الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التعليم الهندسي الفني

29 ديسمبر 2006 22:45
تربط آليات عصرنا الحالي بشدة بين مستوى التعليم والتقدم التقني في كل دولة وبين نموها الاقتصادي، ومن أبرز جوانب التعليم التي تحتاجها بلادنا، التعليم الفني الهندسي بمختلف أشكاله وذلك لأننا نمر حاليا بظاهرة عالمية لم نشاهدها منذ عقود، وهي أن الطلب متزايد على خبراء هذا التخصص لدرجة أن بعض شركات النفط والغاز تضطر لتمديد عقود المحالين للتقاعد لسد هذه الفجوة· وإذا نظرنا إلى الصورة بوجه عام فسنجد أن المشكلة الرئيسية للشركات التي تعتمد على التكنولوجيا مثل النفط والغاز هي اجتذاب كفاءات بشرية ثم إقناعهم بالبقاء لديها، باعتبارهم رأس المال البشري الأساسي والوقود الأمثل لدعم نمو هذه الشركات· وهذه مشكلة لا تقتصر على شركات دول بعينها· فالجامعات الأميركية تشتكي من نقص الكفاءات المطلوبة للعمل في برامج البحوث الهندسية الفنية خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 حيث توجه الكثير من الطلبة في هذا المجال إلى الجامعات الأوروبية والآسيوية لصعوبة الحصول على تأشيرة دخول إلى الأراضي الاميركية· ويبدو أن الصين فطنت لهذه النقطة، فهي تخرج نصف مليون مهندس سنويا، كما أعلنت عن خطط لرفع الرقم إلى مليون مهندس لمواكبة مسيرة النمو·· وهذا هو السر الرئيسي في التدفقات المستمرة لرؤوس الأموال الأوروبية على الصين وذلك لرخص الأيدي العاملة هناك ولوجود العمالة الهندسية الفنية بسعر مقبول· والصين تعتبر نفسها من البلدان المبدعة وهي تمتلك كما بشريا كبيرا من المهندسين الفنيين الذين أصبحوا أداة ابتكارات ومسيرة تكنولوجية تروع بها منافسيها· هذا هو الدرس الذي يجب أن نضعه جيدا في أذهاننا خاصة أن العمود الفقري لاقتصادنا يقوم على صناعة النفط والغاز· ويجب ألا تقتصر تحركاتنا في هذا المجال على إرسال أبنائنا إلى الجامعات العالمية القوية بل وأيضا تفعيل دورهم في مؤسساتنا لكي نبني قاعدة بشرية قوية نستطيع بها مواجهة تحدياتنا· فكم من طالب أبدع في الخارج ولكنه لا يستطيع أن يعطي كامل طاقته في مؤسساتنا، والسبب هو انه لا توجد ''بنية تحتية'' علمية لهؤلاء الطلبة· ولكنني أشعر بتفاؤل نتيجة التغيرات الضخمة الايجابية التي تشهدها بلادنا خلال الفترة الأخيرة بما يساعد على بناء هذه البنية التحتية بما في ذلك تأسيس عدة جامعات منها المعهد البترولي المفترض أن يصبح الحاضنة التي تزود الإمارات بما تحتاجه من كفاءات فنية ليس فقط في مجال النفط والغاز بل في مجالات هندسية أوسع· وتجدر الإشارة هنا إلى انه لا مشكلة إطلاقا في توفير الكفاءات، وفي توفير الفرص لهذه الكفاءات في نفس الوقت، وذلك خلافا لما يعتقده معظم الناس من انه يجب أن تتوفر الفرصة أو الحاجة لكي تظهر الكفاءة· بل إن الواقع يؤكد انه في كثير من الأحيان تعمل الكفاءة البشرية على توليد الفرص لنفسها ولباقي قطاعات المجتمع، ومساعدة الاقتصاد· وإجمالا فإن التعليم الفني الهندسي من أهم المجالات المطلوبة لترسيخ أسس دولتنا، ودوره حقيقي وفعال في كثير من القطاعات، وعلينا أن ننظر بعمق إلى هذا المجال وندعمه في السنين القادمة لكي نكون على أكمل الاستعداد لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل· د· صالح الهاشمي المعهد البترولي في أبوظبي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©