الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هنري ميلر بالفرنسية: لست أحمقَ!

هنري ميلر بالفرنسية: لست أحمقَ!
18 سبتمبر 2015 22:00
ترجمة وإعداد: أحمد عثمان في ثلاثينيات القرن الفائت، أستقر الكاتب الأميركي الشهير هنري ميلر (1891 ـ 1980) في العاصمة الفرنسية، التي عاش في أرجائها تسع سنوات. هذه الإقامة مكنته من أن يكتب مباشرة بلغة موليير كتاباً صغير الحجم، «لست أكثر حماقة عن آخر»، الذي صدرت طبعته الثانية مؤخراً، في 15 يونيو من العام الحالي، عن مطبوعات «بوشيه/‏كاستل»، ولا تتجاوز صفحاته 58 صفحة، لكي يفتح لنا أبواب متحفه الخيالي. خلال هذه السنوات، وكان في الأربعينيات من عمره، تعلم ميلر الفرنسية برفقة طليعة عصرذاك الأدبية والفنية. وقد نشر هذا الكتاب للمرة الأولى في عام 1980، حتى يكون المعبر عن كل ما يثير اهتمامه وكذا كل ما يحتقره في مجالي الأدب والفن، حسبما المعنى التحريضي الذي حقق سمعته. بالتالي، بدأ برشق أولى حجارته على موتسارت، فلوبير، فولتير، هيمنغواي، باخ وديدرو، قبل أن ينحاز إلى من أطلق عليهم : «سفراء الفظاظة» : رابليه، رامبو وسوندراس. مع هذا التعليق : «على وجه العموم، أحب هؤلاء المجانين. الغبي، لا ! الأحمق، نعم ! هناك فارق كبير بينهما. أن يكون المرء مجنونا، أي أن يكون شاعرا. الأغبياء هم من يحكمون العالم». أسلوب ميلر دوما حر، لا يكبحه أي كابح، في الفرنسية كما في الإنجليزية. وتلك، بالضبط، استراتيجيته ونظريته الفنية. «موتسارت! هو ذا أحد يثير ضجري! موتسارت هو الاتقان! لا أريد شيئا من هذا أو ذاك! عن نفسي، أحب عدم الاتقان. ليسقط ليوناردو ! ليسقط فلوبير وكل قبيلته ! ليسقط القرن الثامن عشر – فولتير، دالمبير، ديدرو وكل هؤلاء الناس! عن نفسي، أحب فظاظة رابليه، رامبو، سوندراس. واحد مثل هيمنغواي لا يقول شيئا لي. حتى باخ يضجرني أحيانا». في كتابه، يتسكع ميلر عبر القرون لكي يقرظ «رحلة إلى آخر الليل» (للوي فردينان سيلين) أو «آليس في بلاد العجائب» (للويس كارول)، يحتفي بنيتشه («الذي يسيطر، برفقة دوستيفسكي، على العالم بأسره»)، يعلق على والت ويتمان، يشرح لماذا «يحتقر» الأدب الإنجليزي كله «باستثناء مارك توين، بسبب ديكنز»، يندم على أنه لم يقرأ بوفار وبيكوشيه، يقارن مارك توين بكوتولين، يؤكد أن كنوت هامسون غير متواطئ مع النازيين، يصف (بول) فاليري بكونه مزعجاً («المقبرة البحرية، يا للثرثرة!»)، يلملم خزينا من «توابل القسوة» لدى كاوباتا، أو يذكر لقاءه (بجورج) سيمنون في عزلته التامة بسويسرا، وكذلك يلتفت الى جوزيف ديلتي «نغمة مختفية وسط الأدب». «الكاتب الحقيقي، أي الجاهل بموهبته، الذي لا يعرف أي شيء وإنما يفهم كل شيء»، كتب جوزيف ديلتي في «عوضا عن المقدمة»، قبل أن يصل إلى النتيجة المنطقية: «وبالتالي يحيا ميلر كاتبا بالفرنسية!» التي تحتاج «إلى شيء من روث البقر، شيء من الجنون». في الواقع، يكتب هنري ميلر بلغة لا يجيدها تماما كما علق العديد من النقاد مثل نيقولا ترونغ، بيد أنه تدارك هذا الشأن على وجه الخصوص، واكتفى «بالتحذير» الذي كتبه الكاتب نفسه في الصفحة الأولى من الكتاب: «قررت أن أكتب كتابا صغيرا بالفرنسية. تشجعت بتحقيق هذه الرغبة بمعاونة الآنسة سيلفي كروسمان التي على وشك كتابة أطروحة عني وعن كتبي (وهذا في عام 1976). رحلت قبل ساعات فقط. أتفقنا أنه يجب علي ترك أخطائي النحوية، هفواتي، ترقيماتي وأخطائي الإملائية على حالها. وهذا يعني، إذا وجد الناشر أن هذا الكتاب مثيرا، أليس كذلك؟». بيد أن الناشر الفرنسي هذه الأخطاء والهفوات على حالها ناظرا إليها كوثيقة لا يجب التدخل فيها بالتصويب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©