الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما··· بعيداً عن خطأ كارتر في الشرق الأوسط

أوباما··· بعيداً عن خطأ كارتر في الشرق الأوسط
6 يناير 2008 02:57
في كل مرة سمعت فيها عن اعتزام السناتور الديمقراطي ''باراك أوباما، ''إعادة رسم'' صورة أميركا في الشرق الأوسط، فإنه لا يسعني أن أنسى ما فعله الرئيس الأسبق ''جيمي كارتر'' في طهران، ففي زيارته إلى طهران في عام ،1977 للاحتفال بمطلع العام الجديد مع نظيره الإيراني الشاه محمد ''رضا بهلوي''، الذي يعد أكثر طغاة إيران استبداداً حينئذ، اصطف الشباب الإيرانيون، وفئات عريضة من عامة الجمهور في الشوارع العامة، لاستقباله· فعلى إثر ثماني سنوات من الدعم الأميركي الأعمى لنظام الشاه الوحشي، من قبل الرئيسين ''جيرالد فورد'' و''رتشارد نيكسون''، تفاءل الإيرانيون خيراً بوعد الرئيس الديمقراطي الجديد، بإعادة رسم صورة بلاده في الخارج، انطلاقاً من أولويات حقوق الإنسان· وبفعل ذلك الأمل الذي أثاره تعهد ''كارتر''، فقد اعتقد الكثير من المعتدلين وأبناء الطبقة الوسطى الإيرانية، إمكانية تفاديهم وقوع ثورة أكيدة، كان يدرك الجميع حلول موعدها في بلادهم· غير أن الذي حدث في ذلك العشاء التاريخي، الذي صادف ليلة مطلع العام الجديد، هو أن ''كارتر'' فاجأ الجميع، ففي إحدى تجليات الجهل المطبق بحساسيات الوضع السياسي في إيران، ألقى ''كارتر'' بعبارات أراد منها للشاه أن يقود ركب تحويل بلاده إلى ''جزيرة للاستقرار، في إحدى أكثر مناطق العالم اضطراباً'' وبتلك العبارات، إنما أشعل ''كارتر'' شعلة الثورة الإيرانية دون أن يدري· وقد كان مصدر تلك العبارات، السذاجة والافتقار إلى الحنكة السياسية، والاعتقاد الفج بقدرة الكل على فهم حسن نوايا الولايات المتحدة الأميركية، وعزمها على نشر الاستقرار في المنطقة· هذه هي عينها الصفات التي تثير انزعاجي وقلقي، كلما سمعت السناتور ''أوباما'' وهو يردد شعارات شبيهة بتلك التي عبر عنها ''كارتر'' في زيارته الكارثية المذكورة، والأكثر إثارة للقلق؛ تنامي اتجاه عام في يسار ويمين الممارسة السياسية هنا في أميركا، يقول إن أكثر ما تحتاجه أميركا اليوم، ليس المعرفة ولا الخبرة ولا الدراية الكافية بشتى دول العالم، بقدر ما هي بحاجة فعلية إلى تقديم وجه جديد لها في المنطقة، على أن تصحبه وتعززه نوايا حدسية جديدة إزاء العالم· كما يعبر الاتجاه نفسه، عن أن مجرد انتخاب ''أوباما'' للمنصب الرئاسي، سوف يمكّن أميركا من الفوز بحربها الدائرة على الإرهاب الدولي· تمضي هذه الحجة على النحو التالي: لك أن تتخيل أحد الشباب المسلمين المصريين، وهو يتفرج على قنوات التلفزيون، ثم فجأة يرى هذا الرجل الأميركي الأسود، المنحدر من جد كيني مسلم، وقضى مدة قصيرة من صباه الباكر في إندونيسيا، وهو يؤدي مراسم القسم بصفته رئيساً للولايات المتحدة الأميركية! عندها سوف يدرك ذلك الشاب المصري فجأة، أن أميركا لم تعد ذلك ''البعبع'' المعادي للإسلام والمسلمين كما ساد الاعتقاد؛ وأثناء ذلك، ربما يسود العالم الإسلامي كله، اعتقاد شبيه في أوساط الشباب المرشحين للانضمام إلى صفوف ''المجاهدين''، فيخالون حينها، أنه ربما كان أسامة بن لادن مخطئاً في قسوة حكمه على الولايات المتحدة، وأنه ربما هي ليست بالسوء الذي يراه بها· ليس ذلك فحسب، بل هناك من يقول: ''فلا شيء مما يقوله أو يفعله هذا الرئيس الجديد، قادر على تغيير آراء هؤلاء كما يعتقد الكثيرون''· وكما لاحظ الخبير المحافظ ''أندرو سوليفان'' -في وصفه لهذا المشهد الخيالي- عبر رسالة وجهها إلى ''أوباما'' من خلال مجلة ''أتلانتيك الشهرية'' فإن وجه ''أوباما'' بحد ذاته، هو القادر على تكذيب معتقداتهم السابقة عن أميركا، على نحو تعجز عنه أي عبارة كانت· أو كما جاء في تعليق المحلل الفرنسي ''دومنيك موزيه'' المختص في الشؤون الخارجية بقوله: ''فما أن يطل أوباما بوجهه عبر شاشات التلفزيون العالمية، ظافراً بالمنصب الرئاسي وبابتسامته العريضة المميزة، حتى تشهد صورة أميركا، وكذلك قوتها الناعمة الدولية، تحولاً أشبه بذلك الذي أحدثته ثورة ''كوبرنيكس'' في علم الفلك''! لكن وبما أنني كنت أحد أولئك الصبية المسلمين الذين تصفهم هذه الصور الخيالية عن تحولات المشهد السياسي الأميركي المرتقبة، إثر فوز باراك أوباما -وإن كنت صبياً إيرانياً مفترضاً وليس مصرياً- فلأقل لكم إن الذي يهم الشباب المسلمين الإيرانيين، الذين يعجز الكثيرون منهم اليوم، عن ذكر أسماء ثلاثة رؤساء أميركيين فحسب، ليس من هو الرئيس الأميركي؟ سواء كان هذا الرئيس رجلاً أم امرأة، وسواء كان أبيضَ أم أسودَ، وإنما ما الذي ستفعله الولايات المتحدة الأميركية؟ ذلك أن ما يثير غضب الشباب المسلمين من أميركا، ليس كون جميع رؤسائها من البيض، وإنما بسبب الدعم غير المشروط الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل،؛ فهم يرون أن على واشنطن أن تعمل على سحب قواتها على نحو لا ينتهي بانفجار العراق· كما يتعين على الرئيس الأميركي الجديد، ذكراً كان أم أنثى، أن يدعو جميع جيران العراق، إلى طاولة المفاوضات، في ذات الوقت الذي يعمل فيه على لجم جموح إيران النووي، بما يؤكد لحلفاء واشنطن من المسلمين السنة العرب، أنه لم يتم تجاهلهم أو التخلي عنهم، إلى جانب العمل على إدخال روسيا باعتبارها طرفاً في الحل وليس الأزمة الإقليمية· ثم ينبغي على الرئيس الجديد، أن يحول دون عودة أفغانستان إلى قبضة متمردي طالبان وتنظيم القاعدة، فضلاً عن مواصلة الضغط على الصين من أجل لعب دور أكثر إيجابية في المنطقة، والحيلولة دون الدمار الذاتي الذي يحيق بباكستان النووية، في أعقاب اغتيال زعيمة معارضتها ''بينظير بوتو''؛ فذلك هو الطريق لإدارة الحرب على الإرهاب، في مرحلة ما بعد الرئيس بوش· أستاذ مساعد للكتابة الإبداعية بجامعة كاليفورنيا بريفيرسايد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©