الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القيادة بسرعة جنونية «هوس» نفسي يفضي إلى الموت

القيادة بسرعة جنونية «هوس» نفسي يفضي إلى الموت
14 سبتمبر 2012
جاء تأكيد “أم الإمارات” سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وتوجيه سموها بضرورة تبني البرامج والمبادرات وتنظيم الفعاليات والدورات التدريبية، من أجل “توعية الشباب بمخاطر السرعة للحد من حوادث السيارات وحمايتهم من مخاطر الطرق”، مبادرة ولفتة إنسانية تنبع من عمق إيمانها بأن حماية الشباب من المخاطر، وتوعيتهم واجب وطني، لأنهم عماد هذا الوطن، ومن ثم لا بد من تضافر كافة الجهود لحماية أبناء الوطن من خلال تنظيم البرامج والفعاليات التي تساهم في توعيتهم بأهمية التقيد بتعليمات السلامة المرورية، والانتباه إلى الطرق ونتائج السرعة الجنونية أثناء القيادة. واستجابة لهذه المبادرة الإنسانية تبدأ «الاتحاد» حملة التوعوية التي تتناول في أولى حلقاتها ظاهرة التهور أثناء القيادة وأسبابها، وانتشارها، من المنظور النفسي والاجتماعي المتعلق بطبيعة السمات الشخصية. كلنا نعلم نتيجة التهور وقيادة السيارة بسرعة جنونية. ومن المؤكد أن ضحايا الحوادث أنفسهم كانوا على يقين بأن الموت نتيجة حتمية لـ “هوَس” السرعة، والافتتان والمظهرية الخادعة، وتسلط النزعة الاستعراضية القاتلة. هل هناك فئة من الناس تبحث عن الموت وتسعى إليه؟ لماذا يصر هؤلاء الصبية والشباب والمراهقون، وحتى الناضجون أحياناً على السلوك المتهور الاستعراضي، ويضربون بقول العقل، وحكم المنطق، وبالقوانين والتعليمات عرض الحائط؟ دراسات مرورية عالمية عديدة حاولت تقصي واستقراء “سيكولوجية” ضحايا حوادث المرور قبيل أن يلقوا حتفهم، واستطاعت كثير من المحاولات أن تقف عند الحالة النفسية للضحية، وتشخيص الأسباب الكامنة. ففي دراسة أميركية منشورة عام 2010، تبين للباحثين أن أكثر من 68% من ضحايا حوادث السيارات المميتة لم يكن لديهم عمل أو حاجة ملحة، تجعلهم يتجاوزون معدل السرعات المقررة أثناء القيادة، أي لم يكن لديهم سبب قهري يجعلهم يرتكبون حماقة التهور والسرعة الجنونية. إذن كيف نفسر سيكولوجية الشخص المتهور؟ السرعة الآمنة يقول الاستشاري النفسي الدكتور محمود رشاد:”مخالفات السرعة أثناء القيادة من أهم وأكثر المخالفات المرورية خطورة، التي يقع فيها معظم السائقين، فالسرعة هي المسبب الرئيسي والأول في وقوع حوادث المرور في جميع بلدان العالم، وتسبب أضراراً وخسائر مادية وبشرية جسيمة. ويعرف أن تخفيض السرعة بمعدل 10كم/ ساعة يقلل من احتمال وقوع الحوادث بنسبة 20% إذا التزم السائقون بحدود السرعة القانونية، ويتناسب مقدار السرعة الآمنة والمسموح بها مع نوعية الطريق والمكان والظروف المحيطة الأخرى والمتمثلة في ظروف الرؤية وكثافة السير وحالة المركبة، كما أن سرعة السياقة لابد أن تتناسب مع إمكانيات السائق وخبراته في التحكم بالمركبة خاصة إذا ما علمنا أن السيطرة على المركبة تقل بشكل كبير في السرعات العالية، كما يقل معها الزمن اللازم لتفادي الوقوع في الحوادث وتجنب مخاطرها. ونظرا لتعود الكثير من السائقين خصوصا فئة الشباب منهم على السياقة بسرعات عالية، فإنهم عند السياقة في الأماكن المزدحمة وداخل المدن يشعرون بأن المركبة تكاد تكون متوقفة وهذا شعور خاطئ، حيث إن