الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس وأصداء التحول المصري

21 سبتمبر 2013 22:31
كيفين سوليفان تونس من خيمتها الاحتجاجية خارج مبنى البرلمان الوطني، تريد معلمة علم الاجتماع نائل الزغلامي إسقاط الحكومة التونسية. وقد اعتبرت أن الساسة الإسلاميين الذين حكموا عقب الثورة الشعبية التي قامت في البلاد عام 2011 والتي تبعتها ثورات «الربيع العربي» في شمال أفريقيا، يحاولون تدمير العادات التي تعتز بها والتي تتمثل في مجتمع علماني وحقوق المرأة وعدم التسامح مع عنف الإسلاميين المتشددين. وأضافت الزغلامي، 44 عاماً، وهي ترتدي ملابس على الطراز الغربي وتكشف شعرها «نحن النساء لا نريد أن نفقد المكتسبات التي حصلنا عليها في الماضي. فنحن نريد أن نبقى خارج المنزل متى شئنا العمل. نريد أن نعيش حياتنا بالطريقة التي تحلو لنا». وتونس، التي كانت نموذجاً للاستقرار في فترة ما بعد «الربيع العربي»، أصيبت بالشلل بسبب ردود فعل متنامية ضد حكم الإسلاميين وتصاعد العنف المتطرف. وهناك غضب متزايد واستياء عام مماثل لذلك الذي قاد في مصر إلى تنحية نظام «الإخوان» المخلوع. ويخرج الآلاف من المتظاهرين التونسيين للاحتشاد في الشوارع بصورة منتظمة مطالبين باستقالة الحكومة. كما تم تعليق أعمال البرلمان منذ مطلع أغسطس إلى أجل غير مسمى. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبية الحزب الحاكم تنخفض بسرعة كبيرة حيث يتهم المعارضون السياسيون الإسلاميين بمحاولة دحر نصف قرن من مجتمع متسامح متأثر بالثقافة الأوروبية. واعتبر متظاهرون إن الحكومة قد غضت الطرف عن المتطرفين الذين اقتحموا المعارض الفنية وضيقوا على الناس في حرياتهم الشخصية. غير أن ما يزيد من غضبهم هو العنف الأكثر تطرفاً الذي شمل اغتيال اثنين من ساسة المعارضة الشعبية وقتل عشرة جنود تونسيين إلى جانب هجوم الغوغاء العام الماضي على السفارة الأميركية في تونس، الذي أدى إلى مقتل أربعة أشخاص ولم يؤد إلى محاكمة أو إدانة. ويقول زعيم المعارضة في تونس الباجي قائد السبسي: «لدينا الآن إرهاب في تونس، وهو نتيجة لكون الحكومة غير صارمة بالقدر الكافي. إنها تشجع العنف بدون التفوه بذلك». والعديد من مثل هذه الشكاوى سمع أيضاً في مصر -عدم الكفاءة، تأويلات متشددة للدين، الانحراف السياسي، وكل هذا يغذي الاضطراب هنا أيضاً في تونس. ويقدم حزب «النهضة» الحاكم نفسه على أنه أكثر اعتدالًا من حكومة «الإخوان» التي سقطت في مصر. غير أن تونس، كما هو حال شقيقتها الكبيرة، عالقة في صراع عنيف متزايد بين رؤيتين متنافستين حول دور الدين في الحكم والحياة اليومية. كما أنها تواجه نفس الأسئلة: هل بإمكان الأنظمة الدينية أن تستمر في الدول المسلمة مع تقاليد طويلة من التسامح والانفتاح الاجتماعي؟ وهل بإمكانها السيطرة على أتباعها الأكثر عنفاً وتطرفاً؟ يقول زعيم حزب «النهضة» راشد الغنوشي: «مهما تفعل الحكومة تلقى الانتقاد. فنحن إما في غاية التراخي مع هؤلاء الناس، أو أننا نواجههم بدوافع سياسية. لن تتمكن من الفوز». وأضاف أن الحكومة عازمة على القضاء على المتطرفين. «لا أعتقد أنهم يمثلون تهديداً خطيراً للانتقال الديمقراطي في تونس». كما أكد أن الأحداث التي شهدتها مصر لا يجب أن تكون دافعاً لمنافسيه، لاختلاف الظروف بين البلدين. ومنذ حصول تونس على الاستقلال في 1956، كانت واحة للإسلام المعتدل، وكان التونسيون المتحدثون بالفرنسية يجالسون السائحين الأوروبيين في المقاهي وعلى شواطئ البحر المتوسط. غير أن الفساد والقمع والظروف الاقتصادية الصعبة دفعت الشعب التونسي للثورة ضد نظام بن علي ودفعه للذهاب إلى المنفى في يناير 2011. وكان حزب «النهضة» هو المستفيد في الانتخابات التي أجريت في وقت لاحق من نفس العام وتم منح الحكومة عاماً واحداً لوضع دستور وقوانين انتخابية جديدة تجري الانتخابات بعدها، ولكن لم يحدث شيء من ذلك. وقد تشكك كثير من الشعب التونسي، خاصة من الطبقة المتوسطة، في فكرة الحكومة الإسلامية، وتحققت مخاوفهم بسرعة، فقد دعت حكومة «النهضة» إلى فرض أحكام متشددة، وقالت إن المرأة ستكون «مكملة» للرجل وليست مساوية له. وسرعان ما سحبت الحكومة هذه المقترحات في مواجهة الغضب الشعبي، غير أن العديد من التونسيين يعتقدون أن هذه المقترحات تعكس التوجهات الحقيقية للحكومة. ويقول السبسي، 86 عاماً، إنهم «يريدون أن يغيروا الطريقة التي نعيش بها منذ خمسين عاماً». لقد تزايد الغضب الشعبي من الحكومة باغتيال شكري بلعيد، أحد قادة المعارضة الشعبية، واغتيال محمد البراهمي بنفس الأسلوب تقريباً، وقد خرج الآلاف إلى الشارع للاحتجاج على ذلك، كما انسحب العشرات من أعضاء البرلمان مما أدى إلى تعليق أعماله. وفي 27 أغسطس، أعلنت الحكومة جماعة «أنصار الشريعة» الإسلامية المتطرفة منظمة إرهابية، وأكدت تورط الجماعة في اغتيال ثمانية جنود تونسيين بالقرب من الحدود الجزائرية. وتتهم المعارضة «النهضة» بأن مواجهتها لجماعة «أنصار الشريعة» أقل مما ينبغي مما قد يؤدي إلى مزيد من العنف. وقد وصفت الولايات المتحدة «أنصار الشريعة»، بأنها منظمة إرهابية تعمل في أكثر من ست دول من المغرب إلى اليمن. ومن جانبها قالت جماعة «أنصار الشريعة» عبر بيان لها على شبكة الفيسبوك إن حظر الحكومة لها سيأخذ هذه الدولة إلى حمام من الدماء. وأخيراً تقول الزغلامي إن «النهضة في حاجة إلى النظر لما حدث للإخوان المسلمين في مصر» واستطردت «إننا نريد تحقيق أهداف الثورة: العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية». ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©