الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما: الأمل في ذروة الأزمة

أوباما: الأمل في ذروة الأزمة
8 مارس 2009 04:53
لطالما كان باراك أوباما خطيباً مفوهاً وبارعاً في شحذ حماس المستمعين واستنهاض هممهم، ففي عام 2004 حاز المشرع الشاب وقتها في مجلس ولايته تقديراً كبيراً وصعد نجمه بشكل لافت عندما ألقى خطاباً بليغاً خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي في مدينة بوسطن، وبعد ذلك استطاع في عام 2007 أسر قلوب الديمقراطيين في ولاية أيوا بحديثه المدوي الذي خلف آثاراً إيجابية في نفوس مستمعيه· وعندما خسر السباق في الانتخابات التمهيدية بولاية ''نيو همبشير'' في عام 2008 أعاد رص صفوف حملته المتعثرة بأحد أفضل خطب الإقرار بالهزيمة في التاريخ الأميركي، ليتمكن لاحقاً من إنقاذ حملته الانتخابية بخطاب آخر ألقاه في فيلاديلفيا حول العلاقة بين الأعراق أعاده مجدداً إلى ساحة التنافس· وفي الرابع والعشرين من الشهر الماضي ألقى أوباما خطاباً أمام جلسة مشتركة لأعضاء الكونجرس حاول من خلاله تحقيق أهداف ثلاثة؛ فقد كان بحاجة أولاً إلى الحديث عن خطته لإنقاذ الاقتصاد والدفاع عنها، لاسيما بعد التقصير الواضح لفريقه في التعريف بها وتوضيح تفاصيلها· وثانياً أراد أوباما من خطابه أمام مجلسي الكونجرس حشد التأييد لبرامجه الداخلية بما فيها الاستثمارات الكبيرة التي يسعى لضخها في قطاعات الرعاية الصحية والطاقة والتعليم، ثم أخيراً سعى إلى رفع معنويات الشعب الأميركي بتأكيده أن ما ينتظره هو أفضل مما خسره· هذا الهدف الأخير والمتمثل في إرجاع الأمل إلى قلوب الأميركيين يعتبر، وإن كان الأكثر تجريداً بين الأهداف الأخرى، أهمها على الإطلاق لأنه بدون تحقيقه سيكون من الصعب على أوباما المضي قدماً في تنفيذ خططه الاقتصادية واستثماراته الاجتماعية، وربما لهذا السبب جاءت العبارات الأولى من خطاب أوباما الذي نشره البيت الأبيض كالآتي: ''وفيما يعاني اقتصادنا من الضعف وتتعرض ثقتنا للاهتزاز، ورغم أننا نمر بأوقات عصيبة، أريد الليلة أن يعرف كل أميركي أننا سنعيد البناء وسنتعافى وأن الولايات المتحدة ستخرج أقوى من السابق''· ولعل الحالة المشابهة التي تقفز مباشرة إلى الذهن هي فترة الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت الذي حشد الأميركيين حوله خلال الكساد العظيم الذي ضرب أميركا في ثلاثينات القرن الماضي من خلال الخطب التي كان يلقيها على موجات الأثير بعد وقت قصير على ظهور المذياع· ففي خطابه الأول الموجه إلى الأميركيين عبر الراديو قال روزفلت: ''هناك عنصر في عملية إعادة هيكلة نظامنا المالي أهم من العملة، وأهم من الذهب، وهو ذلك المتمثل في ثقة الشعب''· لكن روزفلت كان أوفر حظاً لأنه حظي بأغلبية طيّعة في الكونجرس أقرت جميع المشاريع التي قدمها، دون معارضة، وبذلك النوع من التأييد العارم كانت مهمة روزفلت سهلة واستطاع تمرير جميع القوانين، مما أتاح له فرصة التركيز على إقناع الأميركيين بالصبر وعدم سحب ودائعهم البنكية· لذا قد لا تكون مقارنة أوباما بروزفلت جائزة بسبب اختلاف الظروف والسياق، لكنه قد يكون أقرب إلى رونالد ريجان الذي حول رئاسته إلى حملة مستمرة لحشد تأييد الرأي العام إلى جانبه حتى عندما كان الكونجرس متحفظاً· فقد عرض أوباما، الأسبوع الماضي، أول مشروع للميزانية متضمناً اقتراحاته بشأن الرعاية الصحية والطاقة والتعليم التي لاشك أنها ستستدعي إنفاقاً يتجاوز بكثير 787 مليار دولار التي خصصها لخطة الإنعاش الاقتصادي· كما أنه كان واضحاً في خطابه حين وعد بالسعي إلى تأمين أموال إضافية لإنقاذ البنوك الأميركية المتعثرة وإخراجها من مأزقها الحالي، معبراً عن ذلك بقوله: ''أعرف أن مساعدة البنوك في هذه اللحظة تبدو أمراً غير شعبي على الإطلاق، وأنا أفهم ذلك، لكننا لا نستطيع الحكم انطلاقاً من الغضب··· فمهمتنا هي إيجاد حل للمشكلة''· والحقيقة أن أوباما كان يناشد أغلبيته في الكونجرس ومعهم الناخبين الذين صوت 60% منهم لصالحه في الانتخابات الرئاسية، طالباً منهم الدعم في معاركه القادمة مع الكونجرس عندما يطالب بمزيد من الأموال لإنقاذ الاقتصاد· ولاشك أنه سيحتاج إلى مساعدة الأنصار لأن الجمهوريين في الكونجرس عازمون فيما يبدو على الوقوف ضده ومعارضة خططه الإنفاقية لاعبتارات أيديولوجية ترى في التدخل الحكومي ضرباً من الإضرار باقتصاد السوق وانتهاكاً لمبادئه، وهم في هذا الإطار يستعدون للتصدي لمقترحات أوباما بشأن الرعاية الصحية، وقد أعلنوا عن نيتهم في إسقاطها تماماً كما فعلوا مع بيل كلينتون عام ·1993 فعلى غرار الرئيس ريجان، يعي أوباما جيداً أهمية إضفاء مسحة دراماتيكية على رسالته وعرضها على شاشات التلفزيون بشكل محبب للجماهير، لذا فقد قام، على سبيل المثال، بزيارة موقع لبناء إحدى الطرق في فرجينيا وتفقد مصنعاً للجرافات في إيلينوي، ثم مدرسة ثانوية في أريزونا، وفي حال لم يفهم أحدهم الرسالة ختم أوباما جولته الميدانية بعقد اجتماع في البيت الأبيض دام أربع ساعات حول الوضع المالي· ومع أن خطابه الأخير أمام الكونجرس لم يحمل مضموناً جديداً، فإنه كان ضرورياً ليؤكد من خلاله الرئيس ثباته على نهجه الذي أعلنه في حملته الانتخابية وتمكسه بالأفكار والمقترحات نفسها التي سبق أن طرحها في البداية· دويل ماكمنوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©