الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطلاق الناجح ···رحمة وخروج بأقل الخسائر!

الطلاق الناجح ···رحمة وخروج بأقل الخسائر!
24 ديسمبر 2006 00:31
تحقيق - خوله علي: ربما يكون مصطلح ''الطلاق الناجح'' غير موجود في قاموس العديد من الذي فضلوا الانفصال من دون أن يعوا أو ينتبهوا لتبعات الطلاق الذي ما أن يقع حتى يجر خلفه سلسلة من المشكلات التي يشيب لها الرأس· وفي المحاكم ما ينبئ عن الحال المزري الذي يعيشه بعض المطلقين إثر الطلاق، وساحاتها تشهد مشكلات كثيرة يشعل نيرانها كلا الزوجين المطلقين حيث يحاول كل منهما كبح جماح الآخر، وينسيان أن الخاسر الوحيد أولاً وأخيراً هم الأبناء· في حين أن الطلاق الناجح والتفكير بعقلانية واتزان لترتيب الوضع بعد الطلاق ربما يكون الوسيلة التي تسد فوهة العديد من الكوارث· طريق مسدود يقول جابر محمد: ''شاءت الظروف أن نجد أنفسنا أمام طريق مسدود تماما بعد رحلة زواج دامت أكثر من عشر سنوات وكانت ثمرته خمسة من الأبناء· ضاقت بنا الحياة من ''الخناقات'' والمشاجرات اليومية التي لا أجد لها تفسيراً سوى عدم التوافق العقلي بيننا كزوجين، فلا أخفي عليكم بأن الطلاق وقع مرتين بيننا وجاءت الطلقة الأخيرة لتكون الحد الفاصل في استمرار هذه العلاقة· جاء الطلاق بناء على معطيات مدروسة وأسس وضعناها حفاظا على نفسية أولادنا الذين ربما تجرعوا مرارة هذا الطلاق بثبات وقوة أكبر، بالطبع، كنا نحاول أن نحقق لهم الهدوء والسكينة بعيدا عن الخناقات التي كانوا يتسمرون أمامها ويترقبون بصيص أمل في أن تنقشع مشاهدها المؤلمة· الغريب والمضحك في ما جرى؛ أننا أصبحنا أكثر اتفاقاً حول رعاية أبنائنا ونحن منفصلين، بينما كنا فيه نتبارز في ''حلبة الصراع الزوجي'' ويلقي كل منا مسؤولية العناية بالأبناء على الآخر''· أفضل المتاح يعبر عمران البلوشي عن ألمه من أن ينحل الرباط المقدس الذي سنَّه الشارع، ونظم من خلاله القوانين التي تحكم وتوجه العلاقة الزوجية التي تعد أحد أركان بناء هذا المجتمع، ويقول: ''نحن لا ندعو إلى ''أبغض الحلال'' بقدر ما نريد أن نصل إلى تسوية تخفف من تبعات وقع الطلاق على الطرفين في حال انعدام التوافق بينهما· ودائما نجد أن الأبناء هم ضحايا ما يقترفه الآباء من سلوك، فيجب أن نوجه دفة العقل إلى الوجهة الصحيحة التي على ضوئها يحقق الآباء ما عجزوا من تحقيقه وهم مرتبطون''· وفي حين تعتقد الغالبية العظمى من المتزوجين أن الطلاق حرية وخلاص من المشكلات، يرى محمد المزروعي ''أن الطلاق بحد ذاته مسؤولية تترتب عليه التزامات وأحكام كثيرة ولاسيما مع وجود الأولاد، وعلى الزوجين أن يراعيا الجوانب الشرعية والنفسية والتربوية والاجتماعية المترتبة عليه، ولا يقدمان عليه إلاّ بعد دراسة وافية لتبعاته ونتائجه· فقرار الطلاق لا يأتي إلا نتيجة سوء المعاشرة والشقاق والنزاع مما يجعل الحياة مستحيلة، ويجعل الشقاق من سمات هذه الأسرة وهنا قد يكون الطلاق رحمة''· رؤية غائبة وتؤكد علياء أحمد أن ''هذه الرؤية الايجابية غير موجودة تماما في ذهن المتزوجين الذين ما أن ينحل هذا الميثاق بينهم حتى نجدهم يتسابقون إلى قاعات المحاكم للنيل من الطرف الآخر والتنكيل به، فالنزعة العدائية تزداد حدة والأبناء هم الذين يدفعون ثمن الحرب العشوائية''· الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية، تنشئ بيئة موحلة من الأفكار والأخلاق السلبية التي يتشبع بها أفراد هذه الأسرة التي انفك عقدها، هكذا يرى خالد جاسم مؤكداً أن ظاهرة الطلاق تزداد حدة في وقتنا الحاضر· وبالرغم من خطورة هذه الخطوة التي تعد نهاية المطاف لعلاقة زوجية إلا أنها قد تكون وسيلة ايجابية في بعض الأحيان للحفاظ على ما تبقى من هذه الأسرة التي فقدت عنصر التفاهم والنقاش في هدوء، وتعالت الأصوات بين مندد ومتوعد· في حالة كهذه لا يمكن أن تكون الأسرة بيئة صالحة لنمو أطفال أسوياء، لهذا يكون الانفصال هو الطريق الآمن للحد من تفاقم المشكلة بين الزوجين، وحماية وصون نفسية الأبناء· بيد أن مجتمعنا يرفض هذا الأمر تماما ويقف في كثير من الأحيان حائلاً دون تحقيقه متخذاً أساليب الضغط المســـتمر على الزوجين والذي ينعكس سلباً على محيط الأسرة''· أبغض الحلال وعن رأي الدين في هذه المسألة تقول د· نعيمه محمد (باحثة في الدراسات الشرعية): إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، فهو خطوة مكروهة منطقاً وشرعاً، ويهتز عند وقوعه عرش الرحمن، إلا أن الله ''سبحانه وتعالى'' شرعه رفقا بالزوجين اللذين وصلا إلى طريق مسدود وانعدمت كل الحلول في إمكانية استمرار العلاقة بينهما· والطلاق آخر ما يمكن أن يلجأ إليه الزوجان أو كما جاء في المأثور ''آخر العلاج الكي''· وقد يكون هذا العلاج هو الوسيلة الوحيدة لاستنقاذ ما يمكن إنقاذه وبالأخص إنهاء الوضع النفسي السيء الذي يعيشه الأبناء، من جراء شقاق الوالدين· ونأمل أن يفكر الزوجان ملياً بحقيقة الوضع ما بعد الطلاق، وكيف يمكن أن يقلصا من آثاره السلبية باتفاقهما على التفاهم بهدوء وعقلانية صونا لمستقبل أبنائهما·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©