السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم عبدالله تحدَّق في المستقبل ولا تشيح بنظرها عن الماضي

أم عبدالله تحدَّق في المستقبل ولا تشيح بنظرها عن الماضي
9 مارس 2009 00:35
هي أم مثالية·· نجحت في تربية أبنائها الأحد عشر ليخرجوا للحياة مثقفين متعلمين، ثم التحقت بمركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الديني الثقافي واستطاعت أن تحفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم، على الرغم من أنها بالكاد تفك الخط لأن أسرتها اعتبرت أن تعليمها عند المطوع عيب كونه رجلاً، فمنعتها من الالتحاق بالطلبة الذين يدرسون في الكتاب ··· ولكنها على غير عادة المرأة الخمسينية التي تقتصر في عملها ونشاطها على داخل أسوار بيتها، فقد تميزت الجدة والأم موزة خلفان الشامسي، المكناة بأم عبد الله، تميزت بنشاطها وحيويتها للعمل داخل البيت وخارجه، وذلك عبر تفاعلها مع المجتمع المحلي وإصرارها على المحافظة على عراقة أصلها وكل ما يتعلق بالتراث وعبق الماضي، وذلك عبر لباسها وتحضيرها للأكلات الشعبية التي تشارك فيها في المعارض والمناسبات الوطنية، وكذلك عملها للمشغولات اليدوية عبر غزل الصوف والتل وغيره، وعلى الرغم من أنها تملك فيلا جميلة لكنها تصر على أن يكون لها في ساحتها خيمة من العريش، تجلس فيها باستمرار وتشعل الحطب على الموقد، وتخبز خبز الرقاق، وتحضر فيه أيضا الأكلات الشعبية كالهريس والفريد والبلاليط والمكبوس والأجار وغيره كالبهارات والزيوت، وتحدثنا أم عبدالله عن خلاصة تجربتها معها في هذا اللقاء ··· تقول أم عبدالله: ''عندما كنت صغيرة لا يتجاوز عمري الخامسة عشرة علمتني والدتي كل شيء كالطبخ والغزل والقيام بأشغال البيت، وتربية البوش والغنم، وجمع الحطب وإشعال النار، وغيرها من الأعمال التي كنا نتحمل مسؤوليتها ولا زلنا، والتي عملنا نحن كأمهات على تعليمها لبناتنا، لكنهن لا يجدن تعلمها لانشغالهن بالدراسة والعمل وغيرهما''· كما وتوضح أم عبد الله أنها تج·د راحتها في خيمتها العريشية وتحب أن تحضر فيها الطعام، على الرغم من معاتبة أولادها لها على ذلك، لأنهم لا يريدون من والدتهم أن ترهق نفسها، ولكنها تحاول اقناعهم دائما أنها لا تشعر بالتعب الجسدي بقدر ما تشعر بالراحة النفسية والسعادة وهي تصنع الطعام بيدها، وليس أي طعام بل هي أكلات شعبية، لا مواد ملوثة فيها ولا كيماوية، أكلات اعتادت على تناولها وطبخها منذ صغرها· وتؤكد أم عبد الله أنها تحرص على تحضير العجين وصنع خبز الرقاق منه: ''أحضِّرُ الخبز عبر خلط البر، أي الطحين بالماء والملح، وأجعله لزجا جدا، ثم أفرده على الطوبي (وهو لوح معدني مستوي يوضع فوق الحطب المشتعل)، أفرده بيدي حتى يتحمر قليلا، ويكون رقيقاً جدا لذلك نسميه خبز رقاق، وهو يؤكل وحده أو مع السمن السائل الذي يسكب فوقه، أو مع اللبن أو العسل وغيرهما''· وتبين أم عبد الله كيف تكسب زبدة البقر نكهة ورائحة طيبتين، وذلك كما تقول:''أضع زبدة البقر في وعاء معدني مع الملح والبهارات والكركم فوق النار المشتعلة من الحطب حتى تذوب الزبدة، ثم أضيف الطحين وبعده السنوت، وأحركه جيدا حتى يغلي فيطفو الدهن أو السمن على السطح، وتستقر الخلاصة في القاع وهي مجموعة المواد التي أضفتها''· أما بالنسبة للأجَار التي تحرص أم عبدالله على صنعه دائما فتقول: ''الأجَار عبارة عن مزيج من المنغا والليمون والمخلل والحبة الحمراء والحبة السوداء (حبة البركة)، حيث يتم تقطيع المنغا ووضعها في زجاجة مع الملح والدراز والشطة والحبة السوداء والحمراء وقطع الليمون والمخلل، فيتكون الأجار الذي يتم تناوله مع العيش أو خبز الرقاق أو المكبوس وغيره من الأكلات، فهو فاتح للشهية نظرا لطعمه الحار الطيب''· وتخبرنا أيضا أم عبد الله عن البهارات العربية التي تستخدمها في كل طبخها فتقول: ''تتكون البهارات التي أصنعها من السنوت والهليلان والقرفة والكركم والشنة والمثيبة، أقوم بطحنها ضمن مقادير محددة، وهي تستخدم مع جميع أنواع الأكلات، كما أنَّها أفضل بكثير من البهارات التي نشتريها من السوق بكثير''· وعلى الرغم من الصعوبة وطول الوقت الذي يحتاجه غزل الصوف، إلا أن أم عبدالله لا زالت تمارسه، وتصنع منه الركاب الذي يوضع على ظهر الجمل وضرعه، والشمال وبيوت الشعر وغيرها· وتعتبر أم عبدالله أن ذلك كله مما علمتها إياه والدتها، لكنها اجتهدت في صناعة زيت للشعر يفيد في تقويته ولمعانه، لم يعلمها صناعته أحد· وهو مزيج من زيت الزيتون وأصغر علي وعنبر ومحلب تطحنها جميعا وتضيفها لزيت الزيتون، وتوضح أنها تصنعه منذ عشرين سنة، وتدهن به شعرها وشعر بناتها، وتبيع منه الكثير· وقد ترأست أم عبدالله، ولا تزال، مجلس الأمهات في مدرسة حصة بنت محمد للتعليم الأساسي، ومدرسة الزايدية للتعليم الثانوي، وهي تتحدث عن هذه التجربة التي تعيشها للسنة الثانية على التوالي: ''أحب تقديم النصح والمشورة لبناتنا في المدارس، وذلك عبر حصص التوجيه التي أقدمها للطالبات، وأشعر أن من واجب كل أم أن تبقى على تواصل مع المدرسة، حيث أجلس مع الأمهات في الاجتماعات، ونتحدث في أمور تخص بناتنا وتفيدهن''· وتضيف: ''لقد شاركت في مشروع الأم الاختصاصية، حيث ساهمت مع الأخصائيات في حل مشكلات بعض الطالبات، وشاركت كذلك في الاحتفالات والمناسبات الوطنية والدينية وغيرها التي تقام في المدرسة، كما حصلت على عدد من شهادات التقدير عن مشاركاتي المختلفة''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©