السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الكتابة على الورق

10 أكتوبر 2014 23:16
من يسأل عن الكتاب الورقي؟ أنت لاتتمالك نفسك وتسأل صديقك مثل هذا السؤال، لأنه يبحث عن كتب ورقية لا تحتاج إليها في زمن الكتاب الرقمي؟ وفي ذيل سؤاله يكون قد أرفق رجاء بأن لا تتضمن هذه الكتب شيئاً مثل الكتب المدرسية والمجلات التي لا علاقة لها بالثقافة. تظل هذه الحادثة في ذهنك فترة طويلة، تقلبها يميناً، تقلبها يساراً متسائلًا مرة وأخرى. . هل يجد الكتاب الكتاب الورقي من يبحث عنه في عصر الإنترنت، من يدافع عن كيانه كضرورة في حياتنا الثقافية؟ وبالفعل تكتشف أن أحد الأصدقاء يريد أن يثبت ذلك بطريقته الخاصة، في الوقت الذي بات فيه هذا الكتاب أو بالأصح هذا النوع من القراءة مهدداً بالتحول إلى «أنتيكة». والسؤال نفسه يطرح في كل مكان. مازال هناك من يؤمن بالفارق الكبير بين قراءة الكتاب الورقي وقراءة الكتاب الرقمي. وما تزال سياسات بعض دول العالم الثقافية مترددة بشأن تخصيص ميزانيات محترمة للكتاب الورقي المعروف أن أهم أماكن تواجده هي المكتبات العامة مثلما حدث بالفعل في بريطانيا، ووجد له صدى في أماكن أخرى في الغرب، نزولا عند المطالبة بفتح المجال أمام الكتاب الرقمي وما يشبه ذلك من وسائل التكنولوجيا لممارسة شيء كعملية القراءة، وكل ما له عوائد مادية وأرباح من أشكال الثقافة! وبناء عليه فلماذا لاتسلع القراءة وفقا للمنطق الرأسمالي. والحقيقة أنك أمام مفهوم آخر للكتابة والقراءة، يحيلك حتى إلى كتابة مرثية في فكرة هذا الصديق الذي يسأل عن الكتاب الورقي، الذي يفيض عن الحاجة في يومنا هذا. ومثله لديك أيضاً شعور بالشفقة على جهود بعض المثقفين حول العالم ومنهم الكاتب البريطاني «ول سلف» الذي يبدو في هذه الأثناء كما لو أنه تخصص عبر مقالاته المتتابعة، في الدفاع لا عن القراءة الورقية فحسب، ولكن عن الكتابة (على الورق) أي المغامرة بطباعة الكتاب الورقي، بعدما لعن البريطانيون «طوائفه» بخفض الميزانية المخصصة له سنوياً لتصل إلى حد لايصدق، ما دفع بعض المثقفين وكتاب القراءة الجادة إلى اختراع نوع من المكتبات المتناهية الصغر، تملاء بالكتب، وتوضع في حدائق منازلهم الصغيرة، ليقبل من يرغب في قراءة الكتاب الورقي على استعارتها. يتساءل سلف: في الوقت الذي يتغير فيه شكل القراءة، هل يتغير شكل الكتابة؟ جملة من الأسئلة يطرحها لتوضيح وجهة نظره في المستجدات التي تشهدها الحياة الثقافية في بلاده وغيرها من دول العالم. هذه الحياة التي باتت تتجه إلى الاستغناء عن الكثير من مظاهرها الحيوية. إن شيئاً مثل ما يسميه «عالم الكتاب» قد اختفى. العالم الذي تشعر وأنت فيه بلذة التفاعل بالخيال. لاشيء يمكنه أن يفعل ما تفعله القراءة الجادة على مستوى ما يسميه أمبيرتو أيكو «الميثاق التخييلي مع القارئ». أنت تتأمل هذا العالم الذي يقدمه الكاتب بحقيقته و«افتراءاته» تعيشه، تقرأه بعمق، ترتاد مكتبة ورقية أو تطالع إصدارا لأحد النقاد الورقيين، أو تسأل عن دار نشر! والحقيقة أنك الآن وبعدما أصبح هذا العالم في طريقه نحو التقهقر، فلا حل أمام «سلف» وغيره إلا أن يبحثوا، ولو من خلال آليات معينة يمكن إضافتها إلى تقنية القراءة الرقمية عن شيء يعود بنا إلى الثقافة الجادة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©