الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إبراهيم الهاشمي: مبارك العقيلي كان وفياً لفكرة أن الشاعر هو لسان حال أمته

20 سبتمبر 2013 23:32
جهاد هديب (دبي)- يقدم الشاعر إبراهيم الهاشمي جهداً لافتاً للانتباه للقارئ العادي والمتابع، من خلال دراسته وانتخابه مختارات شعرية بالفصيحة والعامية للشاعر مبارك بن حمد العقيلي (1875 – 1955) التي جاءت في كتاب صدر مؤخراً عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، ضمن سلسلة أعلام من الإمارات، في ثلاثمائة وست عشرة صفحة من القطع المتوسط. في هذه المنتخبات، والحديث هنا عن الشعر المكتوب بالفصيح منها، ينتخب إبراهيم الهاشمي قصائد تعود إلى مطالع القرن الماضي، في عقديه الأول والثاني، وتكشف هذه القصائد عن رومانسية مبكرة لدى الشاعر مبارك بن حمد العقيلي تنتمي إلى الأفق الواسع للشعرية العربية، والتي لم تتأسس في «مدرسة» أو «تيار شعري» غير إحيائي إلا لاحقاً في ثلاثينات القرن الماضي، فانتمى إليها شعراء من طراز المصريين إبراهيم ناجي وعلي محمود طه والتونسي أبوالقاسم الشابي، وسواهم. صوت الرومانسية بهذا المعنى، فإن الشاعر مبارك بن حمد العقيلي هو صوت مبشر بتلك الرومانسية أو بمعنى أصحّ واحد من تلك الأصوات الشعرية العربية التي مهدت لانطلاقة هذه المدرسة الشعرية، بجناحيها: الشعر العاطفي الذي يدور عن الحنين العظيم إلى الحب أو إلى امرأة مفتقدة أو إلى صورة غير نمطية للمرأة، والشعر الوطني أو القومي الذي ساد أثناء الاحتلالات الاستعمارية للمنطقة العربية. وفي لقاء مع «الاتحاد» يؤكد الشاعر والباحث إبراهيم الهاشمي انتماء شعر العقيلي إلى هذه المدرسة، ويقول حول أسباب ذلك «إن قوة الخيال، وحرارة العاطفة في شعر العقيلي، وكذلك الحنين إلى صورة امرأة ما، ميزت شعره عن سواه من الشعراء الذين جايلوه مطالع القرن الماضي». وأضاف «أرجح أن تلك المرأة كانت من مسقط رأسه الأحساء، وظلّ وفيا لها في غربته ومعرضا عن ذكر اسمها في أشعاره غير أن العارفين من أهل الأحساء الثقات يعرفون أن اسمها (موزة)». وفي صدد شعره السياسي أو الوطني والقومي، قال إبراهيم الهاشمي «لقد كان العقيلي وفيا لفكرة أن الشاعر هو لسان حال أمته، فعبّر عن آرائه ومناهضته للاحتلال قولاً وفعلاً ما أدى به إلى السجن ثم النفي إلى العراق في مرحلة مبكرة من عمره». وتابع الهاشمي «لقد كان شاعرا رومانسيا خليجيا وعربيا بالتأكيد، لكنه أيضا كان شاعرا مثقفا ومطلعا بشكل كبير على أحداث عصره، ولم ألمس ذلك من خلال أشعاره فحسب بل من خلال مدوناته النثرية ودفاتر سجلاته ما يشير إلى نهمه للقراءة والمتابعة والاطلاع باستمرار». ورجّح الهاشمي أن «إقامته في عمان التي كان فيها الكثير من شعراء الفصحى، حيث تأثر بهم ثم تنقلاته بين المدن وعلاقاته مع شخصيات سياسية خليجية، بالإضافة إلى بروز ملكة الشعر لديه على نحو مبكر كلها مجتمعة من الأسباب التي أدت إلى بروز رومانسيته العاطفية والوطنية»، ويضيف «ولاحظت ذلك من خلال البحث والقراءة في كل موروثه الشعري والنثري أن الاتجاه الشعري الرومانسي كان طاغياً على شعره في تلك المرحلة من حياته التي تخلى فيها عن شعر المديح». مصادر وعن مصادر البحث التي زودته بقصائد، سواء بالفصيحة أو مما ينتمي إلى الشعر الشعبي، تنشر لأول مرة، كشف الشاعر إبراهيم الهاشمي «هناك عشرون قصيدة يجري نشرها لأول مرة قد تضمنها الكتاب، وحصلت عليها من أكاديمية الشعر بأبوظبي عن طريق الشاعر سلطان العميمي». وأضاف «ولولا تلك المسودات للقصائد التي حصلت عليها من إدارة التراث العمراني بدبي، حيث كان العقيلي يكتب بعضا من قصائده في دفاتر حساباته، لما أمكن لي أن أتمم البحث والتقصي، أضف إلى ذلك ما منحني إياه الأديب بلال البدور، وهما مخطوطان وفرا لي أن أكتشف جوانب أخرى في شخصية الشاعر مبارك بن حمد العقيلي. إنني أشكرهم جميعا على ما قدموا لي من وثائق كشفت الطريق أمامي لإعادة اكتشاف هذا الشاعر الكبير». وعودة إلى القصائد الفصيحة في كتاب «الشاعر مبارك بن حمد العقيلي»، فإن الشعر على الرغم من نزوعه إلى الواقعية إلا أنه يقوم على بُعد تأملي يكمن جذره في اتقاد العاطفة والإحساس بالحزن العميق، يقول في قصيدة «عهد المحبة»: أتمنع طيب الوصل من جدّ في الهوى وتمنحه من يدعي وهو عابث؟ إلى الله كم يهوى الصدود معذبي وإني على الميثاق لا شكّ ماكث؟ ويقول في قصيدة تحمل العنوان «عهد الوفاء»: فيا فاتنا بالحب قلبي ومتلفي ومن ذكره لي راحة ونديم ترفق بمضناك الذي ذاب قلبه عليك جوىٍ فالصد منك عظيم» أما القصيدة القصيرة جداً وتحمل عنوان: «دار القلى» فتشير إلى اطلاع وثقافة عميقين بالشعر الكلاسيكي العربي: «دع الأوطان تعفى إن رشدتا وطرد لرزق يوجد حيث كنتا ولا ترنو إلى وطن وأهل ولا تصبو إلى إلفٍ ألفتا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©