الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديمقراطية في جورجيا··· اختبار على المحك

الديمقراطية في جورجيا··· اختبار على المحك
6 يناير 2008 02:57
يأمل ''ميخائيل سكاشيفيلي'' -الرئيس الجورجي الموالي للغرب والذي تصدّر نتائج استطلاعات الرأي العام السابقة للانتخابات العامة التي أجريت في الأمس- في الحفاظ على تفويض شعبي يخول له الاستمرار في منصبه، إثر الأوامر التي أصدرها لقوات الشرطة بالانقضاض على المحتجين والمعارضين، إضافة لإعلانه حالة الطوارئ في البلاد، منذ شهر نوفمبر المنصرم· غير أن المواجهة الوحشية التي تمت بين قوات الشرطة والمتظاهرين في السابع من نوفمبر الماضي، والتي أصيب فيها ما يزيد على 500 منهم -وإن لم تكن أي منها قاتلة- ليست بالأمر المستغرب على سياسات ما بعد العهد السوفييتي في هذه الجمهورية· بيد أنها ساعدت على تبديد أوهام بعض مؤيديه على الأقل، حول أن يكون ''سكاشيفيلي'' نموذجاً للقائد الديمقراطي، كما صورته إدارة ''بوش''، يذكر أن ''سكاشيفيلي'' لم يبد أسفاً على تلك الحملة الوحشية على المتظاهرين، خلال لقاء صحفي أجري معه بمقره يوم الجمعة الماضي، على الرغم من أنه تخرّج في كلية القانون بجامعة كولومبيا الأميركية في نيويورك· يذكر أيضاً أن الرئيس الجورجي يبلغ من العمر 40 عاماً، وأنه يعد من أقوى حلفاء الرئيس بوش في منطقة القوقاز الروسية· وفي اللقاء الصحفي الأخير هذا، قال ''سكاشيفيلي'' إن القرار الذي اتخذه بإجراء الانتخابات العامة في موعدها، قد ميز حكومته عن بقية حكومات دول المنطقة، بينما ساعد في دحض كل الانتقادات التي وجهت إليه في أعقاب أحداث السابع عشر من نوفمبر؛ وعلى حد قوله: ''لقد انتفت كل المزاعم التي وصفت جورجيا بأنها ماضية في طريق الحكم الشمولي، بعد أن دعا القائد الذي وصف بالشمولية والديكتاتورية، إلى إجراء الانتخابات العامة، وإذا كان هناك من القادة من ينقض على الاحتجاجات والمظاهرات في سبيل التشبث بالسلطة وكراسي الحكم، فقد تنازلت أنا عن السلطة مباشرة بعد أحداث نوفمبر، حرصاً مني على توفير الضمان اللازم لاستمرار العملية الديمقراطية، الكفيلة بحل الأزمة''· كانت الشرطة قد استخدمت في تلك الأحداث الغازات المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، وخراطيم المياه والهراوات لتفريق المتظاهرين والمحتجين في شوارع العاصمة في السابع من نوفمبر الماضي· وفي اليوم نفسه أعلن الرئيس حالة الطوارئ العامة، إلا أنه رفعها بعد تسعة أيام من ذلك التاريخ· ومن ناحيته برر ''سكاشيفيلي'' تلك الحملة البوليسية على المتظاهرين، بأنها كانت إجراء رادعاً لمخططات انقلابية كان يدبر لها أحد القادة الذين يقف من ورائه المتظاهرون· أما الدعوة لإجراء الانتخابات العامة، فهي ليست لها أدنى صلة بتلك الحملة البوليسية، بقدر ما هي استجابة للاحتجاجات الشعبية على الإصلاحات الاقتصادية، التي اعتبرها سبباً رئيسياً لتلك المظاهرات والاحتجاجات· لكنه أكد من الناحية العامة أنه ليس ثمة ما يدعو للاعتذار أو الأسف على ما حدث، لأنه يصب في الوجهة الصحيحة، حسب رأيه· لكن ووفقاً لآراء مستشاريه وبعض المحللين السياسيين، فإن هذه الانتخابات التي أجريت يوم أمس، هي بمثابة استفتاء شعبي عام على الإصلاحات الاقتصادية التي تبناها السيد ''سكاشيفيلي''، وعلى أدائه الديمقراطي، إضافة إلى كونها اختباراً لعلاقات جورجيا المتوترة مع روسيا، في مقابل دعمها غير المحدود للولايات المتحدة الأميركية· فعلى