزواج بي وتمت موافقة الأهل بعد ان تم التحري عن أخلاقه، وكانت طيبة، والكل شهد بذلك وأعترف أنني لم يسبق أن مررت بتجربة عاطفية أو علاقة من هذا النوع، وهو كذلك، مما جعلني أنجرف كثيراً في مشاعري تجاهه وقد بادلني ذلك، واطمأننت له وخرجت معه قبل عقد قراننا بأسبوع، ومن الطبيعي أن يحدث بعض التجاوزات التي تحدث بين خطيبين، وبعد مدة وجيزة لاحظت انه بدأ يماطل في موضوع عقد القران بحجة أوضاع صحية تواجه والده. في البداية لم أغضب ولكن امتدت فترة التأجيل وطالت وفي نفس الوقت منع أهله عن مكالمة أهلي، الأمر الذي أثار دهشة أهلي خصوصاً انه هو وأهله كانوا على عجلة من أمرهم لعقد القران، ولكنني عذرته وأوضحت لأهلي ظروفه التي تقبلوها. المهم أتت إجازة الصيف، وفيها سافرت مع أهلي للخارج، وخلالها أوكل إليَّ أبي مسؤولية الاعتناء بأخوتي الأصغر مني قائلاً: “إنني أثق بك وبتربيتي لك فأنت عن عشرة رجال وأعرف انك لن تسيئ لنفسك ولا إلى ربك ولا والديك.. هنا فقط أحسست بكلام والدي كطعنات في قلبي فأنا ابنته التي خانت ثقته.. وخرجت مع خطيبي وتجاوزت معه حدودي، ولم أراع ربي ولا أهلي بالرغم من أنني متعلمة ومن عائلة ملتزمة. وقد بذل أبي وأمي الكثير لتربيتنا تربية صالحة، وها أنا أنجرف بمشاعري وأمارس ما حرمه الله مع خطيبي، عندها قررت التوبة والامتناع عن مقابلة خطيبي حتى موعد عقد قراننا، وأبلغته بقراري وبأنني سأنتظره حتى يتعافى والده دون مقابلات محرمة، كما تقربت إلى ربي أكثر في الإجازة وقضيت ليال أبكي واستغفر ربي على ما اقترفته بحق ربي وأهلي ونفسي أيضاً، وبعد عودتي وأهلي من إجازتنا بالخارج، بادرت بالاتصال بخطيبي ولكنه لم يرد فتوقعت انه منشغل بعمله وتوالت الاتصالات “والمسجات” ولكن لا من مجيب وكذلك انقطع أهله عن الاتصال بنا بعد ما أوضحوا انهم سيأتون لزيارتنا بعد عودتنا من الإجازة لدفع المهر وتحديد موعد عقد القران المؤجل، وأثار أمر انقطاعهم الريبة الأمر الذي دفعني للاتصال بخطيبي في عمله ولكنه أيضاً امتنع عن التحدث إلي. وطلبت منه توضيحا لتصرفاته وانقطاع أهله وذكرته بأساس علاقتنا المبنية على الوضوح والاحترام المتبادل والصراحة والثقة. لكنه لم يرد، الأمر الذي أحرجني كثيراً أمام اهلي الذين اعتقدوا الا نصيب بيني وبين خطيبي وساءت حالتي، وأحسست بالخداع والإحباط من رجل وثقت به، ولكنني استعنت بالله وأكثرت الدعاء أن أجتاز هذه المرحلة وان يرزقني من هو خير منه واقتربت أكثر من أهلي وحرصت على ان أكون عند حسن ظنهم مثلما كنت بالسابق وأيقنت ان الزواج قسمة ونصيب وان الخير فيما قسمه الله لي والحمد الله. بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على الموضوع فوجئنا بمكالمة من أم الشاب تطلب من والدتي تحديد موعد لزيارتنا لمناقشة أمر زواجي من ابنها ومعتذرة عن انقطاعهم بحجة ظروف مر بها ابنهم - خطيبي السابق أدت الى تغيبه تلك الفترة كما فوجئت برسالة منه على ايميلي يشرح لي سبب تغيبه وهو انه شك في سلوكي بعدما تجازوت معه في سيارته وخشي أن يرتبط بفتاة مخادعة فهو لا يستطيع ان يثق ويتزوج بفتاة خانت ثقة أهلها حتى لو كان باقي على عقد قرانها أسبوعاً. لكنه اكتشف انه يحبني كما إنه هو نفسه ارتكب نفس الخطأ معي فلماذا يلومني ولا يلوم نفسه أيضاً؟ وقرر ان يرجع لي ولكن بعد ان يتأكد من سلوكي موضحاً انه خلال فترة مقاطعتي كان يراقب تحركاتي ويعرف أين اخرج وأين اذهب. إلى أن اطمأن أنني ملتزمة بالأصل ، لكن في لحظة ضعف ارتكبت بعض الأخطاء معه، وقرر أن يستكمل موضوع الزواج ومستعد لتعويضي عن كل ما عانيته من ألم أثناء فترة انقطاعه عني وموضحاً انه هو الذي طلب من أهله الانقطاع عن محادثتنا حتى يتأكد من سلوكي كما أن أمه تحاول ترطيب الأجواء بعد الانقطاع المريب وتقوم بين فترة وفترة بالاتصال بوالدتي في سعيها الى إعادة العلاقات الجيدة إلى الأسرتين وترك لي والدي حرية القرار، لكنني حائرة. كيف أقتلع الشك والريبة من قلبه بعد ان استدرجني للعبث، وأشعر انه لم يحترمني أو يحترم أهلي وجعل القرار قراره هو وحده؟ فهو من تقدم خاطباً لي عندما كان ملهوفاً علي وهو الذي قاطعني وابتعد مع اهله عندما شك في، وهو الذي عاد عندما قرر العودة دون مراعاة لشعوري. إن احتقاره لمشاعري تؤلمني وأشعر أنه لا يحترمني ولا يقدرني. كما جعلني أكتشف أنه إنسان أناني، ومن جهة أخرى أفكر بأنني فتاة على أبواب الثلاثين وأخشى أن تكون هذه فرصتي الأخيرة، فهو إنسان يراه الكل ملاكا والكل يشهد بطيبة أخلاقه وقدرته على تحمل المسؤولية، والتزامه وإحساسه بأهله وبمعنى الزواج وتكوين الأسرة. إنني حائرة جدا..مازلت مجروحة منه، ولست على ثقة من استقرار حياتي معه بعد هذا التصرف المهين الذي صدر عنه. فهل أرجع اليه؟ أم ماذا أفعل؟ أرجو النصيحة. سوزان ن. النصيحة القارئة العزيزة: نشكر لك ثقتك في إمكانية مساعدتك في حل مشكلتك ولندع الظروف التي نشأت فيها علاقتكما، وما جرى من تجاوزات جانبا، ويكفي أنك تقرين بالخطأ، والرجوع عنه وعودتك إلى طريق الصواب، ونجاحك في اتخاذ موقف إيجابي من تلقاء نفسك، مما يدل انك فتاة طيبة النشأة والتربية. نعود إلى مشكلتك الحالية في حيرتك “هل تعودين إلى خطيبك أم تستمرين في مقاطعته، ورفض عقد القران والزواج منه، وسأكون معك صريحاً إلى حد كبير حتى يمكن لك أن تسترشدي بهذا الرأي: أولا.. إن الشباب الذين يمرون بتجارب مشابهة لما حدث، لا تخرج ردود أفعالهم عن أمر من ثلاثة، الأول يتسم بالنذالة وعدم الأخلاق بالتهرب من المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية ويختفي، ويسقط من حساباته كل النتائج مهما كانت، ويبحث عن ضحية أو مغامرة جديدة. والثاني يبدي استعداداً جيداً لتصحيح الخطأ، ويشعر بالمسؤولية المشتركة فيما جرى، ويقرر الاستمرار مع الفتاة التي شاركته “التجاوز” ويستوعب تماماً الظروف، والمشاعر، وتفهم ما حدث، ويقرر بجرأة وشجاعة وقدرة على تحمل المسؤولية، ومواجهة الذات، ويستمر في علاقته ويتوجها بالزواج والاقتران مع شريكته، وهذا النوع يتسم بالإيجابية وقوة الشخصية. أما النوع الثالث فهو الذي يختار أن يستمر مع شريكته بتردد داخلي وعدم قناعة ذاتية، وشكوك، والإحساس بالذنب الداخلي أو عدم القدرة على اتخاذ قرار الانسحاب، لكن تستمر معه شكوكه ومشاكل انعدام الثقة، وتدني النظرة، وغالباً ما تنتهي هذه الزيجات بالفشل. ولكن ما نراه الآن في خطيبك أمر مختلف، فهو أراد أن يحتفظ بك، ويتحمل مسؤوليته، ويصحح خطأه، لكن في نفس الوقت بعد أن يطمئن إليك، وإذا كان قد أخطأ في السابق، فإنه ينظر إلى الأمر بعد الزواج نظرة مختلفة، وإذا كان لم تسمح له الظروف من اختبارك في السابق، فإنه أراد أن يضعك في اختبار حقيقي من وجهة نظره حتى يركن إليك كزوجة، ومن المؤكد انه أحبك، وأنه يتمسك بك مادام قد عاد يطلب ودك وموافقتك من تلقاء نفسه بعد فترة من القطيعة. أرى ألا مجال لتضييع مزيد من الوقت تحت مسميات الجرح، والكرامة، وما إلى ذلك، فالمشاعر الصادقة تسمو فوق كل هذه الأمور، ويكفي استعداده واعترافه، وعزمه على الاقتران بك، مما يؤكد صدق نيته، وأن التنازل في بعض الأحيان قد يكون ضرورياً لاستمرار الحياة، حتى بعد الزواج، وأظن أن سنك لا يسمح بالمزيد من الانتظار، أو المرور بتجربة جديدة، وإذا كان خطيبك يتمسك بك الآن فأظن ألا توجد دوافع تكرهه على ذلك، ولكن الأمر يحتاج إلى لقاء مصارحة ومكاشفة، وأن تؤكدي له أن ما جرى تحت شعار تأجج المشاعر ليست إلا صفحة يجب أن تطوى إلى الأبد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©