الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بناء الثقة يبدأ بالثقة

14 فبراير 2010 20:41
يُوفّر مشروع قانون كيري-لوغر من الحزبين الأميركيين، برنامج معونة ضخما لشعب باكستان. هذا هو التوجه الصحيح لتحسين العلاقات بين البلدين. لا يثق غالبية الباكستانيين بالولايات المتحدة لأنهم يعتقدون أنها تفضّل الدكتاتوريين العسكريين على الديمقراطيين المدنيين، وأنها تُسرع بالتخلي عن برامج الإغاثة والمعونة الاقتصادية الموعودة بعد أن تحقق غاياتها الأمنية. لكن المشروع المذكور يشكل هجمة مباشرة على العقبة الرئيسية أمام تحسين العلاقات الأميركية الباكستانية من خلال تقديم المعونة الموجهة للمدنيين. صُدِمَت واشنطن عندما واجهت سيلاً من الانتقادات من مختلف نواحي باكستان. شعرت المؤسسة العسكرية الباكستانية بالإهانة من تركيز مشروع القانون على الحكومة المدنية التي تعتبرها غريمة لها في السلطة. وشعرت النخب الحكومية أنها عوملت باحتقار بسبب الاعتماد الكبير على المنظمات غير الربحية في توزيع المعونة، بعد أن يأخذ المسؤولون الحكوميون الفاسدون ومدراء المنظمات غير الحكومية حصتهم منها! سيتم توزيع أموال المعونة قريباً، لكن إن لم نعد التفكير بأسلوب لتنظيم البرنامج الضخم، فستكون له نتائج عكسية في عملية بناء الثقة ومساعدة الشعب الباكستاني. ويتوجب التعامل مع مجالات ضعف رئيسية ثلاثة: أولها أن الباكستانيين بالغوا بتوقعاتهم من برنامج المعونة الجديد. لكن 1.5 مليار دولار سنوياً ليس سوى نقطة في بحر إذا تم قياسه باحتياجات باكستان التنموية. والمؤسف أن العديد من الباكستانيين يتوقعون أن يتعامل برنامج المعونة مع جميع مجالات فشل القطاع الاجتماعي. ثانياً، لم يتغير توجهنا في باكستان منذ استراتيجيات الحرب الباردة حيث علقنا في المفهوم الخاطئ القائل بأن بناء المدارس سوف يحقق مشاعر مساندة لأميركا. لكن من غير المحتمل أن تؤدي مشاريع المعونة، وفي غياب فهم أعمق للأحوال الاجتماعية والثقافية، إلى تغيير في مواقف الشعب الباكستاني. وأخيراً فإن الكثيرين في باكستان فهموا أسلوب "صُنِع في أميركا" المتبع حالياً لتصميم وتطبيق ومراقبة برامج المعونة، على أنها طريقة متغطرسة ومنحازة نحو النخب. ربما يقدّم التوجه الجديد الذي تتبناه وزارة التعليم في إدارة الرئيس أوباما مع صندوق "السباق إلى القمة"، نموذجاً مفيداً لتوزيع أموال مشروع قانون كيري-لوغر. فوزير التعليم يعرض 4.3 مليار دولار على شكل أموال تحفيزية لأية ولاية أميركية أو قطاع مدرسي أو مجتمع محلي في مسابقات لأفكار ابتكارية لتحقيق أهداف البرامج، مثل تحسّن في إنجازات الطلبة. ويقدم برنامج معونتنا السخّي فرصة لتحدي الباكستانيين لتصميم برامج تحقق قيماً تحترمها كل من أميركا باكستان معاً. لا يمكن أن يشكّل أي برنامج إغاثة أجنبي بديلاً عن الإجماع الوطني، لكنه قد يساعد على دعمه. لذلك يجب أن تكون الخطوة الأولى إجراء حملة تواصل لإشراك الجمهور الباكستاني في حوار حول أهداف مشروع كيري-لوغر ومحدداته ومتطلباته من أجل إجماع أفراد المجتمع والاستثمار العام حتى يتسنى ضمان النجاح. الخطوة الثانية فتح العملية لشركاء جدد في التنفيذ من خلال طرح مقترحات عديدة. يجب أن نفتح العملية أمام أية مجموعة لها أفكار جيدة قادرة على تحقيق نتائج، بالذهاب إلى ما وراء الوزارات الفيدرالية التقليدية والمنظمات غير الحكومية الأكبر حجماً. ومن الأمور المهمة أن إشراك الباكستانيين في برامج الإغاثة سيؤدي إلى نتائج تحقق النوايا الأصلية للمشروع. وسوف يتم التعرّف على قادة جدد من خلال فتح العملية وراء الدائرة المحدودة للنخب. سوف نشجّع، من خلال السماح لباكستانيين يعرفون وضعهم وثقافتهم أفضل منا، بالمشاركة في هذه العملية، على إيجاد حلول مناسبة أكثر من الناحية الثقافية. ومن شأن عملية أكثر انفتاحاً أن تضمن مشاركة المجتمع ونيل تعاطفه. لكن هذا التوجه يرتكز على الفرضية القائلة بأن بناء الثقة يبدأ أولاً بإبداء الثقة في الجمهور الباكستاني على نحو كافٍ يتيح له تصميم وتطبيق برنامج يناسبه. سفيرة الولايات المتحدة في باكستان (2001 - 2002) ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©