الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

لماذا لا نقرأ ؟

26 ديسمبر 2006 00:56
بنية المجتمع الفكريـة مؤشر على أهمية الكتــاب لا قيمة للأمم إلا بممارسات حضارية مثل القراءة أحمد خضر: هناك أزمة قراءة·· ولكن ما الأسباب الكامنة وراء عزوف أغلبية الناس عن القراءة ؟ البعض يرى أن الانغماس في الحياة المادية، وانشغال الناس بتدبير أمورهم المعيشية هو السبب حيث لا يجدون وقتاً كافياً للمطالعة ، والبعض يرجع ذلك إلى طغيان وسائل الإعلام الحديثة من إذاعة وتلفزيون وفيديو وإنترنت ، حيث اصبحت هذه الأجهزة تقدم المعلومات ( جاهزة ) دون أدنى مجهود يبذله المستمع أو المشاهد وبالتالي أصبح دور الكتاب محدوداً لدى هذه الفئة · والبعض يرجع سبب العزوف عن القراءة إلى غلاء أسعار الكتب ، حيث يجد المواطن العادي أو المثقف صعوبة مالية في شراء الكتب واقتنائها ، كذلك تقصير البيت والمدرسة معاً في غرس عادة القراءة في نفوس الناشئة منذ الصغر ، وبالتالي يشب المتعلمون وهم لا يدركون أهمية القراءة ، ونراهم يتبرمون بالكتاب المدرسي المقرر ، وسرعان ما يلقونه بعيداً عنهم بعد فترة الاختبارات ، ويعتبرون أنفسهم في إجازة عقلية ، وهذا أمر خطير على المتعلمين الذين سرعان ما ينسون كل ما تعلموه بعد تخرجهم ، ولا يلتفتون إلى تثقيف أنفسهم عن طريق المطالعة الخارجية ، بعد تركهم لمقاعد الدراسة وهو ما يعبر عنه بأنه ( أزمة ثقافية عامة ) وقد أشار الدكتور طه حسين مراراً إلى هبوط مستوى الجامعيين ، وارتدادهم إلى التخلف الثقافي بعد تخرجهم· إن هذه الأزمة ليست وليدة سبب معين، ولكنها جزء من الأزمة الحضارية الشاملة، فالقراءة ظاهرة حضارية، وهي الوسيلة الأولى لاكتساب المعرفة، وحتى نبدأ القراءة سنظل نغط في سبات عميق، ونعيش في معزل عما يجري في العالم، وما يحيط بنا من أشياء · لماذا لا نقرأ ؟ هذا السؤال وجهته ''الاتحاد'' إلى بعض المثقفين والكتاب وكانت الإجابات التالية: الكتاب والإنترنت الدكتورة فاطمة الصايغ من جامعة الإمارات تقول: سألت طلابي قبل فترة عن المصدر الذي يستقون منه المعلومات ، وهم يعدون مشروع التخرج ، فأجابوا بأن هذه المعلومات مصدرها الإنترنت الذي هو وسيلة سهلة وجاهزة ، حيث لا يتعبون أنفسهم في القراءة ، وبضغطة زر يحصلون على المعلومات ، بمعنى أن الطلاب الذين من المفروض عليهم القراءة لا يقرأون ، ويحضرون الأبحاث عن طريق الإنترنت · وأضافت قائلة : في الواقع إنها أزمة على المستوى العالمي وأشارت إلى أن الأميركان الذين يقرأون في محطات المترو ووسائل المواصلات والأمكنة العامة لا يقرأون في هذه الأيام سوى الأشياء الرومانسية والمجلات الفنية والأشياء الخفيفة ، أما القراءة الجادة ، والكتب الثقافية والنظرية والفكرية فلا يطالعا سوى قلة قليلة ، ومن هنا فإن أهمية الكتاب تراجعت ، وسوف يتراجع أكثر في المستقبل لأن القراء قلوا · وذكرت الدكتورة فاطمة الصايغ إلى أن أهمية الكتاب الإلكتروني تكبر ، حيث يمكن اقتناء أمهات الكتب إلكترونياً بدل الذهاب إلى المكتبة ، إضافة إلى أن سعره أقل ، كما أن الناس تبحث عن السهولة والبساطة والرخص ، مشيرة إلى أن مشروع الكتاب الإلكتروني