الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلام اللبناني والنازحون السوريون.. علاقة شائكة

الإعلام اللبناني والنازحون السوريون.. علاقة شائكة
12 أكتوبر 2014 20:20
بينما يردد الكثير من العرب من حين لآخر أنهم هدف لثقافات وحملات عنصرية من قبل الغير، فمن غير الصعب للمراقب أن يلحظ في الإعلام ازدياد المواقف والخطابات أو المحتويات العنصرية إنما بين بعض العرب وبعضهم الآخر هذه المرة. ولا شك في أن استمرار الأزمات في المنطقة، من دون تقدم في الحلول، يسهم في هذه الظاهرة وانتعاش سلبياتها، غير أن ذلك يساعد في تنفيس مثل هذه التوجهات بشكل يؤكد أن الإعلام يمكن أن يساعد في حل هذه المشكلة وليس فقط في إشعالها. توجيه اتهامات لمعرفة مدى صحة ذلك يمكن مثلا ترقب الدور، الذي يؤديه الإعلام حاليا بعدما كانت وسائل إعلام وشبكات تواصل اجتماعي لأسابيع فضاء لتوجيه اتهامات اعتبرت ذات طبيعة عنصرية في قضية مثل علاقة النازحين السوريين بما يجري من عنف وخطف في بعض البلدات القريبة من الحدود بين البلدين، أو في قضية مثل مواقف ساخرة وجهها إعلاميون عرب إلى الجيش اللبناني، وأثارت ردود فعل واسعة وصلت تداعياتها إلى القضاء. وقبل سنة كتب المدون المعروف خضر سلامة تحت عنوان «عنصرية الدولة لا الشعب» على مدونة «جوعان» في «وورلد برس»، أنه «لا يمكن أن تمر نفحة عنصرية في البلد، من دون أن يكون للإعلام اللبناني يد فيها»، ضاربا مثلا بصحيفة لبنانية، يعتبرها كثيرون أنها الأكثر مهنية، ويعتبرها المدون «يمينية»، التي أعدت تقريراً مصوراً مع عدد من مواطنين «تم انتقاء ردودهم جيداً، واختيروا من منطقة واحدة معينة، لافتعال أزمة مباشرة بين المواطن السوري واللبناني في لبنان»، ونشرت على موقعها فيديو «استثار موجة غضب لبنانية وسورية، واتهامات شملت الشعب اللبناني بالعنصرية»، حيث يظهر «عينة من شباب لبناني بأعمار صغيرة، يحمّلون اللاجئين السوريين مسؤولية أزمات الأمن والاقتصاد والسير في لبنان! ويظهرون مخاوف من الانتشار السوري الضخم نسبة لمساحة وعدد سكان البلد». ورغم إقرار المدون أن «عقلية الكيان اللبناني قامت منذ منتصف القرن الماضي على فكرة التفوق اللبناني على المحيط»، وأن «العنصرية في لبنان موجودة، وتبلغ أقصى قمتها في عنصرية اللون مثلاً»، إلا أنه اعترض بشدة على تعميم هكذا إعلام لصفة العنصرية لتشمل اللبنانيين تجاه «أخوة تاريخ وجغرافيا»، رافضا حتى تعبير «لاجئين». ممارسات انتقامية عندما اندلعت، مؤخراً، موجة ممارسات انتقامية إثر عمليات خطف عسكريين لبنانيين، كتبت دجى داوود في موقع «العربي الجديد» تحت عنوان «الإعلام اللبناني. . . كلّ هذه العنصرية» أن «الإعلام اللبناني يحمل عدّته العنصرية في كُلّ مرةٍ يصطدم لبنان بحدث كبير، على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاجتماعي أو حتى الاقتصادي»، في كُلّ مرة، برّر اللبنانيون خوفهم من «الآخر الغريب»، بـ«الوطنيّة». واعتبرت الكاتبة أن «العنصريّة اللبنانيّة ليست وليدة الساعة فهي موجودة بشكل دائم ضدّ كل ما هو «مختلف»، مشيرة إلى «تغطية القنوات التلفزيونية جريمة قتل الشابة ميريام