الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرئيس الأميركي بركة أبو عمامة

الرئيس الأميركي بركة أبو عمامة
10 أكتوبر 2014 22:10
من الطرائف التي تنسب للزعيم الليبي غريب الأطوار معمّر القذافي قوله إن الأديب الإنجليزي الشهير، بل أعظم من خطّ بالقلم في اللغة الإنجليزية، وليام شكسبير، رجلٌ عربيٌ اسمه «شيخ زبير»، فـ «شِك» أصلها «شيخ»، و«سبير» أصلها «زبير»، بدليل أن كلمة «شكسبير» لا معنى لها في اللغة الإنجليزية. ومن طرائفه أو معلوماته أن الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما اسمه الحقيقي «بركة حسين أبو عمامة»، ولا أعتقد أن أحداً يستطيع الجدال بشأن الاسم الحقيقي للرئيس بركة أبو عمامة، إذ التشابه الإيقاعي بين الاسمين مما لا يختلف عليه كبشان. ومن حسن حظ هيلاري كلينتون أن القذافي لم يجلس بعد وجبة دسمة «يمخمخ» وهو يتخيلها، وإلا لقال إنها رجل اسمه «هريدي كميل عون». والقذافي كان أحد الخبراء المعروفين في فن قلب الحقائق بملعقة التشابه اللفظي للكلمات، ثم تحريك تلك الحقائق على مقلاة الاستنتاج العشوائي حتى تصبح حقيقة أخرى لا طعم لها ولا لون، لكنه ليس الوحيد في هذا المطبخ العامر بالمضحكات، فأعرف خبّازاً يؤكد أنه من قريش، رغم أنه من بلدة تسمى «كراش»، تقع في البر الآخر من الخليج، وتبعد آلاف الأميال عن مكة. ويرسم هذا الأخ مسار الأحداث هكذا: أجدادي القرشيين هاجروا لسبب ما إلى البر المقابل من الخليج، واستوطنوا منطقة غير مأهولة، وحين بدأوا يتواصلون مع أهالي المناطق المجاورة الذين لا يعرفون اللغة العربية، أخذ هؤلاء يطلقون على منطقتهم اسم قريش، من باب تسمية المواضع باسم أهلها. وبمرور الأزمان، وتعاقب الأحقاب، تطوّر اسم المنطقة من «قريش» إلى «كريش»، ثم انتهى أخيراً إلى اسم «كراش». وعلى المنوال نفسه، يُقال إن كلمة «مافيا» الإيطالية، والتي تعني العصابة، كلمة عربية الأصل، والحكاية المزعومة تقول إن الإيطاليين في صقلية كانوا يطاردون العصابات ويقتحمون البيوت، ومن ضمنها بيوت العرب، وكانوا يسألون أهلها عمّا إذا كان اللصوص قد اختبأوا عندهم، فكان هؤلاء يقولون: ما في! ما في! (أي لا يوجد)، فاعتقد الإيطاليون أن «ما في» هي المرادف لكلمة عصابة. وهكذا، يمكن تحويل أو تحوير أو تركيب أي كلمة أو كلمات في العالم ثم استنتاج «الحقائق» من ذلك التشويه اللغوي، فأنا شخصياً أعتقد أن الفيلسوف اليوناني الشهير سقراط أصله عربي، والذي حدث أن سوق المجوهرات في بغداد كان يطلق عليه اسم «سوق القيراط»، باعتبار أن القيراط وحدة القياس المستخدمة لقياس كتلة الذهب، وكان الناس يطلقون على طبقة أصحاب محالّ الذهب والمجوهرات اسم «السوقراطيين»، وعلى الحرفيين العاملين فيها اسم «الجواهرجيين». وكان الرجل الذي أصبح فيما بعد سقراط العظيم، الابن الوحيد لتاجر ذهب معروف، وبعد وفاته تآمر الحرفيون على ولده وانتزعوا المحل منه وطردوه إلى الشارع، فترك هذا بغداد وهام على وجهه ما بين البراري والبحار، وفي طريق الضياع الذي كان يسير فيه، أخذت الأنوار الفلسفية تهبط عليه من السماء على شكل أعمدة تضيء لياليه الحالكة، حتى بلغ شواطئ اليونان، وهناك سألوه عن اسمه، فاعتقد أنهم يسألونه عن الطبقة التي ينتمي إليها، فقال «سوقراطي»، فأصبح اسمه بين اليونانيين سقراط، بينما اسمه الحقيقي أبو رامي. ويقال إن الشعب الكولومبي أصله فارسي، ذلك أن كسرى أنوشروان أرسل سفينة استكشافية لبلاد ما وراء البحار بقيادة الملاح الشهير غلوم، وبعد سنوات عاد غلوم من رحلته ودخل قصر الملك ووقف مطأطئ الرأس بين الوجهاء وسادة القوم، لعلّ الملك يتكرم بالنظر إليه. وبعد أن فرغ كسرى من الحديث مع أحد أعيان الإمبراطورية، انتبه إلى وجوده، فأومأ إليه بالاقتراب من العرش وهو يهتف بفرح: «غلوم بيا»، أي تعال يا غلوم. وراح غلوم هذا يصف للملك رحلته البحرية للأرض التي يطلق عليها اسم كولومبيا، والملك يقهقه ويمسح بين الحين والآخر على رأس غلوم إعجاباً به وببطولاته على سواحل أميركا اللاتينية، وأخذ الحضور ينظرون إلى بعضهم بعضاً حسداً لغلوم الذي استأثر بإعجاب الملك، ويتمتمون بتهكم: غلوم بيا! غلوم بيا! وهكذا، شاعت عبارة «غلوم بيا» في أنحاء الإمبراطورية، وارتبطت في الأذهان بتلك الأرض التي اكتشفها غلوم، وأخذ الفرس يهاجرون إليها بقصد الاستيطان. وبمرور الأزمان، وتغير اللغات، واختلاط البشر، تحولت عبارة «غلوم بيا» إلى «كولومبيا». وكما هناك الاستنتاج لمجرد التشابه الإيقاعي بين الكلمات، هناك استنتاج لمجرد التشابه الشكلي بين الحركات والعلامات والإشارات، ويكفي مثلاً أن يظهر زعيم منظمة «كو كلوكس كلان» وهي منظمة أميركية عنصرية ومعادية للسامية، وهو يضع إصبعه في أنفه أمام عدسات الكاميرا في أثناء القبض عليه مثلاً، ليصبح كل إنسان على وجه الأرض يضع إصبعه في أنفه، معادياً للسامية. وربما تذهب إلى صالون حلاقة بعد عودتك منهكاً من العمل، وتسلّم وجهك بيد حلاق مبتدئ وتخلد إلى النوم، ثم تخرج من دون أن تلقي نظرة على الشارب المربع الذي أحدثه على وجهك، وتقف في انتظار سيارة أجرة، وترفع يدك عالياً لإحداها وأنت تهتف لسائقها بالتوقف، ثم تجد في اليوم التالي صورتك في الجريدة مع خبر عن عودة هتلر إلى الحياة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©