الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحيل الإلكترونية أحدث صيحة لسرقة السيارات في الجزائر

الحيل الإلكترونية أحدث صيحة لسرقة السيارات في الجزائر
27 سبتمبر 2011 20:55
أخذت سرقة السيارات في السنوات الأخيرة بالجزائر أبعاداً مقلقة يترجمها إعلان القيادة العامة للدرك بأن 6 سيارات تُسرق كل 24 ساعة، ما يشكل تطوراً خطيراً للآفة التي تكبِّد مالكي السيارات وشركات التأمين على السواء خسائرَ فادحة، وبقدر ما تبتكر عصاباتُ السرقة المزيدَ من الحيل والتقنيات لضمان سطو «ناجح» على مختلف السيارات دون إثارة انتباه أحد، فقد تصاعد أيضاً لجوئها إلى العنف الجسدي والاعتداءات على مالكي السيارات وبخاصة في الطرق المعزولة. آفة سرقة السيارات ليست جديدة على الجزائريين، فقد عُرفت منذ سنوات طويلة ولكنها كانت حالات قليلة ومعزولة للصوص، وحتى التسعينيات لم تكن سرقة السيارات بالجزائر ظاهرة مقلقة، وكادت تقتصر على الجماعات الإرهابية التي كانت تلجأ إلى السطو على سيارات بعض المواطنين بالقوة بهدف استعمالها في القيام بعمليات إرهابية قبل أن يضع الأمنُ حداً لها. أرقام مقلقة بعد تراجع الخطر الإرهابي على أصحاب السيارات، برز خطرٌ آخر أشد وأنكى ابتداء من العقد الماضي تقريباً، وهو بروز عصابات منظمة متخصصة في سرقة المرْكبات المختلفة بعد أن كان الأمر يقتصر على لصوص قليلين، وأصبح هؤلاء يستعملون حيلاً شيطانية كثيرة جعلتهم يتمكنون من سرقة أعداد كبيرة، فبحسب إحصائيات للدرك الجزائري، فإن 18,497 سيارة تمت سرقتُها من عام 2000 إلى عام 2007، وكشفت إحصائية أخرى للمصدر نفسه سرقة 764 سيارة في 2009 ولاحظت ارتفاعاً بنسبة 14 بالمائة عن 2008، بينما أكدت إحصائية جزئية سرقة 338 سيارة خلال السداسي الأول لعام 2010، ولم يتم سوى استرجاع 20 بالمائة منها فقط، ولاحظ الرائد بالدرك كمال بلخادم ارتفاع نسبة لجوء أفراد العصابات إلى استعمال العنف والاعتداءات الجسدية على أصحاب السيارات أثناء سرقتها خاصة في الطرق المعزولة في السنوات القليلة الماضية. ويأتي الرقم الأخير الذي كشفت عنه القيادة العامة للدرك الوطني في الشهر الماضي، والمتعلق بسرقة 6 سيارات ومرْكبات يومياً، أي قرابة 2000 سيارة سنوياً، ليؤكد مدى استشراء الآفة في السنة الجارية 2011، حيث يعني ذلك، أن عدد السيارات المسروقة في الجزائر قد انتقل من المئات سنوياً في العشرية الماضية إلى الآلاف سنوياً في العشرية الجديدة. أساليب شيطانية تؤكد معطيات الدرك الوطني أن استشراء الآفة يعود إلى عدة أسباب أبرزها ظهور عصابات منظمة ترتبط بالتهريب وتُحسن توظيف أحدث الوسائل التكنولوجية في عملياتها، خصوصاً بعد أن أصبح للكثير منها امتداداتٌ دولية تستفيد منها في جلب المزيد من المعدّات التكنولوجية لتنفيذ سرقاتها ومنها «سكانير بيرات» أو «جهاز أشعة القرصان» الذي بإمكانه فك شفرة أي سيارة وإبطال جهاز إنذارها مهما كان معقداً، ومن ثمة تصبح بقية خطوات السرقة سهلة، وتتنامى الشبكات العالمية وامتداداتُها في مختلف الدول، حيث يسجل سرقة سيارة واحدة كل 3 ثوان، وهي تدرّ على العصابات أرباحاً تقدر بـ21 مليار دولار في 45 بلداً. ومن خلال اعترافات أفراد العصابات المقبوض عليهم، تبيّن أنهم يستعملون حيلاً كثيرة لسرقة السيارات ومنها، بحسب الرائد بلخادم، استعمال مفاتيح مقلدة ثم فتح السيارة بطريقة عادية على الملأ وسرقتها، مشيراً إلى أن الأمر هنا ببعض العاملين في محطات غسل وتشحيم السيارات التي تقوم بنسخ المفاتيح التي يتركها أصحابُها لديهم أثناء عملية الغسل. كما يكشف محافظ الشرطة عوبد حسن أن بعض أصحاب محال نسخ مفاتيح السيارات متورطون أيضاً في هذا النوع من السرقات، حيث يحتفظون بنسخة من مفاتيح السيارات ويتبعون أصحابها إلى مقار