الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين··· خطوة نحو الإفصاح

الصين··· خطوة نحو الإفصاح
25 فبراير 2008 00:28
وسط الغضب الدولي على سفك الدماء في دارفور، يصب المجتمع الدولي إحباطه بشكل متزايد على الصين باعتبارها أكبر شريك تجاري للسودان وحاميه الدولي، وفي هذا الإطار يندرج قرار السينمائي ''ستيفن سبيلبرج'' الأسبوع الماضي الانسحاب كمستشار فني لأولمبياد بكين، والواقع أن ذلك قد يأتي أُكله، إذ يرى عدد من الدبلوماسيين والمحللين أن الصين بدأت تغير موقفها من ''دارفور''، حيث خرجت عن صمتها لتحث السودان في هدوء على قبول أكبر قوة لحفظ السلام في العالم، كما تصرفت علنا حين أرسلت مهندسين قصد المساهمة في جهود حفظ السلام في دارفور، وعينت مبعوثا خاصا إلى المنطقة قام بجولة شملت مخيمات اللاجئين، وضغط على الحكومة السودانية لتغير مواقفها· إذا كان معظم المراقبين يستبعدون أن تذهب الصين إلى حد قطع علاقاتها التجارية مع السودان، فالأكيد هو أن استعدادها لإثارة الموضوع يعد خطوة أولى في اتجاه مافتئت الصين تقول إنها لن تسلكه أبدا: التدخل في الشؤون الداخلية لشركائها التجاريين، وفي هذا الصدد، يقول ''آندرو ناسيوس'' -المبعوث الخاص السابق للرئيس بوش إلى السودان-: ''أعتقد أن الصين كانت متعاونة جدا''، مضيفا ''إن مستوى التنسيق والتعاون ما فتئ يتحسن كل شهر''· وإذا كانت بين الصين والسودان عقود نفطية بمليارات الدولارات، وملايين الدولارات من شحنات الأسلحة، والحماية التي توفرها بكين للخرطوم في مجلس الأمن من خلال استعمالها لحق النقض، فإن القوة العالمية التي تتوفر على أكبر تأثير على البلاد قلما استثمرت دولارا هنا، وليس لديها سفير على التراب السوداني، وقامت تدريجيا بفرض عقوبات أشد على حكومته: الولايات المتحدة· ولئن كان الاعتقاد السائد يقول إن الحروب في العراق وأفغانستان قد قوضت سمعة أميركا وقوتها، وبخاصة في البلدان الإسلامية، فإن عددا من الدبلوماسيين والمسؤولين في الحكومة السودانية والمحللين يرون أن الولايات المتحدة مازالت في أعين الحكومة السودانية هي مفتاح الاحترام الدولـــي وأن قوتهـــا في التأثيـــر على المسؤولين الكبـــار هنـــا -عبـــر التهديــــد والتحفيـــز- مــا زالــت موجـــودة ولا تضاهيها أي قوة أخرى· وهو أمر صحيح على الرغم من أن السودان يحفل بالاستثمارات الآسيوية والخليجية التي من شأنها، نظريا، أن تسمح للإزدهار بشكل أكبر مما نجح في تحقيقه حتى الآن، ذلك أن من شأن المباركة الأميركية أن تحوِّل السودان إلى ما عجزت مليارات الدولارات من الصين والهند وماليزيا وإيران والخليج عن تحقيقه، وذلك عبر فتح صنبور مساعدات التنمية الغربية، ومعه إبرام اتفاق لتخفيض ما يناهز 30 مليار دولار من الديون الخارجية، إلى جانب المساعدة التقنية على إدارة تدفق الأموال إدارة رشيدة· يقـــــــــــول ''علــــــــي الصــــــــــادق'' -دبلوماسي رفيع ومتحدث باسم الحكومة السودانية عمل في قسم الشؤون الصينية بوزارة الخارجية السودانية لعدة سنوات-: ''إننا نستقبل مليارات الدولارات من الاستثمارات الخارجية ونحن غير مهيئين لاستيعابها''، مضيفا قوله: ''إننا بحاجة إلى الخبرة الغربية··'' غير أن إدارة الرئيس بوش تبدو منقسمة على نفسها بخصوص السياسة التي ينبغي أن تتبناها بخصوص دارفور، فمن جهة، ثمة ضغوط قوية من منظمات المجتمع المدني والكونجرس وآخرين من أجل الالتزام بخط صارم مع السودان وتشديد العقوبات، ومن جهة أخرى، يوضح دبلوماسيون ومحللون أنه لما كانت السودان حليفا مهما بالنسبة للولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، فإن البعض في إدارة ''بوش'' جادل بأنه لا يمكن السماح بأن تصبح أكثر عزلة وأبعد عن فلك الغرب مما هي عليه اليوم· لقد خلق نزاع ''دارفور'' واحدا من أكبر حركات الاحتجاج في الولايات المتحدة، وفي هذا الإطار، أعلنت ''مايا فارو'' -ممثلة وناشطة بخصوص قضية دارفور وعلى غرار سبيلبرج- أن بمقدور الصين أن تفعل أكثر، ولاسيما عبر الدفع باتجاه النشر الكامل لـ27000 جندي من قوات حفظ السلام في دارفور، وتوفير بعض من الطائرات المروحية اللازمة للقيام بالمهمة، والمطالبة بوضع حد للقصف الجوي للمناطق المدنية· غير أن بعض الدبلوماسيين والمحللين يجادلون بأن تقديم التنازلات، وليس المطالب -كفرصة لسحب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أو تخفيف العقوبات- من شأنه أن يوفر فرصة حقيقية لحمل الحكومة السودانية على عقد اتفاق بخصوص ''دارفور''، غير أن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر حقيقية، ليس أقلها حقيقة أن للحكومة السودانية سجلا سيئا بخصوص عقد الاتفاقات وعدم تطبيقها· وفي هذا الصدد، يقول ''جيري فاولر'' -المدير التنفيذي لـ''ائتلاف أنقذوا دارفور''- عن القادة السودانيين ''إن الأشيـــاء التي تستجيب لها هذه الحكومــة هي الضغوط''· أما بالنسبة للصين، فيحذر بعـــض المحللين من أن ثمـــة حدودا لمدى استجابة بكين، إذ بغض النظر عن الألعــاب الأولمبية، فإن للقيادة الصينية حسابات ورهانات كثيرة في الســـودان، وفي هذا السياق، يقول ''كريستوفر آلدن'' -الأستاذ بكلية ''لندن سكول أوف إيكونوميكس'' والذي درس العلاقات الصينية-الأفريقية-: ''إن مصيرهم السياسي رهين بقدرتهم على ضمان تدفق مستمر للسلع الاقتصادية في الداخل''، مضيفا قوله: ''إنهم لا يستطيعون أن يقولوا بكل بساطة: ''حسنا، لقد استثمرنا مليارات الدولارات على المدى الطويل في السودان، والآن علينـــا أن نرحـــل منه بسبـــب دارفور''· ليديا بولجرين- الخرطوم ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©