الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية في 2015.. تنبؤات سلبية

10 أكتوبر 2014 22:50
من المقرر أن ينشر صندوق النقد الدولي الأسبوع المقبل توقعاته التي طال انتظارها حول وضعية اقتصاد أميركا اللاتينية عن عام 2015. ويمكنني أن أشير مسبقاً بناء على ما سمعته من أحد كبار المحللين الاقتصاديين في أميركا اللاتينية، بأنه لن يكون هناك في تلك التوقعات ما يدعو إلى الاحتفال والتفاؤل. يدعى هذا الخبير «أليخاندرو فيرنير»، ويشغل منصب رئيس قسم النصف الغربي من الكرة الأرضية في صندوق النقد الدولي. وهو الذي قال لي بأن من غير المحتمل أن تتعافى تلك المنطقة من التباطؤ الاقتصادي الراهن عام 2015، ولا حتى عام 2016. وهناك ما هو أسوأ من ذلك، لأن بعض الاقتصادات في أميركا اللاتينية، كما في الأرجنتين وفنزويلا، يُرجّح أن تشهد العام المقبل حالة انكماش وفقاً لما يقوله ذلك الخبير. ولقد أحجم «فيرنير» عن البوح بأرقام إحصائية تدعم نبوءاته السلبية هذه، إلا أن البيانات المفصلة حولها ستنشر على العَلَن عند افتتاح الاجتماع السنوي المشترك لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بمشاركة مديري البنوك المركزية ووزراء المالية في العالم أول من أمس في واشنطن. وتسود حالة حقيقية من التشاؤم تجاه قدرة تلك الدول على زيادة معدل النمو من 1. 5 إلى 2 بالمئة خلال ما تبقى من عام 2014، وهي النسبة المستهدفة والمتوقعة من طرف مؤسسات مالية عالمية. وقال لي فيرنير: «وإذا كان حديثنا سيدور حول التنبؤات الاقتصادية في دول أميركا اللاتينية عن عام 2015، فيمكنني أن أقول لك بكل بساطة أنها سيئة لأن معدل النمو هناك سيكون في أخفض مستوياته خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، ولكنه سيكون أعلى بشكل ضئيل مما هو عليه في العام الجاري 2014. وسوف يكون هذا المعدل أقل من 2. 5 بالمئة العام المقبل». وعندما سألته عن الدول التي يُنتظر أن تحقق الأداء الاقتصادي الأسوأ، قال: «الأرجنتين وفنزويلا. وهما الدولتان اللتان ستواصلان تسجيل أضعف أداء اقتصادي خلال عام 2015». ويتوقع معظم الاقتصاديين بأن اقتصاد الأرجنتين عن عام 2014 سينكمش بمعدل 1. 7 بالمئة على أقل تقدير، فيما سينكمش اقتصاد فنزويلا بنسبة 3 بالمئة عن العام ذاته. وسوف تتعرض العديد من دول أميركا اللاتينية، خاصة منها دول أميركا الجنوبية، لأذى اقتصادي شديد بسبب انخفاض الأسعار العالمية للمواد الأولية التي تنتجها. وأيضاً بسبب تراجع معدل النمو في الاقتصاد الصيني (أكبر مستهلك للمواد الخام في العالم)، وتناقص تدفق القروض الأجنبية. ثم إن الأرجنتين وفنزويلا تعانيان من نتائج سياساتهما الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع معدل التضخم إلى ما يقارب 40 بالمئة و70 بالمئة على الترتيب. وأضاف فيرنير تنبؤات متشائمة أخرى عندما قال: «وعلى أن تلك الاقتصادات في دول أميركا اللاتينية تعتمد بشكل أساسي على تصدير المواد الخام، وشهدت العام الحالي مشكلات اقتصادية جمّة بسبب ذلك، وسوف تشهد أكثر منها عام 2015. وعلى سبيل المقارنة، فإن الاقتصادات التي ترتبط بالولايات المتحدة، مثلما هي حال الاقتصاد المكسيكي، سوف تستفيد من التعافي المتوقع للاقتصاد الأميركي». وبسؤاله عن الدول التي ستمثل الاقتصادات الناجحة في المنطقة العام المقبل، قال: «إنها المكسيك بسبب صادراتها المتنوعة إلى أسواق الولايات المتحدة، ثم كولومبيا». ومن المعروف أن الاقتصاد الكولومبي أكثر ارتباطاً بأسواق الولايات المتحدة مما هي الحال بالنسبة لمعظم دول أميركا الجنوبية، كما أن الاستثمارات الأجنبية تواصل تدفقها إلى كولومبيا. ومن المتوقع أن يكون الأداء الاقتصادي لتشيلي وبيرو العام المقبل أفضل مما هو عليه العام الجاري 2014، ولكن ليس بشكل كبير. وأضاف فيرنير: «لقد لاحظنا وجود بوادر أولية للتعافي فيهما، إلا أنهما لن تتمكنا من تحقيق معدلات النمو التي سجلاها عامي 2012 و2013». وأما فيما يتعلق بالمستقبل متوسط الأجل، قال فيرنير: «إن أميركا اللاتينية يمكن أن تبدأ دورة التعافي من مستويات النمو الهابطة الراهنة». وقال في هذا الصدد: «ولكننا نتوقع بوضوح سنوات عدة من النمو الاقتصادي الأبطأ مما شهدناه فيها خلال العقد الماضي». وفي رأيي الشخصي، فإن النظرة المتشائمة لصندوق النقد الدولي حول اقتصادات دول أميركا اللاتينية يجب أن تؤخذ على محمل الجدّ، لسبب بسيط يكمن في أن الصندوق والبنك الدولي والأمم المتحدة تميل جميعاً إلى جانب التفاؤل الواهي الذي لا يستند إلى الحقائق حول هذا الموضوع. وخلال السنوات القليلة الماضية، تنبأت تلك المؤسسات بأن تسجل تلك المنطقة نمواً أعلى بنحو 1 بالمئة على أقل تقدير مما حققته في السابق. وربما يكمن السبب وراء ذلك في الضغوط السياسية التي تعرضت لها بلدانها من الدول الأعضاء التي طلبت منها الالتفات إلى ضرورة اختيار السيناريو الأكثر انطواء على النتائج الإيجابية فيما يتعلق بمسيرتها التنموية. وعلى أن السبب الأساسي للتباطؤ الاقتصادي في أميركا اللاتينية ليس اقتصادياً بحتاً بل هو سياسي في المقام الأول. ولا تستفيد هذه الدول من فضائل التعافي الاقتصادي، لأن البرازيل والأرجنتين وفنزويلا، وهي الدول التي تستأثر بالجزء الأكبر من اقتصاد المنطقة كلها، ما فتئت تعمل على ترسيخ نظام السياسات الاقتصادية الوطنية المتزمتة التي ترهب المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء. وكما سبق للرئيس البرازيلي الأسبق فيرناندو هنريك كاردوسو الذي حكم البلاد بين عامي 1995 و2003، أن قال لي مؤخراً: «إن حكومات البرازيل وفنزويلا والأرجنتين فشلت جميعاً في فهم الحقيقة البدهية التي تقول: (من دون استثمار، لن يكون هناك نمو. ومن دون النمو، لن يكون هناك حل لمشكلة الفقر)». ينشر بترتيب خاص مع خدمة »إم. سي. تي. انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©