الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا: هل تكسب ميركل الرهان؟

ألمانيا: هل تكسب ميركل الرهان؟
21 سبتمبر 2013 22:30
ستيفان كورنيليوس برلين إنه موسم الانتخابات في ألمانيا. والمستشارة أنجيلا ميركل تمر بأسوأ كابوس بالنسبة لها. فالسيدة التي يعتقد أنها أقوى شخصية سياسية نسائية تكره سياسة الحملات الانتخابية. ويتعين على ميركل أن تكون واثقة ومتفائلة. فقد تمكنت من التعامل مع أزمة اليورو على نحو جيد جداً؛ فلم تنهر العملة، كما أن الأداء الاقتصادي في ألمانيا يسير بصورة ممتازة. وعلاوة على ذلك، فميركل ظلت تتفوق في استطلاعات الرأي بفارق قوي وتحظى بنسب تأييد رائعة، على رغم أنها تتولى رئاسة الحكومة منذ ثماني سنوات. فليس أمامها تقريباً أي فرصة للهزيمة عندما يذهب الناخبون للاقتراع اليوم الأحد. ومع ذلك، فثم شيء يبدو غير مريح، فميركل عادة ما ينتابها ارتياب عندما تكون الأمور على ما يرام. وهذه المرة قد يكون هذا الشيء هو: هل تبدو هذه السيدة التي نجحت من خلال التزام قوي بالتوصل إلى انسجام وتوافق في الآراء وكأنها باتت مثيرة للضجر بالنسبة لألمانيا؟ ربما يلزمنا القول إن أداء ميركل لم يكن جيداً في الحملات الانتخابية. وقد انتخبت كمستشارة مرتين، ولكن بالنسبة لها، فالانتخابات تثير شعوراً بالصدمة. فقد كادت تخسر أمام جيرهارد شرودر في 2005، على رغم تقدمها بصورة مرْضية في استطلاعات الرأي. وبعد مرور أربعة أعوام، ومع النتائج التي حصلت عليها في استطلاعات الرأي، كان أداؤها، مرة أخرى، أسوأ من المتوقع في يوم الانتخابات، وذلك على رغم تعزيز موقفها من خلال شريكها القوي في التحالف، وهو حزب الديمقراطيين الأحرار. وعندما يتعلق الأمر بصخب الانتخابات، تصبح ميركل في الواقع شخصية سياسية غير فعالة، حيث إنها لم تتمكن مطلقاً من إظهار الثقة في الحملة الانتخابية. وفي المناظرة التليفزيونية الوحيدة لها مع منافسها الرئيسي بير شتاينبروك، مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بدت ميركل متحفظة وسلبية. وفي حملتها الانتخابية اتخذت مؤخراً وضع الهجوم ولكن سرعان ما تراجعت على الفور. وفيما يتعلق بالشأن السوري، حاولت ميركل تقديم الدعم لجهود الولايات المتحدة لمواجهة استخدام الأسلحة الكيماوية مع الأخذ في الاعتبار نفور الشعب الألماني من العمل العسكري عموماً، لتجد نفسها بذلك عرضة لانتقادات بأنها إما تتبع أوباما بتهور أو تتركه وحيداً كما فعلت من قبل خلال الأزمة الليبية. كما أن ميركل ليست أيضاً بالمتحدثة الرائعة على رغم أنها تملك شخصية جذابة ومرحة للغاية في حياتها الشخصية. وهي نادراً ما تخطو خطوات جريئة، وحتى في القضايا البسيطة تكون حذرة وتفكر مراراً وتكراراً في العواقب المحتملة. وتكمن المفارقة في أن نقاط ضعفها في الحملة الانتخابية هي نقاط قوتها في منصبها. ويعد التوقيع الخاص بالمستشارة تجسيداً آخر لأسلوبها الحذر والمثير للجدل والضجر على غرار أسلوبها في السياسة. إنها تتناول المشكلة وتقسمها إلى أجزاء وتحاول أن تجد حلًا لها، وغالباً ما يكون حلاً ذا تقنية عالية ودائماً ما يكون مفصلاً جداً، ولا يترك شيئاً للصدفة. وفي ذروة أزمة اليورو، ساعدها هذا الأسلوب الهادئ والحذر، على رغم الانتقادات التي وجهت إليها، إلا أنه يمكن القول، مع ذلك، إنها هي المسؤولة عن إنقاذ منطقة اليورو. فلماذا تكون ميركل ضعيفة إلى هذا الحد في الحملة الانتخابية؟ لماذا لا تنفق النقود وتستثمر شيئاً من رأسمالها السياسي الذي جمعته؟ الإجابة أن ميركل غير قادرة على هزيمة أسوأ عدو لها: نفسها. إن ميركل سيدة توافق، وزعيمة أحد أغنى اقتصاديات العالم، ولكن هذا النمط، بحكم تعريفه، يمنعها من اتخاذ وضع المهاجم أثناء الحملة. وبعد قضاء ثمانية أعوام في منصبها، أخذ أسلوب ميركل الهادئ والمتروي مجراه مع الناخبين الألمان. وقد احتوت في الأساس معظم خصومها السياسيين ولم تترك لهم أي متنفس. ويوجه المنتقدون لها الاتهام باكتساح الحياة السياسية في ألمانيا، وهي بلاد تحب التوافق وترتاب من الشجار الكثير. ويريد الشعب الألماني أن يعرف ما المتوقع على مدار السنوات الأربع المقبلة، وأن يكون له الخيار. فهو يستحق أكثر من مجرد تلميح حول الكيفية التي تريد بها أقوى دولة في أوروبا التغلب على الأزمة في القارة. وينتظر جيران ألمانيا اليوم الانتخابات كما لو كانت عيد الميلاد. فهم يريدون ويتوقعون أن يشاهدوا ألمانيا ترقى لمستوى إمكاناتها كدولة رائدة في العالم، سواء كان ذلك على الصعيد الاقتصادي أو الأمني. ولكن لن تكون هناك أي هدايا في الانتظار، فلن تظهر سياسة خارجية ألمانية جديدة وأكثر قوة بعد الارتباك الذي شاب الانتخابات. ولن تحدث أي معجزات اليوم الأحد. وبغض النظر عما إذا كانت ميركل ستكتسح الانتخابات أو تحقق نجاحاً محدوداً، فإنا ستحكم بنفس الأسلوب الممل والمتأني كما كانت تفعل من قبل. خطوة بخطوة، وأزمة بعد أزمة. ولكي تتمكن من ترسيخ إرثها كمستشارة عظيمة، يتعين على ميركل الآن أن تعيد اكتشاف نفسها وتظهر المزيد من القيادة في الداخل والخارج على حد السواء. وهي في حاجة لأن تأخذ مجازفة أو اثنتين وتهيئ نفسها للخسارة. إنها قادرة على ذلك... ولكن هل ستقوم به؟ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©