السرعة العالية تزيد من احتمالية الوقوع في المخاطر والوقوع في حوادث وتصادمات مميتة. ولعل أكثر الحوادث تلك التي يتسبب فيها الشباب المراهقون ما بين 18 و25 عاما، وهم الأكثر هوسا بالسرعة نظرا لارتباط هذه المرحلة بالتحدي والمغامرة، وحب الاستعراض، وحب الاستقلالية والتفوق على الآخرين، فضلاً عن تأثرهم بأفلام ألعاب السيارات وأفلام العنف والجريمة والأفلام البوليسية، ومحاولة التقليد لبعض السلوكيات الخاطئة في هذه الأفلام. استهتار و «هوس» أما الاختصاصية النفسية سوسن الحلاوي، فترى أن كثيرا من المراهقين والشباب يستخدمون السيارات باستهتار شديد وبلا مبالاة في غير الأهداف التي وجدت من أجلها، فقد أصبحت السيارة عند هؤلاء مجالاً للفت الانتباه، وللاستعراض والتحدي، وهناك “موديلات” معينة تشجع هؤلاء الشباب على “الهوس” في السرعة، فضلا عن التباهي بالمظهر المختلف لها. فهناك من يصبح كل همه أن يغير من شكل مركبته بهدف التميز والشهرة، حتى تظهر مختلفة عن مثيلاتها من سيارات الآخرين، فتبهر من يراها. فيقوم بتغييرات ميكانيكية في أجزاء عديدة منها، كالموتور و”الجير”، و”السنوبرسات”، و”والهاند بريك” لغايات السرعات والتفحيط، لتكون أكثر أمانا. كذلك يستبدلون المحركات و”الكاوشوك”، وبراميل “الهيدرز”، و”الانتركولر” لتبريد” التيربو”، وكلها أمور تتم للتباهي والتميز. وهناك شباب يبيعون بعض ممتلكاتهم وحاجياتهم لتوفير المبالغ المالية التي تلبي رغباتهم الشخصية في تزيين سياراتهم، في ظل غياب رقابة الأسرة، إلى جانب الفراغ الزائد والتقليد الأعمى. إنها ثقافة غريبة، وهوس لا نجد له تبريراً. وتضيف الحلاوي:”لقد ازدادت الحوادث المرورية خلال السنوات الأخيرة بسبب “هوس” السرعة وقطع الإشارة والتفحيط وعدم التقيد بتعليمات السلامة، فنجد الصبية والمراهقين المتهورين يقومون بحركات تنافسية استعراضية قاتلة يميناً وشمالاً دون اكتراث أو شعور بالخطر، أو تقدير لما يمكن أن يحدث، وهناك من يتفننون في أنواع من الحركات المميتة فتقع الكوارث من زهق الأرواح وتحطيم الأبدان، وترويع الآمنين. ولا ينبغي أن نغفل التأثير السلبي لتمويل البنوك وتشجيعها لتسويق السيارات بسهولة ويسر، والضمان الإجباري من قبل شركات التأمين على السيارات، فنجد الشاب المستهتر لا يعير اهتماماً لأي ضرر يمكن أن يلحق بسيارته، فغالبيتهم حصلوا عليها بسهولة ودون مشقة، وعند الضرر أو التلف ستتحمل شركات التأمين كافة التكاليف والأضرار، وهو مؤشر خطير يعزز الاتجاهات السلبية والاستهتار لدى هؤلاء المراهقين”. حقيقة «الهوس» يوضح الدكتور محمد الجارحي، استشاري الطب النفسي، حقيقة “هوس” السرعة والتهور عند بعض المراهقين والشباب، ويقول:”نسبة كبيرة ممن يرتكبون حماقة التهور في القيادة ممن يصنفون نفسياً بالهوَس، وهذا الهوَس له ثلاث درجات مختلفة، إلا أنها جميعها تشترك في الخصائص الأساسية وهي النشوة الفائقة والنشاط الحركي والفكري المفرط. فهناك الهوس الخفيف، الذي يتصف صاحبه بالميل إلى المرح المتوسط، والنشاط الواضح، وهروب الأفكار، والتسرع، وعدم اللامبالاة، ويعتريه إحساس قوي بكمال قوته الجسمانية والعقلية. وهناك الهوس الحاد، وأهم أعراضه السلوك الصاخب، والعنف، وسرعة الأفكار، والنشاط الزائد جدا، والكلام السريع الجامح، والتهور عند اتخاذ أي قرار، ويكون الشخص غير