الموجود الآن في الغرب ، لا بد من تعميمه في بلادنا · تآمر على اللغة والتراث أما الشاعر خالد البدور فيرجع السبب إلى التعلق ببنية المجتمع الفكرية ويقول: لا يمكن لأي إنسان أن يمارس أي شيء ، إذا لم تكن تلك ممارسة اجتماعية أسرته، لا يمكن أن نكتسب عادة القراءة ، أو اي عادة حسنة أخرى إذا لم نجد مثالاً بشخص قارئ أكان عضواً في الأسرة ، أو مدرساً في المدرسة ، أو مديراً في العمل ، ونوه إلى أن المدرسين لا يقرأون ونحن نتحدث عن القراْة ، متسائلاً : كيف تريد من الطلاب أن يقرأوا في هذه الحالة ؟ واستطرد قائلاً : نحن نتهم الأمم الأخرى بأنها تعتدي علينا ، وبأنها تحوك المؤامرات ضدنا ، ونحن نتآمر على لغتنا وعلى تراثنا الحضاري بعدم الاطلاع وبالإهمال ، وأوضح أنه لن تقوم لأية أمة قائمة إلا بانتهاج ممارسات حضارية مثل القراءة· كسل دهني ويقول المخرج المسرحي حاتم السيد: إن عزوف الناس عن القراءة يعود إلى عدة أسباب منها انشغال الناس بمتطلبات الحياة اليومية حيث لا يجدون الوقت الكافي للقراءة ومن مختلف الأعمار ، كما أن ثورة المعلومات ممثلة بالإنترنت ، وأجهزة الاستقبال الفضائي التي جعلت العالم قرية صغيرة ساهمت مساهمة كبيرة في إبعاد الناس عن الكتاب ، وأضاف السيد : أن التطور الهائل في صناعة السينما أدى إلى قتل الرغبة في القراءة ، والاستعاضة عنها بالمشاهدة الحسية والبصرية والصوتية · وأوضح أن ما أسماه ( الكسل الذهني ) الذي أصاب القارىء العربي بشكل عام ، والإحباطات السياسية ، والمصاعب الاقتصادية التي يعاني منها هذا المواطن جعلت من الكتاب الذي ينبغي أن يبقى سيد المعرفة يتنازل عن سيادته ، ويصبح من سقط المتاع · لماذا أقرأ ؟ ويقول الباحث والكاتب نجيب الشامسي في أسباب العزوف عن القراءة : إن هذه الظاهرة لا تعني مجتمع الإمارات فحسب ، وإنما المجتمع العربي ككل ، ويعود ذلك بالأساس إلى أن الإنسان العربي أصبح منشغلاً بأسباب معيشته ، أكثر من أن يكون منشغلاً بتثقيف ذاته ، وبناء نفسه علمياً ومعرفياً ، وكذلك ربما ما يحدث في المجتمع العربي أدى إلى أن تتولد قناعة لدى المواطنين العرب عامة ، وشريحة الشباب خاصة بأن لا دور لهم ، وبالتالي يتساءل الشاب العربي : لماذا أقرأ ، وحينما لا أمارس ما تعلمته فما الجدوى إذن ؟ وأوضح الشامسي أن الوعي والثقافة يشكلان ضغطاً نفسياً على الإنسان حينما لا يمارس دوره كمثقف ومتعلم وإنسان · القاصة أسماء الزرعوني تقول: إن الشباب العربي يمضون وقت فراغهم في الأسواق الحديثة ، ومقاهي الإنترنت ، لذا لا وقت لديه للقراءة سواء منها ما يتعلق بدروسه وواجباته الأكاديمية ، أو المطالعات الخارجية ، وأضافت : نحن نعيش في زمن التجهيل الحقيقي ، والأمية الثقافية ، طالما أن التسويق السلعي ، وأماكن الترفيه سيطرت سيطرة تامة على دور المكتبات ، ومنابر الثقافة والوعي والمعرفة ، وأضافت : لا بد من التغلب على هذه الأمور بإشاعة الحراك الثقافي الحقيقي بين أبناء المجتمع ككل ، ووضع أسعار مناسبة للكتاب حتى يتم اقتناء ذلك الكتاب والاستفادة منه على مدى زمني طويل ، ذلك أن الكتاب يبقى سيد المعرفة ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©