الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يا حلفاء أميركا.. أنقذوا «عين العرب»!

يا حلفاء أميركا.. أنقذوا «عين العرب»!
11 أكتوبر 2014 23:59
في حديث هاتفي أجريته يوم الاثنين مع قائد عسكري كردي سوري، قال لي إن تنظيم «داعش» يوشك على إلحاق الهزيمة بأكراد سوريا الذين قاتلوا بضراوة خلال الأسابيع الماضية دفاعاً عن بلدة عين العرب «كوباني» القريبة من الحدود التركية. واسم هذا الرجل «صالح مسلم»، وهو واحد من أهم رجال المعارضة الناشطين ضد نظام بشار الأسد في شمال سوريا. . وقال لي: «هناك ما بين 15 و20 ألف مدني كردي يقيمون في «كوباني» حتى الآن. وقد عاهدوا أنفسهم على الموت فوق أرضهم قبل أن يسلّموها. صحيح أن هناك غارات جوية للتحالف، إلا أنها ليست كافية لوقف الهجوم الضاري على كوباني. ونحن لا نريد أن نرى هنا مأساة جديدة للتطهير العرقي». وفي اليوم التالي، الثلاثاء، بدا لي صوت «مسلم» أقل حِدّة عندما قال لي في اتصال هاتفي آخر من بروكسل حيث كان يشارك في «لوبي» مسؤولي الاتحاد الأوروبي لدعم الأكراد: «منذ الليلة الماضية، كانت هناك غارات جوية عنيفة. ونتمنى عليهم أن يواصلوا غاراتهم». وأنا أعتقد أن ما يطلبه «مسلم» مهم جداً لأن سقوط «كوباني» سيبعث برسالة توبيخ للإدارة الأميركية حول فشل استراتيجيتها وقلّة فعاليتها في دحر مقاتلي «داعش». ومن دون قيادة أميركية فعالة وقوية، فلاشك أن «كوباني» ستسقط في أيدي الإرهابيين. وتعكس قصة هذه البلدة الكردية المشاكل ونقاط الضعف التي تعتري آلية التخطيط الأميركية للعمليات العسكرية في سوريا. وحتى نتمكن من دحر «داعش»، فإن الغارات الجوية تحتاج إلى إطلاق عمليات عسكرية برية. إلا أن ما يحول دون ذلك هو أن الثوار السوريين الذين يمكن الاعتماد عليهم لسدّ هذه الثغرة نادرون. ولهذا السبب، يمكن القول إن من الواجب التعامل مع الأكراد السوريين باعتبارهم الحلفاء المفضلين للولايات المتحدة. وقد خاض الأكراد السوريون الذين ينتشرون بشكل أساسي في شمال وشمال شرق سوريا على طول الحدود التركية والعراقية، أشرس المعارك ضد «داعش». وهم يقولون إن هذا التنظيم الإرهابي اجتاح أراضيهم بدعوى تأسيس «الخلافة» المزعومة. وحتى الآن، كانت المساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة لهم ضئيلة جداً ولا تفي بالغرض، وربما تكون قد أتت متأخرة أيضاً. وخلال هذا الأسبوع، أصابت الغارات الجوية الأميركية بعض الأهداف الحساسة لتنظيم «داعش» في بلدة «كوباني» التي بقيت تحت الحصار لنحو شهر كامل. ولكن، وحتى الآن، لم يحدث أي اتصال أو تواصل بين قوات التحالف والقوات الكردية التي تحارب على الأرض من أجل تنسيق العمليات العسكرية لضرب الأهداف الحيوية للتنظيم. وقال لي «مسلم»: «لا تجري الولايات المتحدة أي اتصال مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي». وقد آثر «مسلم» أثناء حديثه الهاتفي معي استخدام الأحرف الإنجليزية الأولى لاسم هذا الحزب الذي يقوده. وهو يمثل أكبر تجمع سياسي في المنطقة الكردية السورية. وقال «مسلم»: «لقد وجهنا إليهم عدة رسائل قلنا فيها إننا نرغب في إقامة نوع من التنسيق. ونحن نمثل حتى الآن القوة الوحيدة المستعدة للوقوف في وجه داعش في سوريا. كما أننا موجودون على أرض المعركة، ونمتلك الخبرة القتالية اللازمة، إلا أنهم (الولايات المتحدة وحلفاءها) لا يتصلون بنا». ولابد من التذكير هنا بأن «مسلم» الذي آثر الخوض في السياسة، هو مهندس دفع الثمن الغالي لنشاطه المناهض لحكم الأسد. وقد ذاق الأمرّين هو وزوجته عند اعتقالهما لفترة طويلة في سجون النظام، وقُتل ابنه العام الماضي على أيدي إرهابيين يرتبطون بتنظيم «القاعدة». ولعل الشيء الذي يحزّ في نفس «مسلم» هو أن مقاتلي «داعش» يقتلون أكراد «كوباني» بأسلحة أميركية تتنوع بين الدبابات وناقلات الجنود والمدافع، وهي التي غنموها من القواعد العسكرية التابعة للجيش العراقي في الموصل بعد أن استولوا عليها قبل بضعة أشهر. وخلال الشهر الماضي (سبتمبر)، قام الألوف من مقاتلي «داعش» باجتياح المناطق المتاخمة لـ«كوباني» بعد أن هاجموها من ثلاثة محاور. والمحور الرابع، هو الذي يقع في مواجهة الحدود التركية، وكان هذا هو الطريق الوحيد لفرار أكثر من 150 ألف نازح كردي إلى تركيا. إلا أن الأتراك منعوا نقل المساعدات إلى «كوباني» مع العلم أن المقاتلين الأكراد يفتقرون للأسلحة المضادة للدبابات وإلى المزيد من المقاتلين. وكان في وسع المقاتلين الأكراد المعزولين في أماكن مختلفة من سوريا أن يهرعوا إلى «كوباني» لمؤازرة إخوانهم وفك الحصار عن البلدة لولا أن الطريق الوحيد الذي بقي أمامهم يمرّ عبر تركيا. إلا أن الأتراك لم يسمحوا لهم بذلك، كما لم يسمحوا بعبور قوافل المساعدات العسكرية إليهم عبر حدود تركيا. ويدفعنا هذا الموقف للتفكير في الجانب السياسي لهذه القصة المؤلمة. وتركيا، التي آثرت دائماً وأبداً عدم الامتثال للمطامح الوطنية للأقلية الكردية كبيرة العدد الموجودة في أراضيها، ترفض الآن تقديم يد العون للأكراد السوريين الذين تمكنوا من إقامة منطقة شبه مستقلة داخل سوريا. على أن «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي الذي يرأسه صالح مسلم محمد، هو الشقيق لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تعتبره أنقرة حزباً إرهابياً. إلا أن الولايات المتحدة لم تُدرج «حزب الاتحاد الديمقراطي» في قائمة الإرهاب. وعلى رغم ذلك، فإن تركيا تتفاوض على صفقة سلام مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين عبدالله أوجلان. وأمام هذا التناقض، هدد أوجلان من سجنه التركي بوقف المفاوضات مع الجانب التركي لو سقطت «كوباني». ولهذا السبب يمكن القول إن مصلحة تركيا تقتضي منها أن تعمل الآن كل ما في وسعها لإنقاذ «كوباني». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم سي تي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©