الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تلوث «الأغراض المنزلية».. مصدر للأمراض القاتلة للصغار والكبار

تلوث «الأغراض المنزلية».. مصدر للأمراض القاتلة للصغار والكبار
21 سبتمبر 2013 20:42
كشفت دراسة حديثة عن أن المقاعد وموائد الطعام وحاملات المفاتيح وكثير من الأغراض، التي لا نستطيع الاستغناء عنها في حياتنا اليومية، تمثل قنابل متفجرة من الجراثيم داخل جدران منازلنا وتسبب أمراضاً متعددة نغفل خطورتها، ما يتطلب التعرف على مصادر هذه الأخطار الصحية، وكيفية مواجهتها. بهدف الوصول إلى بيئة منزلية خالية من مسببات الأمراض وجعلها أكثر أماناً لصحتنا وصحة أبنائنا. أحمد السعداوي (أبوظبي) - ليس غريباً أن نتعامل مع كثير من الأشياء الملوثة كنتيجة منطقية لكثرة الحركة وقضاء الأعمال خارج المنزل. فيجعلنا نختلط بأشياء ومتعلقات غير واثقين من نسبة نظافتها وخلوها من الميكروبات والجراثيم، ولكن ما يلفت الأمر هنا هو وجود تلك الملوثات بين أيادينا معظم ساعات النهار، ونحن في غفلة، لا نفيق منها بعد الإصابة بأحد الأمراض الناجمة عن التلوث، وما أكثرها في أيامنا هذه، سواء كانت أمراضاً صدرية أو معوية أو غيرها من عواقب استعمال ما لا نتأكد من درجة نظافة مُرضية وآمنة صحياً. النظافة اليومية تقول علا السامرائي، أم لطفلين، وتعمل موظفة استقبال بإحدى الشركات في أبوظبي، إنه من الطبيعي وجود أشياء ملوثة ضمن كثير من الأغراض، التي نتعامل معها يومياً، مثل مناضد الطعام خاصة في المطاعم والمراكز التجارية، أما في البيت فالأمر يختلف، حيث يجب على ربة المنزل الحرص الشديد والعمل على جعل منزلها نظيفاً بصفة مستمرة، عن طريق النظافة اليومية، واستخدام المطهرات بقدر مناسب، غير أن هناك من الأثاثات المنزلية ما يصعب الاحتفاظ به خالياً من الميكروبات والجراثيم، ويأتي على رأسها السجاد والأبسطة، التي غالباً ما تكون أكثر عرضة للتلوث، وهذا يتطلب من الأم العمل علي تعريضها للشمس والهواء بقدر الإمكان، وكذلك يوجد تلوث ناتج عن استخدام أجهزة المكيفات لفترة طويلة دون تمكين تيارات الهواء من المرور في أرجاء المنزل، فتخلصه من الروائح الناجمة عن الرطوبة، والتي قد تؤدي إلى وجود بعض الحشرات المنزلية. من ناحيتها تورد خديجة صالح، مديرة تواصل بإحدى المؤسسات الحكومية ولديها أربعة أبناء بمراحل التعليم المختلفة، أنه من الضروري للجميع الآن استخدام المناديل المبللة بالكحول لاستخدامها في كثير من الأماكن حتى نقضي على أكبر كمية من الجراثيم والملوثات الناتجة عن استخدام أشياء سبق استعمالها من قبل آخرين، مثل المقاعد والطاولات وكذا المصاعد في المراكز التجارية، وغيرها من الأشياء التي يمسك بها آخرون لسنا على يقين من درجة خلو أياديهم من أي أمراض أو جراثيم من أي نوع. أما في البيت هناك أسباب أخرى للتلوث، يجب الحذر منها مثل مقابض الأبواب والآرائك، التي ربما تظل شهوراً وربما سنوات لدى البعض بغير غسيل أو تنظيف، ما يجعلها مصنع ومصدر قوي للجراثيم والبكتيريا المختلفة الأشكال، ما قد تسبب أمراضاً معوية لبعض أفراد الأسرة دون التنبه لسبب هذا المرض أو ذاك. ربات البيوت وتلفت صالح إلى أن ربات البيوت غالباً ما يكون اهتمامهن بالأشياء الظاهرة والاعتيادية في نظافة منازلهن، خاصة لو أوكلن مهمة النظافة إلى الخادمات، حيث تصبح نسبة النظافة أقل من المطلوب، ولذلك ينبغي عليهن إدراك قيمة الإبقاء على بيوتهن على أكبر قدر من النظافة حتى يتمتع أفرادها بدرجة عالية من الصحة، وعليهن مثلاً الاهتمام بسلات القمامة المنزلية، وغسلها وتعقيمها باستمرار، وكذا التركيز على نظافة المطبخ وأدواته بقدر الإمكان، لانه أكثر مكان عرضة لظهور ملوثات مختلفة في المنزل. لما به من روائح مختلفة وأطعمة ربما فسد بعضها وألقته الأم في سلة المهملات، دون إدراك لما تسببه من روائح سيئة تؤذي بعض