رغم تمكن سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تبناها من استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، ما ساعد على حفز النمو الاقتصادي لإحدى أفقر دول العالم في هذه المنطقة من جبال القوقاز، إلا أنها لم تساعد على إزالة جيوب الفقر الكثيرة المنتشرة في جورجيا، كما لم تسهم في خفض معدلات البطالة المتصاعدة فيها· وتشير الإحصاءات التقريبية، إلى أن نسبة 25 في المائة من مواطني جورجيا يعيشون تحت حد الفقر، وإقراراً لهذه الحقائق، أكد ''جيجا بوكيريا'' -عضو البرلمان الجورجي، وأحد أقوى حلفاء الرئيس ''سكاشيفيلي'' وجود فئات اجتماعية تنامى لديها الشعور بأنه ما من أحد في الجهاز الحكومي يأبه لأوضاعها أصلاً، جاء ذلك في لقاء صحفي أجري معه يوم الجمعة الماضي· وتشير الإحصاءات إلى نمو الاقتصاد الجورجي بنسبة 10 في المائة خلال العام الماضي، لكن وعلى رغم ذلك، تؤثر سلباً مشكلتا الفقر والبطالة المتفشية في جورجيا -شأنها شأن الكثير من الجمهوريات الاشتراكية السابقة- على تأييد الناخبين لهذه الإصلاحات، على حد قول ''سكاشيفيلي'' الذي أوضح أيضاً أن مجموعات المتظاهرين شملت عدداً من أفراد شرطة المرور الذين قال إنه استغنى عن خدماتهم، ضمن إجراءات مكافحة الفساد التي اتخذها· هذا وتستمد جورجيا أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية من مرور خط أنابيب نفط رئيسي عبرها؛ إلا أن من أسباب هذه الأهمية كذلك، مساهمة جورجيا بنشر قوات مشاركة للتحالف الدولي في العراق، تأتي من حيث العدد، في المرتبة الثالثة مباشرة بعد الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا· غير أن هذه القوات لا تشكل قضية من القضايا الانتخابية المثارة في الحملة الانتخابية يوم أمس، خلافاً لما هو عليه الحال في عدة دول أخرى تحالفت مع الولايات المتحدة الأميركية في حربها على العراق· يذكر أن سبعة مرشحين خاضوا التنافس الانتخابي بالأمس؛ وفي حال عدم فوز أي منهم بنسبة 50 في المائة من جملة أصوات الناخبين، فسوف تعاد الانتخابات مرة أخرى بعد أسبوعين؛ وقد أظهرت نتائج استطلاعات رأي عام أجرتها شركة ''جرينبيرج كوينلاند روزنر'' الأميركية -مقرها في واشنطن- تحت رعاية الحملة الانتخابية للرئيس ''سكاشيفيلي''، وأعلنت نتائجها يوم الخميس الماضي، احتمال حصول الرئيس الحالي على نسبة 52 في المائة من الأصوات· وفي المقابل، فقد حصل منافسه الرئيسي ''ليفان جاشيشيلاديز'' الذي يمثل ائتلافاً حزبياً يضم تسعة من الأحزاب المعارضة، على نسبة 16 في المائة فحسب، وفقاً لنتائج استطلاع الرأي نفسها· في شهر ديسمبر الماضي، نشرت الحكومة الجورجية تسجيلات سرية عرض فيها ''بدري باتاركاتسشيفيلي'' -ملياردير روسي مطلوب في بلاده بسبب اتهامات بالفساد ويقيم حالياً في لندن-، على أحد مسؤولي وزارة الداخلية مبلغ 100 مليون دولار لتنفيذ مخطط انقلابي على ''سكاشيفيلي''· وكما سبق القول، فإن انتخابات يوم أمس هذه، تعد استفتاء شعبياً على ''سكاشيفيلي''، إلا أنها تعبّر في الوقت نفسه، عن آمال جورجيا في الانضمام إلى دول حلف الناتو، خاصة وأن هذه الخطوة تحظى بدعم شعبي كبير في جورجيا؛ كما يتوقع أن يقرر الناخبون عبر هذه الانتخابات، ما إذا كانت ستجرى الانتخابات البرلمانية في موسم ربيع العام الحالي، أم في خريف العام المقبل· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: جورجيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©