الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الصيد بالصقور تراث إماراتي توارثته الأجيال عبر التاريخ

الصيد بالصقور تراث إماراتي توارثته الأجيال عبر التاريخ
11 أكتوبر 2014 00:35
تعتبر رياضة الصيد بالصقور من الرياضات المحببة بدولة الإمارات وجزءاً لا يتجزأ من تراث عريق يمتد إلى مئات السنين. وتعرف محلياً بالقنص وتمثل جانبا مهما من حضارة وتراث العرب، حيث عرف الصيد بالصقور منذ القدم ومارسه الإنسان بغرض الحصول على القوت اليومي إلى جانب ممارسته كرياضة وهواية، في بعض بقاع العالم التي نشأت فيها حضارات ومستوى من المعيشة مرتفع نسبيا. فقد برع أهل الإمارات وخاصة أهل أبوظبي منذ قديم الزمان وحتى الآن في معرفة حسن آداب وتدريب وترويض الصقر ومعاملته، وتوارثوها جيلا بعد جيل، وأصبحت لهم وسائل خاصة بهم في التدريب تعتبر من أحسن الطرق بين مثيلاتها عند أصحاب الهواية والممارسين لهذه الرياضة في العالم. وتنال رياضة الصيد بالصقور في الإمارات اهتماما خاصا، وذلك بفضل اهتمام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي سار على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي قال -رحمه الله- «إن الصيد بالصقور رياضة هامة ووسيلة من الوسائل التي تعلم الصبر والجلد والقوة، كما أنها تعتبر لوناً من ألوان التغلب على الخصم بالذكاء والقوة وكيف أن هذه الرياضة تظهر ابن البادية بما وهبه الله من فطرة ومقدرة على تأنيس هذا الطير الجارح وتأديبه، يأمره فيطيعه ويناديه فيحضر مسرعاً إليه». ويبدأ موسم الصيد في دولة الإمارات العربية المتحدة كمثله في دول الخليج العربي في فصل الخريف، حيث تبدأ طيور الحبارى بالهجرة إلى مواطن تكاثرها من أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر وينتهي في شهر مارس عندما تبدأ حرارة فصل الصيف. ويستطيع الصقارون التعرف على بدء موسم الصيد مع بدء طلوع نجم سهيل، حيث تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض وتصاحب ذلك تغيرات طبيعية، حيث يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية وانخفاض درجة حرارة المياه وتبدأ طلائع الطيور المهاجرة البرية والبحرية في الوصول إلى شواطئ الخليج العربي الدافئة وتسمى عملية نزوح الطيور إلى هذه المنطقة بـ«اللفو»، كما تعرف عملية هجرة الطيور في طريق مناطق الشتاء وعودتها إلى مواطن تكاثرها بـ«العبور». وكان الصقارون العرب يصطادون بالصقور التي يأسرونها خلال مرورها في شبه الجزيرة العربية في بداية فصل الشتاء، في طريق هجرتها جنوباً ويستخدمون كل المهارات وفنون الصيد لترويض الصقر البري، ليصبح صياداً ماهراً ومرافقاً جيداً في غضون أيام ومع انتهاء موسم الصيد كان يتم إطلاق الصقور إلى البرية مرة أخرى، أما في حالات التدريب العادية فيقوم المدرب بتعليم حر أو شاهين كل موسم، ولكن يستطيع المدرب الجيد صاحب الحنكة والتجربة الطويلة تدريب اثنين من الطيور في وقت واحد والمعروف أن الحر والشاهين يحتاجان في تدريبهما إلى وقت يتراوح ما بين 30 و40 يوماً، يستطيع بعدها الطير أن يعرف صاحبه وسماع ندائه وتلبية أوامره. ومن أهم الخصائص التي يجب أن يتحلى بها الصقار الماهر، مراعاة دقة التدريب