السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاتفاقيات الثنائية تهدد بانهيار منظمة التجارة العالمية

28 ديسمبر 2006 23:30
يبدو أن نظام التجارة العالمية أصبح يتجه نحو أوقات تكتنفها الصعوبات والمحاذير ما لم يتوصل المفاوضون من الدول النامية والصناعية إلى اتفاقية في العام المقبل بهدف تقليل المزيد من الحواجز كما يحذر كبار المسؤولين والتنفيذيين في التجارة· وكما يقول باسكال لامي المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، التي تشرف على ما يطلق عليه جولة الدوحة للمفاوضات: ''أعتقد أنه ربما يصبح عاما حاسما لهذه الجولة وكذلك بالنسبة للنظام التجاري التعددي بأكمله''· وكما جاء في التحليل الذي أوردته ''انترناشيونال هيرالد تريبيون'' فإن المحادثات التي تهدف إلى تحسين التجارة في السلع الزراعية والصناعية والتي بدأت في نوفمبر عام 2001 في الدوحة عاصمة قطر قد انهارت في يوليو الماضي بعد أن فشلت دول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان والهند في التوصل إلى اتفاق بشأن تخفيض المساعدات والرسوم الزراعية والتي وقفت حائلا دون إبرام اتفاقية موسعة· ومنذ ذلك الوقت اتجهت بعض الدول التي ظلت بانتظار أن تتوصل منظمة التجارة العالمية إلى اتفاقية دولية، عوضا عن ذلك إلى إبرام اتفاقيات ثنائية مع كبار الشركاء التجاريين، إلا أن هذه الموجة الجديدة من الاتفاقيات الثنائية باتت تهدد بتقليص نفوذ وسلطات المنظمة العالمية تماما كما أن غياب اتفاقية للتجارة العالمية استمر يجلب معه العديد من المخاطر الأخرى، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفاقم من التوترات التجارية التي برزت بين الاقتصاديات الكبرى بمن فيها الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ويحذر خبراء التجارة أيضا من إمكانية تفشي النزعة الحمائية في الوقت الذي تسعى فيه الدول الغنية والناشئة على حد سواء للدخول الى الاسواق المفتوحة في غياب إطار قانوني عالمي· وكما يقول بيتر سذرلاند رئيس مجلس إدارة بريتش بترليوم ومصرف جولدمان ساشز انترناشيونال ''إنها إحدى اللحظات العصيبة حيث بات من غير الممكن أن يساورك الشعور بالتفاؤل بشأن جولة المفاوضات وكذلك بشأن مصير منظمة التجارة نفسها، ويبدو أن هنالك غياب للقيادة في مقابل الفوضى والمشاحنات''· وأصبحت المخاطر تهدد فترة 5 سنوات من المفاوضات الرامية للتوصل إلى إزالة وكسر الحواجز امام تدفق السلع والخدمات الدولية التي تبلغ قيمتها اكثر من 12 تريليون دولار في كل عام، إلا أن المسائل المعقدة في المفاوضات مازالت غير مرتبطة ببعضها البعض حيث قالت منظمة التجارة العالمية ''لن يتم الاتفاق على شيء ما لم يتم الاتفاق على كل شيء'' وتتم كذلك المصادقة على الاتفاق من جميع الأطراف الذين سيتواجد 150 عضوا منهم في الاجتماع المقبل الذي ينعقد في فيتنام في يناير المقبل· وهناك حوالي 24 وزيرا للتجارة من المقرر أن يجتمعوا ايضا في اواخر يناير على هامش منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس بسويسرا، الا أن لامي قلل من التوقعات الخاصة بعقد هذه الجولة قائلا: ''إن إحساسي يقول إن هذا الاجتماع لن يتمخض عن نتائج جدية ما لم يشارك فيه أعداد إضافية من الوزراء في ''دافوس''· وأبدى لامي أيضا حذره من فكرة قيام منظمة التجارة العالمية بالدعوة إلى اجتماع وزاري في فبراير لنفس السبب أيضا· وظلت السياسات الوطنية (القطرية) تلقي بظلالها على جولة الدوحة، ففي الانتخابات الاميركية التي جرت في نوفمبر المنصرم خسر حزب الرئيس جورج دبليو بوش أغلبيته في الكونجرس كما أن السلطات التجارية المفوضة للرئيس بوش سوف تنتهي فترة صلاحيتها في يوليو المقبل· وتحت هذه الضغوط يتعين على الرئيس ضرورة التفاوض على صفقات تجارية كما يتعين على الكونجرس التصويت عليها بنعم أو لا بدون الحصول على فترات للتمديد، لذا فقد أصبح بوش مجبرا على القيام بعمل صعب من أجل إقناع الأغلبية الديمقراطية الجديدة في الكونجرس على تمديد فترة سلطاته التجارية· وعلى الجانب الآخر من الاطلنطي، تعارض فرنسا التي لديها قطاع زراعي هائل، بشدة العمل على تقليل الحواجز الزراعية في نفس الوقت الذي تستعد فيه لإجراء انتخابات رئاسية في الربيع المقبل، وفي ظل النفوذ الذي تتمتع به فرنسا على السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي فسوف يصبح من الصعوبة بمكان أن يُقدم بيتر ماندلسون، المفوض الأوروبي للتجارة، على بذل تعهدات تؤدي إلى تخفيضات كبيرة في المساعدات والرسوم الزراعية لكن دون هذه التخفيضات الكبيرة من الاتحاد الاوروبي، كما يقول أحد كبار المسؤولين التجاريين في اميركا، سوف يصبح من الصعب على الرئيس بوش ''تسويق مثل هذه الحزمة في الداخل''· وفي جميع الحالات فإن تلك الأيام التي كانت تضع فيها الولايات المتحدة واوروبا الأجندة الخاصة بالتجارة والتوسط في صفقات سرية خلف الغرف المظلمة قبل أن تسوقها لشركائها ولّت بلا رجعة، إذ يقول لامي: ''لم تعد تلك الممارسات تحقق النجاح لأن المناخ الجيوسياسي شهد الكثير من التغيرات بعد أن أصبحت دول مثل الهند وجنوب أفريقيا وأندونيسيا تلعب دورا مهما في هذه المفاوضات الزراعية''· وكان كمال ناث، الوزير الهندي للتجارة والصناعة، قد ذكر مؤخرا بأنه ما لم تعمد كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تخفيض هائل في المساعدات الزراعية ''فلن تستطيع الدول النامية تحقيق أي فوائد من جولة الدوحة''، بل إن العديد من المجموعات التجارية ايضا أعربت عن تشككها حيال الأمر، إذ يقول كريستوفر وينك المدير العام لسياسة التجارة الدولية في اتحاد الصناعة الوطني :'' نرغب في أن تمضي المباحثات قدما في جولة الدوحة ولكن هذا الأمر لن يتحقق ما لم ينطو الأمر على الرغبة في إجراء مفاوضات حقيقية''· ويمكن أن نرجع معظم أسباب التعثر في المفاوضات فيما يتعلق بالرسوم الصناعية الى بروز الصين كـ''ورشة عالمية'' حيث إن الأعضاء الآخرين في منظمة التجارة العالمية ما زالت تتملكهم المخاوف من النتائج التي سوف تتمخض من المزيد من فتح أسواقها أمام المنتجات الصينية، بل إن جميع القطاعات التجارية الأخرى مثل البنوك والتأمين والاتصالات الهاتفية تنتابها نفس المخاوف أيضا بشأن التجارة الخاصة بالخدمات''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©