الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الحاجة فاطمة» تتنفس الحياة من هواء أرجيلتها

«الحاجة فاطمة» تتنفس الحياة من هواء أرجيلتها
22 سبتمبر 2013 23:44
فاطمة عبدالله (الشارقة) - في أجواء إبداعية تدعو إلى التحرر من البرتوكول والرسميات، نظمت مؤسسة الشارقة للفنون عرضا للفيلم اللبناني «تيتا 1000 مرة» لمخرجه الشاب محمود قعبور. على السجاجيد الفارسية والتركية توزعت الوسائد وانتشر الظلام في احدى قاعات العرض بمؤسسة الشارقة للفنون؛ جلس المشاهدون يتفرجون على أحداث فيلم يتحدث عن سيدة في الثمانين من عمرها تسرد بعض المحطات من حياتها مع أفراد عائلتها: ابنها وابنتها وجيرانها وحفيدها محمود قعبور مخرج الفيلم، المخرج والكاتب اللبناني الشاب الذي نشأ في الإمارات والذي حصد جوائز عدة? وعرضت أفلامه الوثائقية في عدة أنحاء من العالم. فيلم استعراضي لا يحمل شيئا للآخر (خارج نطاق العائلة) مثل الصورة العائلية التي تضم أفراد العائلة فقط. خلق الفيلم علاقة إنسانية بين هذه العائلة والجمهور الذي حضر لمشاهدته في شتى الأمكنة التي عرض بها. فإن كانت كلمة «تيتا» فيها كثير من الدلع في المناداة على الجدة? فإن عبارة «ألف مرة» تحيل على تعدد الصور السينمائية والإنسانية التي قدمها المخرج لجدته، صور تتراوح بين الحزن والفرح? بين البياض والسواد، بين الحاضر المؤلم والماضي الجميل، بين فراق الزوج وانتظار اللحاق به في عالم قد يكون أفضل من العالم الذي صارت عليه بيروت بعد الحرب الأهلية وتفشي الصراع الطائفي. لم أسمع ضحكة بالقاعة إلا عندما تتفوه الجدة بالسب، تذكرت ضحك الأهل غير المسؤولين عندما يسب الطفل للمرة الأولى. لكن غياب الضحك لا يعني غياب الشاعرية التي جسدها المخرج ? الذي يحمل نفس اسم جده ويشبه حسب إفادة جدته نفسها ? بارتدائه لبدلة جده عازف الكمان، الغائب بجسده والحاضر بمعزوفاته التي أثثت مشاهد الفيلم. وبذلك لم تكن الجدة وحدها بطلة الفيلم وإنما كان الجد بطلا هو الآخر من خلال غيابة الذي مكن من خلال كمانه ومعزوفاته وبذلته أن يربط الحاضر بالماضي? وأن يلبس الفيلم لبوسا شاعريا. الفيلم وإن استغرق زهاء الأربعين دقيقة إلا أنه رصد سنة من حياة الجدة بفصولها الأربعة، حيث تمكن المخرج من خلال تنقلاته السبعة إلى بيروت وإقامته ثلاثة أيام في كل مرة أن ينقل تعاقب الفصول وأثرها على تعاقب الحياة الخاصة لجدته. حضور غريب للرقم سبعة المقدس في الثقافة الإسلامية، وللرقم ثلاثة المقدس في الثقافة المسيحية. بعد نهاية العرض أجاب المخرج عن ثلاثة أسئلة للجمهور، كانت الإجابة الأولى تتعلق بأن الفنان العربي والمسلم خاصة لا يفتح بيته للآخر ودائما ما يحتفظ بالخصوصية، غير أنه أفرد ربع ساعة للحديث عن جرأته وشجاعته. وتعلق جوابه الثاني بجدته التي أصبحت نجمة في المجتمع، وأصبح الكل يقبل يدها وكيف أن هذه التجربة إضافة لها. وكأنه صانع شهرة جدته وليست شخصيتها الحقيقية هي من ألهمته الفيلم وصنعت شهرته!! وتحدث في إجابته الثالثة عن فيلمه القادم الذي هو وثائقي أيضا، حيث سيخصصه للحديث عن حياة عمال البناء في دبي، ولعل هذا الفيلم سيجعله يخرج من قضايا بيته الخاصة إلى القضايا الإنسانية والكونية، وكيف أن صناعة حضارة بلد ما قد تغير من مصائر أناس ينتمون إلى حضارات وبلدان أخرى. هذا لا يعني أنه لم يخض تجربة إنسانية أخرى، لكنها لم تكن كونية بقدر ما كانت عربية إسلامية. كان ذلك في فيلمه السابق «أن تكون أسامة» الذي تحدث فيه عن حياة مهاجرين في كندا يحملون جميعهم إسم «أسامة»، وكيف يمكن لاسم لم يكن يعني شيئا أن يغير مسار حياتك بعد أحداث 11 من سبتمبر. قبل أن أغادر القاعة كان يلح علي سؤال: لماذا مرت ست سنوات بين الفيلم الأول (2004) لمحمود قعبور وفيلمه الثاني ( 2010). لكن إعلانه عن بدأ تنفيذ فيلمه الثالث جعلني أقول لنفسي لعلها حمى الإبداع التي سكنت ست سنوات قد عاودته بشدة هذه المرة? وستجعل أفلامه متلاحقة أكثر من ذي قبل. كثيرون هم الاحفاد الذين دخلوا بيوت جداتهم، لكن حفيدا واحدا هو الذي خرج من بيت جدته بفلم أكسبه العالمية، ومنحه ست جوائز دولية، وخلد جدته وذكرياتها ? ومن خلالها ذكريات بيروت ? بواسطة الكاميرا.. إنه محمود قعبور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©