الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألم قلم

25 سبتمبر 2011 20:00
يخط الكاتب أفكاره بمداد قلمه المتصل بشرايينه، ويتحمل مسؤولية الكلمة، التي قد يدفع حياته ثمناً لها، حين خطها قلمه بصدق معبراً عما يختلج في ضمير الناس، فالقلم ليس سلاحاً للتجريح، إنما هو أداة بيان، شمعة تنير الدرب للآخرين، بلسم للجراح، مشرط طبيب يشخّص فيجرح ليداوي.. القلم لغة أصل صحيح يدل على تسوية، وسمِّي القلمُ قَلماً، لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلمُ من الظُّفر، والكتابة بالقلم تقلم من حنايا الكاتب، تنحت من روحه ووجدانه. لم يكن مداد القلم يوماً حبراً على ورق، كما يراه الجاهلون بماهية الكلام، فإن الكلمات التي يكتبها صاحب القلم ويسجلها التاريخ غالية الثمن، فحروفها قطع من فلذات كبد الكاتب صبّها بكل ما أوتي من صدق وجرأة، ولم تصل إلى ما وصلت إليه من قوة وتأثير في الناس لولا أنها عُجنت بمداد القلب ونظمت بأعصاب الكاتب المستنفرة دائماً.. و«العلق» و«القلم» أول سورتين نزلتا من القرآن الكريم، نزلت العلق أولاً مفتتحة الوحي بالأمر الشهير (اقرأ) وتبعتها القلم مباشرة وفي صدرها قسم إلهي (ن والقلم).. وهكذا جاءت أول رسالة من السماء تنوه بالقلم وشأنه والقراءة وخطرها (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ،الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)، (العلق:1-4) يضيء القلم بوهج الحروف المتدافعة التي لها قدسيتها الخاصة، لأنها قدت من الروح والوجدان، تحيي نفوساً غارقة في يأسها.. قال شكسبير: “مداد قلم الكاتب مقدس مثل دم الشهيد”. لماذا يخاف البعض من أصحاب القلم.. وهل القلم أمضى من كثير من الأسلحة، كم اغتيلت أقلام، وكم غُيبت أقلام، وكم حوربت أقلام، وكم اختُرعت أدوات لقمع القلم، ولماذا؟!، وقال سهل بن هارون: القلم لسان الضمير، إذا رعف أعلن أسراره وأبان آثاره. ويكاد يكون صاحب القلم متهماً بلا تهمة حقيقية، فيقول الشاعر أحمد مطر: جس الطبيب خافقي وقال لي: هل هنا الألم ؟ قلت له : نعم فشق بالمشرط جيب معطفي وأخرج القلم! هز الطبيب رأسه.. ومال وابتسم وقال لي: ليس سوى قلم! فقلت :لا يا سيدي هذا يد ...وفم ورصاصة.. ودم وتهمة سافرة.... تمشي بلا قدم! إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©