مركز التفكير، ومشتت الانتباه والذهن، بالإضافة إلى المبالغة في الثقة بالنفس التي تؤدي إلى التهلكة في كثير من الأحيان. أما الأخير، فهو الهوس الهذياني، فصاحبه يميل إلى الخلط وعدم الترابط واضطراب الوعي واضطراب التوجيه بالنسبة للمكان والزمان والأشخاص. وسرعان ما يفلت منه زمام تصرفاته، ويتسم سلوكه بالعدوانية وعدم الاكتراث للنظام أو القانون أو المنطق، ونجد لدى هذا الشخص نشوة زائدة، وتفاؤلا مفرطا، وتحمسا زائدا مع طيران الأفكار، وسطحية التفكير، وتشتت الانتباه، وعدم القدرة على التركيز، والغرور الزائد، واللامبالاة بالمعايير الاجتماعية وعدم مراعاة مشاعر الآخرين، وسرعة الاستثارة والتهور والسلوك التخريبي أحيانا. وهذا ما يجعلنا نفسر شخصية المتهور في القيادة ونصفه بالهوس، وإذا ما تفحصنا شخصيته وسلوكياته وردود أفعاله، سنجد توافر تلك الصفات السلوكية فيه”. سمات الشخصية الاندفاعية يفسر الدكتور الجارحي، علاقة الحوادث والكوارث المرورية بشخصية المتسبب أو الضحية، وبنمط هذه الشخصية بشكل عام، ويقول:”إن نسبة عالية من متهوري السرعة، والمهووسين بالسرعة الجنونية سنجدهم من أصحاب الشخصية الاندفاعية، وأصحاب هذه الشخصية غير متزنين عاطفياً، أو يفتقدون النضج العاطفي، وردة أفعالهم تتجاوز كل التوقعات. وهذه الشخصية يميل صاحبها ميلاً شديداً نحو التصرف تبعاً للاندفاعات دون مراعاة لما يترتب على ما يقوم به من أفعال، إضافة إلى مزاج غير مستقر ونزوي، وكذلك فإن القدرة على التخطيط للمستقبل محدودة، وتنتاب صاحب هذه الشخصية نوبات غضب شديد تقود كثيراً إلى العنف أو التسرع، أو التهور، أو الانفجارات السلوكية المفاجئة، وهذا الاضطراب في الشخصية “الاندفاعية” عادة ما يبدأ في بداية مرحلة الشباب، وأصحابه مندفعون بشكل جنوني، في جميع تصرفاتهم، فهم مندفعون في علاقاتهم العاطفية بشكل جنوني، وكذلك مندفعون في علاقاتهم العادية مع الآخرين، ونتيجة لضعف التماسك الداخلي في الشخصية فإن كثيراً منهم يحاولون إيذاء أنفسهم، وأحياناً بطريقة عنيفة تتفق مع طبيعة شخصياتهم الاندفاعية. وللأسف فإن بعضاً منهم قد يفقد حياته عن طريق الخطأ. وصاحب الشخصية الاندفاعية الانفتاحية منهم يكون دائما شديد الانفتاح، ويحتاج إلى إثارة الإعجاب ويكره ألا يكون موضع انتباه الآخرين، كذلك نجده مولعاً بالتغيرات وبالتكنولوجيا الحديثة، ونجده كثيرا قليل الاكتراث بالقيم الأخلاقية والقوانين. ويكمل الدكتور الجارحي:”هناك عدد كبير من هؤلاء المتهورين، ممن يتصفون بالشـخصية الحدية التي تتميز بعدم الاستقرار الداخلي بشكل متفاقم، وتذبذب المزاج واندفاعية مرضية بشكل خطير! ويبدأ هذا التغير في الشخص أثناء سن المراهقة ويتطور مع التقدم في العمر، وعدم الاستقرار المزاجي والعاطفي، وكذلك القلق وعدم الاستقرار الحركي، والغضب الشديد وصعوبة في السيطرة على العواطف والنفس، وأيضاً الميل إلى التمرد على القانون، وقيادة السيارة بتهور دون مبالاة لما يمكن أن يسببه هذا التهور من مصائب”. أرقام ودلالات ? بلغ متوسط تكلفة حوادث المرور على مستوى الدولة خلال الفترة من 2009ـ 2011 نحو 17 مليار درهم، ووقع 6700 حادث مروري على شوارع وطرقات الدولة خلال عام 2011 نتج عنها وفاة 720 شخصاً، وتسببت في وقوع 7808 إصابات بشرية. ? انخفاض عدد الوفيات على مستوى الدولة جراء