السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمزق بشرايين الأسرة

24 ديسمبر 2006 00:51
أدى تداخل العمل والمسؤوليات اليومية سواء للرجل أو للمرأة إلى بروز ظاهرة وجود الخدم في المنازل، ذلك لما يقتضيه الحال وطبيعة العمل اليومية للزوجين، ولزوم وجود هؤلاء الخدم بشكل عام ومكثف في مثل هذه البيوت والأسر الخليجية ومجتمعنا في الامارات، هو ليس ببعيد عن هذا النمط المعيشي والسلوك اليومي باعتباره جزءاً من الجسد الخليجي ومرتبط معه في عامل الطفرة النفطية الحديثة، وفي تصرفاته وسلوكياته، ومقترن معه كذلك في العادات والتقاليد سواء القديمة وهي الأصلية أو الحديثة بعد الطفرة البترولية وسيادة لغة المال والأعمال على المجتمعات الخليجية، ونأخذ الجانب المهم في الموضوع وهو جانب الخدم وما يشكله من أهمية كبرى في تدبير شؤون الأسرة المحلية وما ترتب على ذلك من جراء الاعتمــاد عليهم بروز مشاكل عديدة وغريبـــة لم تكن سائدة أو ظاهرة في السابق؛ مما أدى إلى تسيب عائلي أسري ليس بقليل ولكنه تسيب كبير ملفت للنظر، منها على سبيل المثال لا الحصر تعلق أبناء الأسرة بالمربية أو الخادمة، ذلك نظرا لانشغال الأم لفترة طويلة بعملها وبقاء هذا الطفل في حضن وتحت رعاية الخادمة ترتب عليه أن اكتسب لغة غير لغته، وحنانا مكتسبا هو الآخر غير حنان أمه، وتولدت لديه عادات وتصرفات وسلوكيات غريبة عن مجتمعـه، ونتيجــة لذلــك فقد اتسعت حلقة الفراغ وزادت الهوة عمقا بين هذا الطفل الذي سيكون هو رجل المستقبل وبين والدته، هذا إذا ما علمنا أن بعض الأسر وليس كلها حتى لا نعمم الكلام بشكل أوسع وإن كان هو موجود وبشكل واضح وجلي، فبعض من الأسر لا تهتم بمتابعة ما يجري من أمور وتصرفات الخدم سواء خارج البيت أو بداخلــه، فكانــت النتيجة جراء هذا الإهمال وهذا الانفلات هو أن صار هناك نوع من عدم المبالاة بما يقوم به الخدم، كما أن وفي وقتنا الحاضر الكثير من البيوت بها بدل الخادمــة الواحـــدة العديــد من الخدم والمربيات والسائقين والسائقـات والمزارعين وقس على ذلك الكثير، ماذا كانت النتيجة؟ حدث تمزق في شرايين الأسر والمجتمعات الخليجية، وتقطعت أوصال الكثير منها وتولدت جرائم ومشاكـــل ومتاعب ربما نعرفهــا أو لا نعرفهـــا وما خفي كــان أعظم، لأنــه لم تكن هناك متابعـــة جادة من قبل رب الأسرة أو ربة الأســرة لكل ما يقوم به هؤلاء الخــدم في منازلنــا، وترك لهم الحبل على الغارب، يفعلون ما يشاؤون، يخرجون على هواهم ومتى ما يريدون، لا ندري ماذا يفعلون خارج المنزل من تصرفــات وسلوكيـــات قد تكون شاذة، وهــذا شيء معروف لدى الجميع· وحتى لا نطيل كثيرا في هذا الجانب لنا كلمة واحدة فقط وهي ضرورة متابعة أمور وشؤون الخدم في كل أحوالهم وتصرفاتهم؛ لأن الأمر يحتاج إلى شيء من الحزم والشدة معهم حتى لا نصاب أو نبتلى بأمراض المجتمعات الغربية التي اعتمدت أسرها بشكل كامل على الخدم، وكانت النتيجة أن تمزقت أواصرها، وفقد الحنان من قبل الأبناء تجاه الوالدين، حتى بات رب الأسرة يتزوج من الخادمة دون عيب أو استحياء، ولا أعتقد أن هذا الأمر غائب أو مجهول عن أسرنا المحلية والخليجية بصفة عامة، مما أدى إلى ظهور أبناء فاقدي الإحساس بالشعور الصادق تجاه الوالدين· ونحن لا نريد أن يكون مثل ذلك متفشيا وظاهرا للعيان في مجتمعاتنا العربية المسلمة المحافظة، هذا ما نتمناه فعلا أن لا يسري هذا الداء في عروق مجتمعنا، وسيكون لنــا بإذن الله تعالى مقال آخر في نفس هذا السياق، سنحاول أن نبين فيه أهم الآثار السلبية التي تركها بيننا هؤلاء الخدم من جراء اعتمادنا الكبير عليهم، بعد أن تركنا لهم الحبل على الغارب والجمل بما حمل، مع عرض لبعض الحلول لهذا الداء الخطير، وهــذا الوبال الذي استشرى في مجتمعنا الخليجي والإماراتي على وجه الخصوص، وما ذكرنــاه ما هو إلا توطئــة لما سنذكــره في المقالة اللاحقة إن كان لنا في العمر بقية· حمدان محمد - كلباء
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©