الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استفتاء «الجنوب»... تساؤلات معلقة

استفتاء «الجنوب»... تساؤلات معلقة
1 يناير 2011 00:12
ينتاب المسؤولين الأميركيين قدر أكبر من التفاؤل بشأن التزام السودان بجزء أساسي من اتفاق سلام رعته الولايات المتحدة في 2005 -وتجنب حرب دموية ربما- عبر تنظيم استفتاء في 9 يناير الجاري يمكن أن يقسم هذا البلد الأفريقي إلى قسمين. ويأتي هذا التفاؤل بعد أن كانت الشكوك قد بدأت تلف مصير الاستفتاء بسبب تأخير في الاستعدادات وتردد الحكومة السودانية في السماح للجنوب بالانفصال. غير أن الرئيس السوداني بدأ يقبل علانية بالاستفتاء، كما أن عملية التسجيل في قوائم المشاركة في هذا الاستحقاق المهم تسير على نحو سلس عموما. وفي هذا السياق، قال مسؤول رفيع من وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا للطابع الحساس للموضوع: "إنني أكثر تفاؤلا بكثير بشأن هذا الموضوع مما كنت عليه قبل ستة أسابيع". غير أن الأخطار مازالت موجودة، ولعل أكبرها هو ما يبدو فشلا في التوصل لاتفاق بشأن تصويت مواز حول منطقة أبيي الحساسة والغنية بالنفط التي تقع على الحدود بين شمال السودان وجنوبه. هذا ويتوقع الكثيرون أن يختار السودانيون الجنوبيون الاستقلال في استفتاء التاسع من يناير الجاري، وذلك على اعتبار أن الجنوبيين، وهم في معظمهم مسيحيون ووثنيون، لطالما اشتكوا من تمييز الشماليين، ومعظمهم عرب مسلمون. واللافت أن الرئيس الأميركي يولي اهتماماً متزايدا للسودان، وسط تخوفات من أن ينزلق أكبر بلد في أفريقيا إلى حرب أهلية جديدة في حال شعر الجنوبيون أنهم قد حُرموا من تصويت منصف. والجدير بالذكر في هذا الإطار أن حوالي مليوني شخص لقوا حتفهم في الحرب الدموية التي كانت مندلعة بين الشمال والجنوب قبل التوصل إلى اتفاق السلام في 2005. وقد منح هذا الاتفاق، الذي اعتبرته إدارة الرئيس السابق جورج دبليو. بوش، إنجازا كبيرا، حكما ذاتيا محدودا للجنوب على مدى خمس سنوات، على أن يليه تصويت حول الاستقلال. وفي يوم الثلاثاء الماضي، وحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أكد البشير قبوله بالاستفتاء، حيث قال للجنوبيين في خطاب بث على التلفزيون: "إن القرار لكم. إذا أردتم الوحدة، فمرحبا بكم... وإذا أردتم الانفصال، فمرحبا بكم". ويُشار هنا إلى أن حكومة الخرطوم يمكن أن تخسر أكثر من نصف ميزانيتها في حال اختار الجنوب، الذي يملك احتياطيات نفطية مهمة، الانفصال.وضمن جهود دبلوماسية بدأتها خلال الآونة الأخيرة، أعلنت إدارة أوباما أنها ستقوم بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في حال التزم باتفاق السلام. وقام بتبليغ هذا التعهد إلى المسؤولين السودانيين السيناتور جون إف. كيري (الديمقراطي عن ولاية ماساتشوسيتس)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، الذي قام بزيارة إلى السودان الشهر الماضي. واعتُبر كيري مبعوثا مهماً نظراً لما يحظى به من تأثير داخل أروقة في الكونجرس، الذي قد يوافق على سحب العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان في نهاية المطاف، وذلك حسب ما أفاد به أشخاص شاركوا في هذا الجهد الدبلوماسي. والجدير بالذكر في هذا السياق أن المسؤولين الأميركيين لا يلتقون مع البشير بشكل مباشر، وذلك لأن المحكمة الجنائية الدولية توجه إليه تهمة ارتكاب إبادة جماعية في النزاع المنفصل بمنطقة دارفور الواقعة غرب البلاد. وكانت الاستعدادات لاستفتاء التاسع من يناير قد بدأت بداية متأخرة وازدادت تعقيدا بسبب حقيقة أن عملية التصويت تشمل ملايين الناخبين -بعضهم لاجئون في الخارج، وبعضهم يعيشون في السودان الشمالي، بينما يعيش آخرون في الجنوب، وهو منطقة فقيرة يعادل حجمها مساحة فرنسا ولا تتوفر على طريق سريع معبد واحد. وفي هذا الإطار، يقول "جون تمين"، المتخصص في الشؤون السودانية بمعهد السلام الأميركي، إن عملية تسجيل الناخبين مضت "على أفضل نحو يمكن أن يتمناه المرء. وخلافا لما قد تذهب إليه التوقعات، فقد كان ثمة استعداد لوجيستي مذهل حقا". غير أن عدم وجود مخططات لاستفتاء بشأن منطقة أبيي يمثل أمراً مثيراً للقلق، كما يقول؛ ويعزى ذلك إلى اختلاف الشمال والجنوب حول موضوع من يحق له المشاركة في الاستفتاء حول مصير المنطقة. وفي هذا الإطار، يقول "تمين" إن السودانيين الجنوبيين لطالما كانوا متحالفين مع قبيلة "نجوك دينكا" التي تهيمن على أبيي؛ هذا في وقت يصر فيه الشمال على ضرورة أن يشارك في التصويت أيضا أفراد قبيلة "المسيرية"، الذين يرعون قطعانهم في أبيي عدة أشهر كل عام. وتعليقاً على هذا الموضوع يقول "تيمن”: "في حال اندلع قتال محلي حول أبيي، فإن السؤال سيصبح هو ما إن كان هذا الأخير سيتصاعد ويتحول إلى نزاع أوسع نطاقاً". ومن الأمور العالقة أيضاً أسئلة مهمة بخصوص كيف سيتفاعل الشمال والجنوب في حال حدوث الانفصال؛ ذلك أن الحدود لم يتم ترسيمها بشكل كامل بعد، كما أن هناك مفاوضات مازالت متواصلة بشأن الكيفية التي سيتم بها تقسيم العائدات النفطية وكيفية تعايش الجيشين. وإضافة إلى ذلك، فمن غير الواضح حتى الآن ما إن كان عشرات الآلاف من الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال سيجرَّدون من الجنسية السودانية. وفي مؤشر على قلقه بشأن السودان، دعا أوباما زعيم الجنوب "سلفا كير" في الثاني والعشرين من ديسمبر إلى تلافي العنف، والعمل على حل المشاكل العالقة المتعلقة باتفاق السلام. ومن جانبه، أطلق جو بايدن دعوة مماثلة عشية عيد الميلاد إلى علي عثمان محمد طه، نائب الرئيس السوداني. ماري بث شريدان - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©