الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

حتى اليهود يندّدون بتدمير منازل الفلسطينيين

27 ديسمبر 2006 00:40
الاتحاد خاص: تتقدم الدبابات، ووراءها الجرّافات التي تم تصفيحها وتجهيزها لتتحوّل إلى ''جرافات مدرّعة'' تتولى تدمير منازل الفلسطينيين، وفي أحيان كثيرة يكون سكان هذه المنازل داخلها· لايهمّ، فالحرب في العقل الإسرائيلي هي الحرب·· الجرّافات تحمل هذا الاسم ''كاتربلر''· الاسم مألوف في العالم العربي، لكنه بدأ يثير حساسية الكثيرين، حتى الهيئات الإسرائيلية الإنسانية التي تشنّ حملات ضدّ الشركة الأميركية العملاقة التي زبائنها من العرب لا يحصون· ومع أن شعار الشركة بعيد كلياً عن المسائل العسكرية، فإن منتجاتها تُستخدَم عسكرياً من قِبَل إسرائيل، وأحد مديري الشركة يقول ''إننا نبيع الجرّافات إلى الدولة العبرية عبر البنتاغون''· ويلقي هذا التقرير الضوء على ما تفعله الجرّافات: ملعب لكرة القدم ''على الأقل، تركت لهم ملعباً لكرة القدم''، يقول الجندي الإسرائيلي ذلك، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة خبيثة، بعدما نفذ أمراً بجرف عدد من المنازل الفلسطينية بواسطة جرافات الـ''كاتربلر''· عندما يدرك أن فرحته السمجة لم تدفع أحداً غيره إلى الضحك، يحاول أن يثير اهتمام الذين حوله، فيضيف: ''الكثير من الأشخاص كانوا داخل منازلهم عندما بدأوا بجرفها· أنا شخصياً، لم أتمكن من رؤية أحد يموت تحت شفرات الجرافة، ولكنني متأكد من أنهم قضوا جميعاً··· وأنا مسرور لذلك''· جندي آخر يحاول الظهور بمظهر ''العبد المأمور'' يقول: ''عادة ما يتم تدمير المنازل في منتصف الليل، ومن دون إعطاء أي إنذار مسبق لمَن بداخلها، لذلك فليس أمام الساكنين سوى لحظات قليلة للهروب''· ويتابع: ''ما أن ننتهي من دكّ المنزل حتى يركض الأطفال وذووهم إلى الأنقاض ليحاولوا العثور على أي شيء: من كتب مدرسية، وثائق وشهادات ميلاد، ألعاب، بقايا مفروشات الخ·· عندما أرى ذلك يتعكر مزاجي، لكنني مضطر لتنفيذ الأوامر، وأنا مدرك أنها من أجل الصالح العام''· ما هو شعورنا؟ بعض الإسرائيليين ضاقوا ذرعاً بهذه الأعمال التدميرية التي تنتهك حقوق الإنسان تحت الأضواء، وتقضي على كل الآمال بتحقيق السلام في المنطقة· يكتب ''جدعون ليفي'' في ''هاآرتس'': ''هل نستطيع نحن الإسرائيليين أن نتخيّل كيف سيكون شعورنا لو أن جرافة ''كاتربلر'' اقتحمت منازلنا فجأة في منتصف الليل، ودمّرت كل ما نملكه على مرأى من عيون أولادنا؟·· هل يعي صنّاع القرار في إسرائيل، انعكاسات هذه الكراهية التي ينسجونها في قلوب الأطفال الفلسطينيين، عندما يشهدون دمار منازلهم أمام أعينهم؟''· إلى جانب ذلك، ينحو عدد كبير من الجمعيات العالمية لحقوق الإنسان، وبعض الجمعيات اليهودية ذات التوجهات السلمية، في الاتجاه نفسه· ويشنّون حالياً حملة عنيفة على شركة الـ''كات'' العملاقة التي تنتج جميع الجرافات والآليات التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في أعماله اللاإنسانية· البنتاغون ورغم الدعوات التي وُجهت إلى الشركة للتوقف عن إمداد إسرائيل بالجرافات، لم تعر أحداً أذناً صاغية· مع العلم بأن شعارها الأساس ينص على ''خدمة الموطن العالمي الجيد''، كما أن مقدمة أي اتفاقية تبرمها تشير إلى أن ''المؤسسة وفي أي عمل أو استثمار تقوم به، تأخذ في الاعتبار الأولويات الاجتماعية، الاقتصادية والبيئية، إلى جانب الربح المادي''، كما يؤكد ''أنّ نجاح المؤسسة ينبغي أن يساهم في تحسين نوعية الحياة وازدهار المجتمع''· ولكن، عوضاً عن التقيد بتلك المبادئ الأساسية التي يبدو أنها تبقى حبراً على ورق، تحاول إدارة الـ''كاتربلر'' أن ترفع عنها المسؤولية، فيقول أحد مدرائها ''جيمس اوينز'': ''نحن لا نملك الحق القانوني أو القدرة للسيطرة على كيفية استخدام معداتنا من قبل زبائنا، كما أن بيع الجرافات لإسرائيل يتم عبر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)· من جهة ثانية، لا تكترث الشركة بما قضت به الوثيقة التي أصدرتها الأمم المتحدة، والتي تقضي بأن لا تنخرط الشركات الكبرى أو تستفيد من أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وأن تمتنع عن تقديم خدماتها إلى الجهات التي تقوم بأعمال لا إنسانية· على العكس من ذلك، ثابرت الشركة على بيع جرافات -9 ؤ-01 إلى إسرائيل، رغم أنها متأكدة من كونها تُستخدَم لهدم المنازل، وجرف الأراضي الزراعية، مع الإشارة إلى أن الصفقات بين الطرفين تتواصل منذ العام 1967 وحتى اليوم· وللمثال، ففي عام 2000 استُخدِمَت هذه الجرافات لهدم 300 وحدة سكنية، بالإضافة إلى الكثير من المحال التجارية والأراضي الزراعية، كما أنها تُستعمل اليوم لاقتلاع مئات أشجار الزيتون والليمون والحامض وسائر الأشجار المثمرة في المناطق الفلسطينية المحتلة· منظمة يهودية تنشط وأخيراً، أقدمت إحدى المنظمات اليهودية السلمية وتدعى ''ايشاد''، على سلسلة من الخطوات للتصدّي لتدمير المنازل الفلسطينية، ونظمت مؤتمرات في دول عدة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، للتنديد بالانتهاكات الإسرائيلية، كما أوفدت مبعوثين إلى عدد من المؤتمرات الدولية الداعية إلى السلام لإثارة الموضوع، ونظمت رحلات عديدة للصحافيين من جنسيات مختلفة في الأراضي الفلسطينية لإطلاعهم على الأضرار الجسيمة التي تخلفها الجرافات وسائر المعدات التدميرية الإسرائيلية· صوت اليهود للسلام كما أن المنظمة أنشأت فروعاً لها في بريطانيا والولايات المتحدة لغرض بث الوعي حول القضية الفلسطيني واستقطاب التبرعات والتعاطف من قبل الناس هناك، وهي تتوجّه إلى الفئات كافة، إذ يحاضر أعضاء المنظمة في الكنائس، والجامعات، ويشاركون في الاحتفالات، والمعارض والمؤتمرات· ومن الأهداف الرئيسية للمنظمة، مقاومة تدمير المنازل الفلسطينية، والمساهمة في إعادة إعمارها، ونشر الآراء الداعية إلى السلام بين الطرفين، وتأمين الدعم المادي المناسب للعائلات الفلسطينية التي فقدت كل ما تملك· بموازاة ذلك، تنشر جمعية ''صوت اليهود للسلام''، عريضة على موقعها الإلكتروني، بحيث تحفز كل الزائرين للتوقيع عليها، بغية مقاطعة سائر منتجات الـ''كاتربلر'' وللتنديد بتدمير المنازل الفلسطينية· وتقول العريضة ''انضم إلينا وإلى مئات الجمعيات اليهودية الأخرى في العالم لإيقاف الانتهاكات الإسرائيلية''·· ''نحن نحتاج إلى دعمك، إذا ما كنت يهودياً أم لا، وذلك إذا ما أردت أن تضع حداً لدكّ المنازل وإزهاق الأرواح''· جرافات في لبنان فضلاً عن ذلك، تعمل ''الجمعية الإسرائيلية لوقف تدمير المنازل'' على جمع التبرعات من الشركات الكبرى، ومنحها للفلسطينيين الذين هُدِّمت منازلهم وشُرِّدت عائلاتهم· تقتضي الإشارة إلى أن القوّات الإسرائيلية، وفي حربها الأخيرة على لبنان، استخدمت أعداداً كبيرة من جرافات الـ''كاتربلر'' لجرف الأراضي تسهيلاً لمرور الجنود والدبابات· كما أنها اقتلعت آلاف أشجار الزيتون والفاكهة، وجرفت حقولاً واسعة مزروعة بالتبغ إمعاناً منها في الأذية· جرافاتها اخترقت الشريط الحدودي الشائك على تخوم عدد من القرى اللبنانية، مثل العديسة، كفركفلا، مارون الراس ويارين، ودمرت منشآت عديدة في هذه البلدات، الأمر الذي حفز الجمعيات المذكورة، وحملها على مضاعفة العمل وتنظيم الحملات المنددة بالـ''كاتربلر''، حتى أنها دعت أخيراً إلى مقاطعة ملابس الـ''كات'' الرائجة··
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©