أفراد الأسرة. شمّا الجابري، ربة منزل ولديها طفل عمره سنة واحدة، تذكر أن النظافة المستمرة لكل أرجاء المنزل هي شغلها الشاغل، كون ابنها يزحف في كل مكان ويضع لسانه على كل ما يقابله، وبالتالي ربما يتعرض لأحد أنواع الملوثات التي تصيبه بمرض ما، وهو ما حدث له ذات مرة، حين ظهرت بثور جلدية على وجهه وفي فمه، وحين ذهبت به إلي الطبيب، أخبرها بأنه تناول شيئاً ملوثاً أو لمسه بفمه، ومن يومها تحرص الجابري على مراقبة طفلها بصفة مستمرة، وتنظيف كل ما يمكن أن تصل إليه يداه، حتى أجهزة الريموت كنترول الخاصة بالتليفزيون وجهاز اللاب توب الخاص بوالده، تعمل باستمرار على إبقائها نظيفة، وكذا الحال لكل الأثاث الموجود بالمنزل، حيث تعمل على رشه بنسبة خفيفة من «الديتول»، بحيث تقضي على أكبر كمية من الجراثيم، حتى لا يتعرض طفلها لما سبق وأن ما تعرض له من وعكة صحية بسبب التلوث. عالم الجراثيم من واقع خبرتها، وقدرتها على التعامل مع عالم الجراثيم والملوثات، تقول الدكتورة رنا النابلسي، استشارية ضبط الجودة والسلامة في المختبرات الاحترافية المركزية بأبوظبي، إن أجواء منازلنا تحوي عشرات الملوثات المسؤولة عن العديد من أمراض الجهاز التنفسي، والقلب، والحساسية، والأورام السرطانية المتنوعة، فضلاً على أنها تسبب الوفاة في بعض الأحيان، ومن أهم مصادر ملوثات المنازل، الملوثات البيولوجية، وتتضمن البكتيريا والعفن، والفيروسات ووبر الحيوانات ولعاب القط، وغبار المنزل والعث، مع التنويه بأنه أحياناً تكون أجهزة التكييف المركزية، التي لا تخضع للتنظيف الدوري أرضاً خصبة للعفن والملوثات البيولوجية، التي تتوزع بسهولة في أرجاء المنزل. كذلك الملوثات الكيماوية، وأهمها المنظفات مثل منظفات الفان والزجاج وشامبو السجاد ومنظفات التبيض ومعطرات الهواء والمطهرات وغيرها والمبيدات المستخدمة للقضاء على الحشرات، والقوارض، والفطريات، والتي تشكل خطراً كبيراً على الأطفال في المنازل، إذ يقوم بعضهم بابتلاعها، فضلاً على تعرضهم لاستنشاق جسيماتها، التي يبقى جزء منها عالقاً بأجواء المنزل. ناهيك عن التدخين، وما يحتوي على عشرات من المواد الكيميائية، التي تصل إلى 4000 مادة كلها ضارة، ثبت أن منها 43 مادة مسرطنة يتعرض لها المدخنون، ومن يشاركونهم في المكان. ومن الملوثات الكيماوية أيضاً مواد البناء، التي تحوي الاسبستوس المستخدم لأغراض العزل وبعض دهانات الجدران والأثاث، التي تحتوي على مركبات الرصاص. مصادر التلوث وتؤكد الدراسات البيئية، أن الرصاص يعد من مصادر تلوث المنزل ويطلق عليه «القاتل الصامت»، فهو يوجد في العديد من الأشياء التي نستعملها في حياتنا اليومية، وقد يؤدي التعرض المكثف لها إلى ما يُسمَّى بـ»التسمم بالرصاص»، وتتزايد احتمالات الإصابة فيما بين الأطفال دون سن السادسة؛ حيث إنهم يميلون لوضع الأشياء الملوثة بالرصاص في أفواههم وقد يأكلون رقائق من الطلاء الرصاصي أو يستنشقون مخلفات أو أتربة ملوثة بالطلاء، فكثيراً من الأقلام الملونة وألعاب الأطفال المستوردة تحتوي على نسبةٍ عالية من الرصاص. وكذلك انتشر بالآونة الأخيرة التسمم بمادة كلوريد البولي فينيل PVC الموجودة في المواد البلاستيكية مثل زجاجات الأطفال والألعاب والحاويات البلاستيكية، والتي تشكل خطراً على صحة وسلامة الأطفال. ومن الملوثات أيضاً التلوث الكهرومغناطيسي الذي ازداد في الآونة الأخيرة نتيجة المبالغة في استعمال المحمول والحاسب الآلي وغيرها من الأجهزة، التي تصدر موجات كهرومغناطيسة. وفي الدراسات الحديثة تعترف منظمة الصحة العالمية أن التلوث الكهرومغناطيسي يعدّ من أخطر الملوثات الآن، وخطرها يكمن في أنها غير مرئية، ولكن تأثيرها قوي وفي غاية الخطورة لقدرتها على اختراق خلايا الجسم والتأثير على وظائف الجهاز العصبي والقلب والشرايين وحاسة النظر وأجهزة التناسل والإنجاب. تدعيم الوعي وتبين