الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سوق الطابعات ثلاثية الأبعاد تنتعش

سوق الطابعات ثلاثية الأبعاد تنتعش
20 سبتمبر 2013 21:43
يعكس ما تعرضه شركة رد آي الأميركية مما يقارب 100 ماكينة طباعة ثلاثية الأبعاد، حجم بعضها مثل شاحنة نصف نقل، تصور كيفية عمل المصانع في المستقبل. وليس استمرار عمل هذه الماكينات المتواصل ليلاً ونهاراً، هو ما يؤكد انضمامها لخطوط الإنتاج، بل إن ما تقوم به من صناعات قادرة على قلب ميزان القطاع الصناعي بأكمله. وتقوم الطابعات ثلاثية الأبعاد، بصناعة الأشياء من خلال بنائها بإضافة طبقة تلو الأخرى بمادة محددة، وليس من خلال القطع واللحام وغيرها من العمليات، ليطلق عليها اسم الصناعة الإضافية. وتتميز هذه الصناعة بالعديد من الطرق التي وباستخدامها لقرص برنامج معين يمكنها إنتاج كل سلعة مختلفة عن الأخرى، دون الحاجة إلى عملية تغيير الماكينات ذات التكلفة العالية. وجعل ذلك الطباعة ثلاثية الأبعاد، وسيلة معروفة لإنتاج سلعة لمرة واحدة فقط، خاصة النماذج والأدوات وأدوات الصناعة الحرفية. ويرى بعض المشككين أمثال تيري جو، رئيس فوكس كون، أكبر شركة في العالم لصناعة الأجهزة الإلكترونية، والتي تقوم بصناعة العديد من منتجات أبل في الصين، أن هذا النوع من الطباعة لا يخلو من العيوب وأنه لا يملك القيمة التجارية كالسلع المصنعة الأخرى. كما أن هذه الصناعة ليس المقصود بها حل محل الصناعة الشاملة. وعلى الرغم من تطور التقنية، فإن جودة وقوة بعض السلع المطبوعة، لا تفي بمتطلبات المنتجين. وليس بمقدور الطابعات ثلاثية الأبعاد، إنتاج أجزاء مطابقة بتكلفة قليلة كما هو الحال في خطوط الإنتاج الشامل. ومع ذلك، لا تخلو هذه الطابعات من المحاسن، ما يفسر سبب إقبال الشركات الكبيرة عليها، مثل أيرباص وبوينج وجنرال اليكتريك وفورد وسيمنس وغيرها. وتعتبر سوق وخدمات هذا النوع من الطابعات صغيرة، إلا أنها تنمو بخطى سريعة، حيث بلغ حجمها العالمي في العام الماضي نحو 2,2 مليار دولار، بزيادة 29% على 2011. وفي حين أصبح المنتجين أكثر دراية بتقنيتها، تحولوا من النماذج إلى المنتجات النهائية. وتقدر مؤسسة هولرس الاستشارية، أن أكثر من 25% من سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد، تضمنت سلعا منتجة جاهزة للاستخدام في العام الماضي. وتقوم بعض هذه الطابعات بإنتاج قدر محدود من السلع، مثل الأجزاء التي تدخل في تكوين المعدات المتخصصة في صناعة الورق أو الأدوية. كما تعزز مكونات أخرى قطاع الإنتاج الشامل، حيث يستخدم مثلاً العاملون في خطوط تجميع شركة بي أم دبليو، بعض الأدوات لتسهيل عملية تثبيت ورفع القطع. ويتم كذلك الاستعانة بقوالب البلاستيك المنتجة من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد، لإعداد واختبار خطوط الإنتاج ولتحل مؤقتاً مكان بعض المعدات المعدنية التي تعرضت للتلف. وتلجأ بعض الشركات للاستعانة بهذا النوع من الطباعة في حال تعذر الحصول على بعض قطع الغيار، مثل واحدة من شركات الطيران الأميركية الكبيرة، ما ساعدها على إعادة بعض طائراتها للتحليق في الأجواء مرة أخرى. واضطرت هذه الشركة لوقف طائراتها من طراز ماكدونال دوجلاس أم دي 80 القديمة نتيجة تسرب في دورات المياه، الذي تم إصلاحه بتوصيلات بلاستيكية جديدة أنتجتها الطابعات ثلاثية الأبعاد. وبتطور هذه الطباعة وتحسن المواد، أصبح من الصعب التفريق بين المواد المطبوعة والمصنوعة في المصانع التقليدية. ويُعول على الطابعات الكبيرة، صناعة الأجزاء الكبيرة التي لا يمكن إنتاجها بالطرق التقليدية، مثل أعمدة هياكل السيارات الخاصة التي تتميز بأشكال معقدة. وتعتبر شركة ستراتاسيس الأم لشركة رد آي وشركة 3 دي سيستمز، الرائدتان في مجال صناعة الطابعات ثلاثية الأبعاد في العالم. وتعمل الأولى من مقرها في ولاية كارولينا الجنوبية بالولايات المتحدة، في صناعة الأدوات المستخدمة في قطاع الرعاية الصحية، حيث تختلف المنتجات باختلاف متطلبات المرضى. وتوصلت الشركة لإنتاج الملايين من أدوات السمع، من خلال المسح الضوئي لقنوات الأذن. وفي البداية كانت صناعة هياكل هذه الأدوات تتم عبر قوالب