حوادث المرور مقارنة بعام 2009 بنسبة 25,5%، وفي أبوظبي بنسبة 19%. وكان نصيب أبوظبي من حوادث المرور 2011 2280 حادثاً مرورياً، وأدت إلى إصابة 3547 ووفاة 334 شخصاً، وشكلت ما نسبته 46,4% من إجمالي وفيات حوادث الطرق في الدولة. ? سجل ما يزيد على ثمانية ملايين مخالفة مرورية على مستوى الدولة عام 2011 كان نصيب أبوظبي منها 49.3%. ? انخفض مؤشر الوفيات والإصابات البليغة الناتجة عن الحوادث المرورية في إمارة أبوظبي خلال الربع الأول من العام الجاري، من 107 وفيات عام 2011 إلى 71 وفاة العام الجاري بنسبة 34 %. ? كما انخفضت الإصابات البليغة من 110 إلى 76 إصابة بنسبة 31% ، وتحسنت مؤشرات عدد الحوادث المرورية من 622 في عام 2011 إلى 543 خلال العام الجاري والتي تنوعت بين دهس وصدم وتدهور، وذلك بنسبة انخفاض بلغت 13%، كنتيجة إيجابية لتطبيق الخطة طويلة الأجل والمنظومة المتكاملة التي وضعتها “المديرية” عام 2010 حسب دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي. ? بلغ عدد المخالفات المرورية مليوناً وحوالي 156 ألف مخالفة خلال النصف الأول من العام الجاري منها 932 ألفاً و984 مخالفة غيابية، في مقابل 222 ألفاً و66 مخالفة حضورية، بحسب إحصائيات رسمية صادرة عن الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي. كشفت إحصائيات إدارة المرور والدوريات في عجمان عن انخفاض الحوادث المرورية الجسيمة في الإمارة خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 11%، لتصل إلى 48 حادثاً مرورياً جسيماً فقط نتجت عنها 4 وفيات فقط، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي التي شهدت 54 حادثاً جسيماً نتجت عنها 6 وفيات. ? وأشارت الإحصائيات المرورية إلى انخفاض عدد الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية بصفة عامة، حيث سجلت 67 إصابة نتيجة للحوادث الجسيمة والبسيطة، بينما شهدت ذات الفترة من العام الماضي وقوع 94 إصابة، وذلك بانخفاض 27 إصابة عن العام الماضي وبنسبة 29%. ? كشفت الإحصائيات عن انخفاض نسبة الحوادث المرورية في عجمان إجمالاً، حيث وقع 6455 حادثاً مرورياً بسيطاً خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بـ 6500 حادث مروري خلال نفس الفترة من العام الماضي، بينما ارتفع عدد حوادث الدهس التي وقعت خلال 3 أشهر الماضية بنسبة 9% مقارنة بالعام الماضي، حيث وقع 25 حادث دهس خلال الربع الأول من العام الحاري مقارنة بـ 23 حادث دهس شهدتها نفس الفترة من العام الماضي. ? كما أشارت الإحصائيات المرورية نفسها إلى ارتفاع عدد المخالفات التي تم ضبطها خلال الربع الأول من 2012 مقارنة بالعام الماضي بنسبة 8% في المخالفات الحضورية و 18% في المخالفات الغيابية، حيث تم تسجيل 16 ألف مخالفة سير حضورية و8863 مخالفة سير غيابية (شملت مخالفات الضبط بواسطة الرادار) وذلك خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بتسجيل 14 ألف مخالفة سير حضورية و7498 مخالفة سير غيابية. كما تم سحب 126 رخصة سياقة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما شهدت نفس الفترة من العام الماضي سحب 101 رخصة، وذلك بنسبة زيادة 25%، في وقت انخفض فيه عدد المركبات المحجوزة بنسبة 16% عن العام الماضي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©