وتحليل مميزاته بالنسبة لحالة صقره ومعرفة الفرق بين كل صقر وآخر، لأن جميع الصقور المدربة تدريبا حسنا تصيد، ولكن هناك فرقا في طريقة كل صقر في اصطياده لطرائده فهناك صقور تحب مهاجمة الطرائد في الجو وتجيد مناورتها أثناء التحليق والطيران، وتعرف كيف تجهد طريدتها في الجو وتتحين الفرصة لاقتناصها، وهناك صقور تحب المهاجمة والمطاردة من أعلى إلى أسفل أي الانقضاض على الطريدة وهي على الأرض وتعرف كيف ترهبها وتفقدها مقاومتها إلى أن تستطيع الفوز بها، وهناك صقور تخشى مهاجمة الطرائد وهي على الأرض وخاصة طير «الحبارى» لأن الصقر يخشى عض أرجلها القوية أو أن تقذفه بسلاحها القوي اللزج الذي يسميه أهل البادية «طمل». والتدريب كلمة ليس معناها تعليم الجارح كيف يصيد ثم يطلقه الصقار من يده خلف الطرائد فيأتي بها، بل لها طرف آخر يجب أن يتحلى به المدرب الجيد هو مساعدة طيره على اقتناص هذه الطرائد، وذلك بأن يكون المدرب ملما إلماما كافيا بطبيعة الطيور التي يجيد صقره اقتناصها ومعرفة أماكن وجودها وتجمعاتها وأيضا الطرق التي تتخفى بها بعيداً عن عيون الصقر، فأصحاب الهواية والصقارون في منطقتنا لديهم الخبرة الكافية لتقفي آثار الطيور البرية وتحديد عمر هذه الآثار وهل هي قديمة، أم هي حديثة مازال أصحابها في نفس المنطقة. وعادة تكون هذه الآثار علامات أقدام الطيور على الأرض مثل الحبارى والكروان وما شابههما من الطيور البرية، فإذا كانت آثار الأقدام في الرمال واضحة جلية تفاصيلها تظهر بوضوح متماسكة فمعنى ذلك أنها حديثة لم يمر عليها وقت طويل، أما إذا كانت هذه العلامات مطموسة ولعبت بمعالمها الرياح فهذا معناه أنها قديمة قد مر عليها وقت طويل، ولا يمكن الاعتماد على هذه الآثار إذا كانت الرياح تهب في نفس المنطقة منذ وقت طويل وهناك آثار أخرى يستدل منها على وجود هذه الطيور البرية في المنطقة التي يبحث فيها الصقار وهي «ذرق» الطيور، فإذا كانت متماسكة وصلبة فهي قديمة وإذا كانت لينة وطرية فهي حديثة. ولم تقف خبرة أهل الإمارات عند حد التدريب واستخدام الصقر في القنص فقط، بل تعدتها إلى حيث معرفتهم بالأمراض التي تصيب الصقر وكيفية علاجها بكل دقة. ومن أنواع الصقور، «الصقر الحر» وهو ثلاثة أنواع «الحر الكامل» و«القرموشة» و«الوكري الحرار»، وعموما يعتبر هذا النوع من الصقور من أقوى الطيور وأكثرها صبرا على الجوع والتحمل سواء على الأرض أو في الجو. و«الشاهين» وهو من جنس الصقر الذي يفضل العيش على الشواطئ ويتغذى على طيور الماء، وهو من أسرع الصقور أثناء الصيد ومن أهم أنواعه «الشاهين الكامل» و«الشاهين الوكري» و«الشاهين الخميس» و«الشاهين التبع». أما «الحبارى العربية» فهو من الطيور الجميلة التي تعتبر من أجمل ما يصطاده الصقر ومتوسط طولها 70 سنتيمتراً، وهي مرقطة بالذهبي والأبيض والأسود والأحمر الذي تشوبه كدرة وميزتها أن لها ثلاثة أصابع في كل رجل، وهو ما يستدل به على مكمنها ويظهر بسهولة فوق الرمل وطعامها الحشرات الكبيرة والأعشاب الطرية، وهي دلالات أخرى على أماكن وجودها وتعيش إما زوجا أو في سرب من 4 أو 6 وتصل أحيانا إلى عشرة طيور. (رأس الخيمة - وام)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©