سكناهم ليعودوا لاحقا لسرقتها. إبطال جهاز الإنذار تكررت شكاوى أصحاب وكالات كراء السيارات من تفاقم سرقتها، وكشفت تحقيقات الدرك أن العصابات أصبحت تستهدفها حيث تستأجر منها سياراتٍ لفترة محدودة ثم تستنسخ مفاتيحها، وبعد أسابيع أو أشهر تقوم بسرقة نفس السيارات من مستأجَرين آخرين، فلا يعرف صاحبُ الوكالة من قام بسرقتها من مستأجريها السابقين، ما يتطلب تحقيقات أمنية وترصد ومتابعات طويلة. ومن الحيل التي تستعملها العصابات كذلك، كسر ضوء إشارة تغيير اتجاه السيارة بهدف إبطال عمل جهاز الإنذار، ومن ثمة فتح الأبواب أو كسرها وسرقة السيارة. ويؤكد غالي بلقصير، قائد مجموعة الدرك لولاية الجزائر، أن السيارات الكورية هي الأكثر استهدافاً بسبب ضعف نظام تأمينها مقارنة بالسيارات الأوربية وحتى اليابانية. ويشير إلى أن العصابات أصبحت تستعين بفتيات في المدة الأخيرة بهدف استدراج الضحايا من خلال إيقافهم في بعض الطرق الغابية دون أن ينتبه الضحايا إلى أن العصابات مختبئة في أماكن قريبة لتنقض عليهم وتهاجمهم بالأسلحة البيضاء وتسلب منهم سياراتهم ووثائقها بالقوة. وتختار العصابات أحياناً أوقات محددة لتنفيذ سرقاتها، ومنها هطول الأمطار الغزيرة المصحوبة بالرياح لضمان ندرة المارة ولضمان عدم سماع صوت المحرك، بحسب ضابط الشرطة عوبد حسن. أما الملازم سميرة بن الحاج جلول فتنبه إلى تصاعد استعمال البخاخات الغازية المسيلة للدموع والأسلحة البيضاء وحتى النارية ضد مالكي السيارات وبخاصة سيارات الأجرة بعد استدراجهم إلى مناطق معزولة بذريعة نقلهم إليها. تزوير الهياكل والوثائق بعد سرقة السيارات، تلجأ العصابات غالباً إلى تفكيكها وبيعها كقطع غيار، ويقدر الدرك نسبة السيارات المسروقة التي تباع مفكَّكة بـ60 بالمائة، أمَّا الـ40 بالمائة منها، فهي تُباع بعد تزوير هياكلها ووثائقها بنصف أثمانها، أو تحتفظ بها العصابات لاستعمالها في تهريب المخدرات. ويؤكد مصطفاوي سليم، نقيب بالدرك، أن العصابات أصبحت «محترفة» في تزوير هيكل السيارة ورقمها التسلسلي ولوحة تسجيلها ووثائقها بالتواطؤ مع بعض الفنيين والميكانيكيين والإداريين، إلى درجة يصعب معها على الدرك اكتشافُها حتى أثناء معاينتها في الحواجز الأمنية، ولا يمكن أن يكشف حقيقتَها إلا مهندسُ مناجم أو مركز مراقبة تقنية للسيارات، بعد أن أصبحت العصابات تستعمل في عمليات التزوير والتمويه، هياكلَ سيارات جديدة تعرضت لحوادث خطيرة أخرجتها من الخدمة وبيعت على شكل قطع غيار لمحلاتٍ متخصصة. ويعمل الدرك باستمرار على كشف آخر الحيل والتقنيات التي تستعملها العصابات للسطو على السيارات، من خلال اعترافات أفرادها المقبوض عليهم، بهدف وضع حدٍّ لتفاقم هذه الآفة، وهو يعلن باستمرار عن الإيقاع بالمزيد من شبكات السرقة وتفكيكها وتقديمها إلى العدالة، بينما أصبح الجزائريون يحرصون أكثر على عدم ركْن سياراتهم في الشوارع المعزولة التي لا تتوافر فيها أي حراسة ولو من شبان فوضويين يستولون على الطرق ويحوِّلونها إلى «مواقف خاصة». كما يعتقدون أن العقوبات التي ينزلها القضاء بأفراد عصابات السيارات لا تزال غير رادعة، ويطالبون بأن تتراوح بين المؤبد والإعدام في حال تكرار الجريمة، وإلا فإن هذه الآفة ستستمر وتتفاقم مع التطور المستمر للوسائل التكنولوجية، ما يكبّدهم خسائر فادحة لا سيما بالنسبة لأولئك الموظفين البسطاء الذين اقتنوا سياراتهم بالتقسيط أو ادخروا أموالاً لسنوات طويلة لاقتناء سيارات وفي آخر المطاف تضيع منهم لا سيما إذا لم يكونوا أمّنوها تأميناً شاملاً ضد كل الأخطار يكفل لهم التعويض عنها من شركات التأمين التي أضحت بدورها تشكو تفاقمَ خسائرها وعجزها المالي كل سنة بسبب استشراء هذه الآفة.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©