الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأمير الصغير» يغادر المنزل ويحطّ على «كوكب» المدرسة للمرة الأولى

«الأمير الصغير» يغادر المنزل ويحطّ على «كوكب» المدرسة للمرة الأولى
15 سبتمبر 2012
دينا جوني (دبي) - ضمّ الطفل آدم الظاهري حقيبته الحمراء الصغيرة بين يديه، شدّها إلى صدره، وتوجّه باكياً، خائفاً إلى إحدى زوايا الغرفة الملونة، ترك العصافير تحلق وحدها على جدران الصف، والنحلة الوحيدة تفتش عن زهرة مزروعة على زجاج النافذة، والفراشات تائهة خائفة من ظل ولد من ورق رُسِم على عجل، لا شيء من تلك الرسومات التي أمضت المعلمة ساعات طويلة في قصها ولصقها على جدران صف رياض الأطفال في إحدى المدارس الخاصة بدبي، ساهم في تحقيق الهدف عبر إلهاء آدم وبقية الأطفال في الصف عن الخوف الذي لم يفارق عيونهم. لا يفهم آدم بسنواته الثلاث وعشرة أشهر ماذا يحصل، وصل إلى المدرسة بحماس زرعته أمه حين أمضت طوال فترة الصيف في سرد حكايا لا تنتهي عن المدرسة. تقول أمه آمنة المتوارية خلف إحدى النوافذ الزجاجية في ممر بين صفوف رياض الأطفال، إن آدم يعشق القصص، وكانت تساهم في تهدئة حركته، عبر قراءة قصصها المفضّلة، خصوصاً «الأمير الصغير»، وآدم الآن، أميرها ووحيدها، ويحب كيف تعمل في أحيان كثيرة ولأغراض متعددة في تحوير بعض جوانب القصة وارتجال تفاصيل أخرى بحسب المواقف التي يمر بها آدم، فيتحول بذلك «الأمير الصغير» للكاتب الفرنسي انطوان دي سانت اكزوبيري إلى مرشد يعلّم الأطفال حيناً أهمية تناول الطعام, خصوصاً السمك الذي يحوّل الصغار الى أبطال ذكية لا تخاف، وحيناً أخرى يتحول «الأمير الصغير» إلى ملاك النوم - كما تروي القصة - يهدي الأطفال الذين ينامون مبكراً غيوماً وردية تطير بهم في سماء أحلامهم، أو تنيناً ضخماً للأطفال الذين لا يصغون لنصائح أمهاتهم. أما مع قرب موعد الدخول الى المدرسة، غيرت آمنة من مسار «الأمير الصغير»، فبدلاً من توجّهه الى كوكب الأرض لاكتشافه بعد أن مرّ على ستة كواكب من قبل، سيتوجه إلى مدرسة آدم ليصف روعتها مقارنة بمدارس ست أخرى زارها ولم تعجبه. أما الوردة حبيبة «الأمير الصغير» التي تعيش على كوكبه الخاص في القصة الأصلية، فتتحول في نسخة آمنة الى المعلمة اللطيفة التي تحب آدم وتلعب معه، وتساعده على رسم الفيل اللطيف وتلوينه. تدغدغ تلك القصص خيال آدم، فيساوم أمه يوماً على معلمة في المدرسة قادرة على رسم الرجل العنكبوت ليعلمه بدلاً من «الأمير الصغير» كيفية تسلق المباني! لم تصمد تلك الصور 15 دقيقة في خيال آدم عند بدء الدراسة، سقطت كلها دفعة واحدة أمام مشهد بكاء الأطفال الآخرين، اذ فات آمنة أن تضمّن قصتها الخاصة، المؤثرات الخارجية التي تلعب دوراً كبيراً في إنجاح أو إفشال الخطوة الأولى في الحياة الخارجية من عمر الطفل، خصوصاً اذا كان قد أمضى سنواته الثلاث الأولى في المنزل من دون أن يكون قد ارتاد سابقاً أي حضانة. فآدم الذي دخل مبنى المدرسة فرحاً متحمساً بالتجربة الجديدة المُنتظرة، تأكد عند دخوله الصف أن أمراً ما مخيفاً لا يعلمه «الأمير الصغير» وهو يحدث فعلاً على هذا الكوكب المدرسي، وإلا فلم بكاء كل تلك الأطفال؟ تؤكد آمنة انه لولا أجواء البكاء التي نظَمها الأطفال وأولياء أمورهم، لكان آدم تخطى نهاره الأول بهدوء، وبالتالي، لم تتمكن من تمالك نفسها حين رأت الصدمة ترتسم على ملامح آدم وتقلب شفته السفلى التي اعتادت على رؤيتها حين يحزن، فضمت «أميرها» إلى صدرها وشاركته بكاءه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©