الدكتورة رنا النابلسي أنه يمكن لجميع أفراد الأسرة، ومنهم الأطفال تجنب هذه الملوثات، من خلال عدم الإفراط في استخدام المواد الكيميائية والمبيدات الحشرية ومراعاة استخدامها وفقاً للإرشادات المكتوبة عليها، وبعيداً عن متناول الأطفال، مع الامتناع عن التدخين، وضبط درجتي الحرارة والرطوبة بالإضافة إلى تهوية المنزل والصيانة الدورية لأجهزة التكييف. وكذلك يجب تجنب استخدام المواد المصنعة من الأسبستوس في مواد البناء، والدهان الذي يحوي على الرصاص، بالإضافة إلى التأكد من أن ألعاب وأدوات الأطفال خالية من الرصاص وتجنب استخدام الألعاب البلاستيكية، التي تحتاج لبطاريات للحد من إطلاق المواد المسرطنة مثل الديوكسين والبنزين لما تحدثه هذه البطاريات من تلوث بيئي. وتذكر النابلسي أن تدعيم الوعي بخطورة هذه الملوثات على الصحة العامة، وتحسين السلوك الفردي كفيل بتخفيف نسب تلوث الهواء داخل المنازل، وذلك أولاً- باستبعاد مصدر التلوث أو التخفيف من إصداره كاستبعاد استخدام بعض أنواع المنظفات التي تفتقر لمعايير السلامة ونشر الوعي بأهمية صيانة أجهزة التكييف بشكل دوري وخطر التدخين السلبي وسن تشريعات للحد من استخدام الاسبستوس ومراقبة جودة ألعاب الأطفال للتاكد من خلوها من الرصاص والبحث عن ألعاب بديلة صديقة للبيئة. ولا ننسى أهمية نشر التوعية عن طريق وسائل الإعلام والمدارس وإقامة الندوات، التي تتمحور حول المخاطر الصحية للملوثات البيولوجية والكيماوية والكهرومغناطيسية داخل المنزل، ومعرفة أعراض التسمم باختلاف أنواعه وتقنيات الإسعافات الأولية الفورية، والتي بها يمكن أن تنقذ حياتك أو حياة عائلتك. ??لعب الأطفال لا تنكر شما الجابري أنها لم تكن تهتم من قبل بنظافة لعب الأطفال، غير أنها بعد متابعة كثير من الأخبار هنا وهناك عن وجود كميات لا يُستهان بها من البكتيريا والملوثات على هذه الألعاب، ما يهدد سلامة الأطفال، أصبحت أكثر حرصاً على تنظيف الألعاب باستمرار، خاصة أن طفلها لا يزال يتعرف على العالم من حوله من خلال لسانه تبعاً لمرحلته العمرية، التي يعيشها، ما يسبب له أمراضاً مختلفة إذا حدث ووضع لسانه على أشياء غير نظيفة من بين الألعاب التي يلعب بها. شكاوى مرضية بالنسبة للأمراض الناتجة عن التلوث داخل المنزل، أوضحت الدكتورة رنا النابلسي، أن العقود الثلاثة الماضية، سجلت شكاوى مرضية متكررة كالصداع والإرهاق، والخمول والاكتئاب والأرق، الحساسية والاحتقان الأنفي المتكرر، وتهيج العين، والحنجرة، وبدأت تظهر أعراض المرض على الإنسان عند بقائه في مكان معين وتختفي عند مغادرته له مباشرة أو بعد أيام فسميت هذه الأمراض «بمتلازمة مرض المباني»، ويبدو أنها ضريبة تدفع لقاء السكن في المباني العالية والشقق المكيفة والمحكمة الإغلاق بهدف الحفاظ على الطاقة، فعندما لا تدخل حجوم كافية من الهواء الخارجي إلى داخل المنازل تتراكم الملوثات في الهواء المحصور ليصل تركيزها فيه إلى 70 مرة أعلى مما هو عليه الهواء في الشارع، وإلى حدود تسبب مشاكل صحية، كما أثبتت الدراسات أن سوء استخدام مضاد الحشرات والقوارض، والمعقمات يسبب تشوهات جنينية وتليف الجهاز العصبي والعقم وسرطان الدم. وتشير النابلسي إلى مجموعة خطوات تؤدي إلى الوصول إلى بيئة منزلية سليمة، تتمثل في التقليل من استخدام المنتجات الكيماوية والمبيدات الحشرية، التي تحتوي على مواد خطرة أو استخدام منتجات بديلة أو مشابهة تؤدي نفس الغرض تقريباً، ولكنها أقل خطورة على المستهلك والبيئة. إضافة إلى الابتعاد عن التدخين وصيانة معدات التدفئة وتكييف الهواء بشكل دوري والتهوية الكافية للتخلص من الغازات السامة الناتجة عن عملية الطهي والتخلص من الرطوبة في المنزل والحد من المبالغة في استعمال الأجهزة الكهرومغناطيسية مثل المحمول والحاسب الآلي لفترات طويلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©