الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسواق شعبية تحولت إلى فولكلور خمس نجوم

أسواق شعبية تحولت إلى فولكلور خمس نجوم
8 مارس 2009 04:21
محال متناثرة في بعض الأحياء والأزقة، بسطات وسط الطريق خصوصاً يوم ''سوق الأحد''، أقبية تحت الأرض وأدراج خشبية تهتز تحت أقدام الصاعدين، وكلها تختص بالألبسة الأوروبية المستعملة ''البالة''، فأي سر وراء انتشارها أولاً، وأي أسرار وراء إقبال المستهلك عليها ثانياً··· الأسواق الشعبية في لبنان تحولت إلى نوع من ''الفولكلور'' التجاري، أحد أهم أركانه الطبقة الفقيرة··· وما تبقى من الطبقة الوسطى، ولا يوجد في التاريخ أي شيء محدد، لنشأة وانتشار هذه الأسواق التي تحكمها الحالة الاقتصادية، والنمط الاقتصادي لدى شرائح المجتمع، لاسيما مع عودة الحداثة والتغيير التي طالت كل شيء· تتزايد حالياً ظاهرة بيع السلع ''البالة'' في الأسواق الشعبية، البعض يعزو هذه الموجة، بسبب الركود الاقتصادي الحاصل، والبعض الآخر لضعف القدرة الشرائية للمستهلك اللبناني الذي بدا مجبراً على ذلك، وباتت الملابس المعروفة بـ''البالة''، أو الملابس الأوروبية المستعملة، هي أسماء لنتاج واحد منتشر في هذه الأسواق'' وفي محال متخصصة لبيع هذا النوع من البضاعة، في مناطق خندق الغميق والبسطة، وفي أحياء صيدا الداخلية وطرابلس، حتى أصبحت رائجة وشائعة مثل الفطر· وأمام هذه الظاهرة لابد من اتخاذ إجراءات وقائية لضمان صحة المستهلك، وللحد من انتشارها، بصورة متزايدة، باعتبارها وحسب رأي القيمين والإخصائيين أنها لا تخضع لقوانين الرقابة الصحية· أصحاب محال الملابس المستعملة، و''البسطات'' المنتشرة على جانبي الزقاق في سوق الأحد وغيره، تتنوع بضائعهم، بدءاً من القمصان والكنزات حتى ألعاب الأطفال القماشية والمحشوة، وعند سؤالك من أين تأتيهم هذه ''البالة'' وكم تتراوح أسعارها؟ تجد أنهم لا يملكون جواباً محدداً، حيث يفسر البعض بأنهم يعملون بأجر شهري لدى أصحاب المحال الكبيرة، الذين يعطونهم البضائع، وغير ذلك لا يعنيهم الأمر، مثل كيف تدخل البلد، أو من أين يؤتى بها، فجل ما يهمهم تأمين لقمة عيشهم وقوتهم من أجل عيالهم··· وإن كان البعض أفصح أنها تأتي عبر المرافئ أو في الشاحنات الضخمة، ويدفع ما يترتب عليها من رسوم مالية وخلاف ذلك· ''ماركات'' عالمية أحد أصحاب محال ''البالة'' أبوسعيد قال حول تجارة الملابس المستعملة: بضائعنا نشتريها من التجار الكبار، ونقوم بترتيبها حسب ما تحتويه من أصناف و''ماركات'' عالمية، ثم نقوم بغسلها وكيّها، قبل أن نعرضها للبيع والاستهلاك، وهذا العمل ضروري جداً لنقضي أولاً على بعض الجراثيم إن وجدت، ولإبعاد التالف منها، ولكي يكون المعروض من البضائع مغرياً بشكله على الأقل للزبائن· البضائع متعددة الجنسيات، وفي معظم الأحيان تأتي من بلجيكا والدانمارك والولايات المتحدة، وتدخل البلاد عن طريق المرافئ، ومعها شهادة المنشأ، ودائماً تكون معقمة حسب ما يقوله تجار هذا ''الكار''، الذين يزيدون في إيضاحاتهم، بأنه إذا نفدت البضائع فلا يوجد ما نعمل به، وسنجلس في منازلنا بانتظار فرج الله، لأن لا مهنة أخرى لدينا· عدا أن الكثير من ملابس ''البالة'' تضاهي في جودتها أشهر ''ألماركات'' والأنواع، إن لم تكن أفضل· فتش عن ''البالة'' أحد الزبائن ممن يشترون الثياب من ''البالة'' قال: أجد متعة كبيرة في التجوال في محال الملابس المستعملة، وأقضي الساعات وأنا افتش عما يرضيني حتى أجد ضالتي· والنظرة إلى ''البالة'' لم تعد تحرجني، خصوصاً وأنا أرى أشخاصاً لهم وزنهم ومكانتهم، ويتمتعون بمراكز اجتماعية مهمة، يدخلون إلى هذه المحال ويشترون ملابسهم منها· ولا أخفي أن ملابسي وثياب عائلتي كلها أشتريها من ''البالة'' والسبب أن لا قدرة لي على الشراء من المحال الكبرى، عدا ضعف القدرة الشرائية لليرة اللبنانية· فرز ··· ونخب عن مصادر ''البالات'' يقول أبو أحمد العشي، أحد تجار الجملة والذي يعمل في هذا المجال منذ 25 عاماً: ''البالة'' تأتي من دول أوروبا وكندا وأميركا، وتجمع مجاناً من المواطنين في بعض الأحيان، ويتم فرز ''الستوكات'' لتصبح نخبا واحدا أونخبين وثلاثة، وهكذا حتى يتم بيع كل نخب بسعر حسب جودته وحالته، وتباع ''البالات'' بالطن· ويضيف: تختلف الأسعار حسب النوع، فالبالة الصيفية أرخص من الشتوي، ولأن زبون البالة ينتظرها على أحرّ من الجمر نظراً لرخصها عن الملابس الأخرى، وإن كانت هذه التجارة تأثرت فعلاً بالأزمة العالمية، ووصلت نسبة تأثر المبيعات إلى النصف، عدا أن التجار يضغطون في السعر لتخفيضه لأدنى درجة، وزيادة في الايضاح أن الكيلو من الملابس الشتوية يزن قطعتين على الأقل، ومن الصيفية خمس قطع، والأسعار تتراوح بين دولارين وعشرة دولارات للكيلو الواحد· لم تعد البضاعة الأوروبية وحدها المسيطرة على سوق الملابس المستعملة، بل أصبح لها الآن منافس واضح، اذ انتشرت مؤخراً الكثير من المحال التي ترفع على واجهاتها لافتات تقول ''الملابس الاميركية''، أو ''التصفية الأميركية''، في محاولة لتقديم شيء جديد على هذه السوق التي تنمو بصورة كبيرة في البلاد· كما أصبحت سوق البالة في لبنان، محط أنظار الكثيرين في الوقت نفسه، هناك عدد متزايد من المواطنين ذوي الدخل المحدود والمرتفع على حد سواء، يفضلون هذه البضاعة الأوروبية بسعرها المتدني، بحثاً عن ماركة عالمية، ورغبة في توفير الفارق الكبير في السعر، وأكد كبار التجار أن سوق ''البالة'' بشكلها الحالي، لا تشكل تهديداً أو خياراً بديلاً عن سوق الملابس الجاهزة بالنسبة للطبقة المتوسطة، فلجوء الناس إلى هذه السوق، يأتي لرغبتهم الشديدة في اقتناء الأنيق والرخيص بنفس الوقت، وهو ما يستحيل مع أسعار ''الماركات''، مما يجعل سوق ''البالة'' خياراً مشروعاً·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©