الأشقر. يومها ملأت العنصرية ضد السوريين الشاشات»، وكيف وصلت العنصريّة الإعلاميّة في العام الماضي، إلى أوجّها عند إعداد قناة تقريراً عن «الشحّاذين» في بيروت، وصفت فيه السوريين بأنّهم «نَوَر»، وحين أعربت محطة أخرى عن خوفها من السوريين بسبب «انتمائهم لطائفة ما، ووصفت السوريين بأنهم «إرهابيون»، أو محطة ثالثة قالت إن اللبنانيين يدفعون الثمن «عندما يتعلّق الأمر بالسوريين، في الحرب والسلم والانتخابات»، ثم وصلت الأمور إلى ذروتها الشهر الماضي مع معركة عرسال. ففتحت القنوات هواءها لاتهام السوريين بكل أنواع التهم. وهناك عشرات الأمثلة المشابهة التي يمكن أن تدين إعلاميين بتهمة العنصرية. ولكن من الواضح أيضاً أن كثيراً من الإعلاميين لم يترددوا في تحليل هذه الظاهرة وإدانتها، مع الإشارة إلى أنه ليس من السهل التفريق أحيانا بين المحتويات الإعلامية ذات الميول العنصرية أو المحتويات التي تتصدى للمشاكل وتداعياتها بجرأة. (أبوظبي - الاتحاد) مخيمات لسوريين في لبنان(الصورة أ. ش. أ) نقلا عن humanosphere. org) وجه مشرق في مقابل بعض الممارسات العنصرية ظهرت الكثير من الممارسات والمواقف الإنسانية، وأطلق ناشطون لبنانيون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد ترحيب اللبنانيين بالسوريين وأنّ «العنصريّين لا يُمثّلون الشعب اللبناني»، منها مثلا صفحة «الحملة الداعمة للسوريين بوجه العنصريّة» على شبكة فيسبوك، وأنتجت حملة «مكافحة العنصريّة في لبنان» شريط فيديو يتحدّث عن المشكلات التي يعاني منها لبنان والتي تسبّبت فيها ممارسات الدّولة اللبنانيّة وليس الوجود السّوريّ». ويمكن القول إن الإعلام اللبناني، بفضل هذه المواقف والأقلام والكتابات الواعية أمكن باستمرار تجاوز الكثير من التداعيات السلبية التي أثارتها مواقف أو ممارسات بعض مؤسسات الإعلام نفسه. ويتأكد مرة أخرى أن أفضل علاج للميول العنصرية تركها تعبر عن نفسها، وترك المناصرين للمساواة والمناوئين للتمييز العنصري يعالجونها بعقل ومنطق ووعي. وفي كلتا الحالتين لا بد من إعلام حر. وجه مشرق في مقابل بعض الممارسات العنصرية ظهرت الكثير من الممارسات والمواقف الإنسانية، وأطلق ناشطون لبنانيون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد ترحيب اللبنانيين بالسوريين وأنّ «العنصريّين لا يُمثّلون الشعب اللبناني»، منها مثلا صفحة «الحملة الداعمة للسوريين بوجه العنصريّة» على شبكة فيسبوك، وأنتجت حملة «مكافحة العنصريّة في لبنان» شريط فيديو يتحدّث عن المشكلات التي يعاني منها لبنان والتي تسبّبت فيها ممارسات الدّولة اللبنانيّة وليس الوجود السّوريّ". ويمكن القول إن الإعلام اللبناني، بفضل هذه المواقف والأقلام والكتابات الواعية أمكن باستمرار تجاوز الكثير من التداعيات السلبية التي أثارتها مواقف أو ممارسات بعض مؤسسات الإعلام نفسه. ويتأكد مرة أخرى أن أفضل علاج للميول العنصرية تركها تعبر عن نفسها، وترك المناصرين للمساواة والمناوئين للتمييز العنصري يعالجونها بعقل ومنطق ووعي. وفي كلتا الحالتين لا بد من إعلام حر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©