الطابعات، لكن وبتطور البلاستيك المتوافق حيوياً والذي لا يسبب حساسية لجلد المريض، أصبحت صناعتها تتم مباشرة بالطباعة. وتقوم الشركة كذلك بإنتاج طقم شفاف من البلاستيك لتقويم الأسنان بدلاً من الحديد، عبر المسح الضوئي لفم المريض وإنتاج طقم مكون من 20 قالبا أو أكثر تختلف قليلاً عن بعضها البعض. وتمكنت الشركة في العام الماضي من إنتاج 17 مليون من هذه الأطقم. وتبنى قطاع الطيران أيضاً الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث تستخدم طائرة أف 15 الحربية نحو 90 قطعة مطبوعة، رغم أن إنتاجها سبق دخول الطابعات إلى الأسواق، في حين تستخدم طائرة أف 35 الحربية الجديدة نحو 900 من هذه القطع. ولم تنأ جنرال اليكتريك بنفسها عن هذه التقنية، حيث من المتوقع أن تستخدم الشركة عشرات الآلاف من القطع في محركات الطائرات وحدها بحلول 2020. وفي الصين، رأت الحكومة الاستفادة من هذه الصناعة في الوقت الذي بدأت فيه أجور العاملين في الارتفاع وبعض الصناعات الأجنبية، في العودة إلى أوروبا وأميركا. ومع أنها ليست بمستوى التطور الذي بلغته أميركا في هذا المجال، فإن الصين تحدوها طموحات كبيرة. وتتوافق العديد من عمليات الطباعة ثلاثية الأبعاد مع الصناعات التقليدية في الصين. وتوجد بعض اكبر الطابعات ثلاثية الأبعاد في العالم في الصين، التي يجلس رواد فضائها على مقاعد مصنوعة بهذا النوع من الطباعة تم تصميمها خصيصاً لتتناسب مع أجسامهم. ويستخدم المهندسون العاملون في إحدى شركات صناعة الطائرات المنافسة لبوينج وأيرباص، طابعات ضخمة يتراوح طول بعضها 12 متراً، لطباعة أجزاء من التيتانيوم تتضمن قطع غيار الأجنحة وهيكل جسم الطائرة. ومن المتوقع أن تشهد قيمة هذه الطباعة، المزيد من الزيادة في ظل وجود أنظمة قادرة على طباعة دائرة كهربائية داخل أو فوق الأجزاء المصنوعة. وتبذل كل من زيروكس وديزني، جهوداً في هذا المجال بجانب شركة جي كي أن للطيران البريطانية. وعلى الرغم من القيود التي تتميز بها الصناعة الإضافية، مثل البطء في صناعة عمود لهيكل سيارة ما مثلاً الذي يستغرق عدداً من الساعات، إلا أن ذلك ربما يتطلب أسابيع في الصناعة التقليدية. كما أن أسعار المواد مرتفعة نسبياً، مثل مادة أيه بي أس الشائعة الاستخدام في الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي يتراوح سعرها دولارين للكيلو الواحد عند شراء كميات ضخمة وما يمكن أن يصل إلى 80 دولاراً لكيلو المسحوق أو الخيوط. ويعتمد السعر في معظم الأوقات على مدى جودة المادة ونقائها. ووفقاً لآخر التقارير الصادرة عن معهد ماكينزي الدولي، يكمن أحد أسباب تطور قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد، في انخفاض الأسعار وارتفاع حدة المنافسة بعد انتهاء فترة بعض براءات الاختراع خلال عام 2009، ما أدى إلى انخفاض أسعار بعض الطابعات إلى دون ألف دولار. وساعدت عمليات اندماج واستحواذ بعض الشركات في تطور القطاع، حيث استحوذت مثلاً ستراسيس على شركة ميكربوت الأميركية. كما اشترت 3 دي سيستمز 81% من حصة شركة فونكس سيستمز الفرنسية العاملة في مجال طباعة الحديد بالليزر. وربما تبدأ مرحلة أخرى من الاختراع بحلول العام المقبل عند انتهاء بعض براءات الاختراع الخاصة بتلبد الليزر. ونظراً إلى مقدرة تلبد الليزر على طباعة الأشياء في البلاستيك والحديد والسيراميك بأدق التفاصيل، كثيراً ما يمكن استخدامه في المنتج النهائي بدلاً من النماذج. وفي غضون ذلك، أصبحت الطباعة ثلاثية الأبعاد متوفرة بشكل أكبر للذين لا يملكون معدات، من خلال مؤسسات ضخمة لتقديم الخدمات وطباعة ما هو مطلوب، مثل شيبويز في نيويورك وسكلبتيو في فرنسا ومتيريالايز في بلجيكا. وتعمل هذه المؤسسات على طباعة الأعضاء المزروعة ونماذج البنايات والقطع الخفيفة للروبوتات المستخدمة في المصانع وغيرها. ومع أن الطباعة ثلاثية الأبعاد لا تنافس طرق الصناعة التقليدية، إلا أنها مكملة لها ومنسجمة معها، لتحويل أي تصور جديد إلى واقع ملموس. وعند ولوج هذه الطباعة سوق الصناعة الشاملة، تكون قد أكدت حجز مكانها في صناعة المستقبل. نقلاً عن «إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©