السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شيّابنا·· حراس زمن يزدادون شباباً

شيّابنا·· حراس زمن يزدادون شباباً
8 مارس 2009 04:26
معتقة أيامهم·· أشبه بخابيات تختزن الذكريات ووقائع الحياة اليومية بكل ما فيها من عمل وعطاء لا يتوقفان· ها هنا، من بين هذه الأصابع المحتفظة بقوتها، تنزلق من الحفنات حبات التراب لتغطي جذور شتلة· أو تفك للتربة أزرار قميصها وتدس في جوفها البذار· وبتلك السواعد التي تنفر منها عروق البأس، يجرون القارب ليبحر معهم إلى حيث الأسماك· أو يهزون شبكة الصيد لتستقبل فوج ''العومة''· وعلى أكتافهم يحملون أكياس الحبوب يزرعونها في الأرض الطيبة، فيما يحصد أقرانهم في حقل آخر ثمار الخضراوات· بينما ينشغل البعض بعلب الدهان أو تقطيع الأخشاب، حين يمضي مسنٌ آخر إلى طرف الصحراء يضمّر هجنه، أو يدرب صقره ويطلقه إلى الفضاء· شيّاب شباب، يروضون أيامهم بالحركة المباركة، بالجهد المثمر، يستثمرون طاقاتهم في البناء، ولا يركنون إلى عتبات بيوتهم، يتكئون على مقاعد أو كراسي يتابعون المارة، بل يعملون ويوجهون ويقدمون استشاراتهم للأبناء في كافة أعمال البيئة البرية والبحرية معاً، فهم الرعيل السابق المخضرم الذي تذوق قسوة الحياة وشظف العيش، ولم تنسهم حلاوة الحاضر ونهضة البلاد وخيرها أهمية متابعة العمل، وتقديم العون لأفراد محيطهم بحب وحنو وابتسامات تعلو محياهم· تجاوز جميعهم السبعين من أعمارهم، تلك الأعمار التي ترفض التقاعد، تأبى الاستراحة أو الاتكاء على جهود الغير مهما كان مشروعاً وطبيعياً، كأن لسان حالهم يقول ''الحياة عمل، والعمل عطاء، والعطاء تضحية''· يساهمون في تشييد دور أبنائهم، يزرعون أراضيهم، يسبرون عباب الموج، يضمرون هجنهم، ويسوسون خيولهم· ويدربون صقورهم، مهما أوتوا من عمال وفلاحين وصيادين· فهم -على حد قولهم- لا يجلسون في مقاعد المتفرجين يتابعون دورة الحياة، بل ممثلون فاعلون على خشبة الحياة اليومية- المهنية والاجتماعية على حد سواء· ويشكّلون بتجاربهم الكبيرة مرجعاً للآخرين يستفيدون من خبراتهم الطويلة· ليس بينهم من يعمل لحاجة المال، فالوطن أعزهم وأكرمهم بخيره، لكن ديدنهم في الحياة العمل تأكيداً لوجودهم الفاعل سواء في محيط الأسرة أو المجتمع، واستكمالاً لرحلة العطاء والمساهمة في بناء الوطن· لم ترصدهم فقط عين كاميرا زميلنا الفنان يوسف العدان، بل قلوبنا وضمائرنا التي يتربعون فيها آباء عطاء، ورموز وفاء· فلا غرابة أن ثمة نضارة ما تشع من بين تجاعيد ملامحهم وعطفات بشراتهم التي لوحتها الشمس، لأن السناء يخط بريشة الرضا وجوههم العزيزة·
المصدر: إمارات الدولة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©