الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

شعراء عرب: المستقبل لقصيدة النثر

29 ديسمبر 2006 23:50
القاهرة - زين إبراهيم: دافع شعراء مصريون ولبنانيون وسوريون عن قصيدة النثر العربية دفاعاً مستميتاً مفندين كل الاتهامات الموجهة إليها ومؤكدين أن تجارب شعراء قصيدة النثر لا تقل إبداعاً عن التجارب الشعرية الأخرى، وراهنوا على استمرار قصيدة النثر وانتشارها في أرجاء الوطن العربي لاعتمادها على ركائز التجديد والابتكار· وفي ندوة ''قصيدة النثر'' على هامش مهرجان الشعر العربي المصاحب لمؤتمر الكتاب والأدباء العرب والذي اختتم مؤخراً في القاهرة قال الشاعر المصري المنجي سرحان: ''إن حركة الشعر العربي تميزت على امتداد التاريخ بقدرتها على التطور، وكان النقاد الأوائل يعبرون عن تصورات متغيرة بتغير الحاجات الجمالية والثقافية والاجتماعية، وتواصلت جهود النقاد والشعراء في طرح التجديد في كل مرحلة من مراحل الأدب العربي حتى أن المتصوفين الأوائل طرحوا الكتابة النثرية إلى جوار إبداعاتهم الشعرية في نماذج معروفة، وظلت قصيدة النثر تداعب أذهان كثير من الشعراء في مراحل متعددة، وكان النثر حلا عندما تتعقد الأزمات الشعرية والفكرية الكبرى لأنه يمثل عودة للبدايات الأولى قبل تكوين القواعد النغمية والتفاعيل وانظمة الحركة والسكون''· وأضاف: ''إن الساحة الشعرية في عصورها الحديثة والمعاصرة شهدت ميلاد قصيدة النثر على يد أفراد بعد صراع مرير بين المدارس الكلاسيكية والرومانتيكية أولاً ثم بين الشعراء الرومانتيكيين الشوام، ورواد الحداثة وعرفت تجارب شعرية مهمة في قصيدة النثر لأدونيس وأنسي الحاج ثم بعد ذلك تجربة شعراء السبعينيات في مصر ولبنان والمغرب إلى أن وصلنا إلى قصيدة النثر التي تكتب اليوم ولم تتم دراستها بشكل كاف على الرغم من اتساعها وانتشارها في الوطن العربي''· هجوم غير موضوعي وقال الشاعر اللبناني غسان حنا: ''إن الهجمات على قصيدة النثر منذ ظهورها حتى الآن غير نقدية وتفتقد المنهج الموضوعي، واعتمد الناقدون على أغراض مبيتة وتهويل شديد وكأنهم يدافعون عن مقدس شعري، وبالرغم من هذا فإن قصيدة النثر تتصدر المنابر الشعرية وتشكل 40 في المائة من مجموع الإصدارات الشعرية ولم تعد طارئة ولا ضيقة الانتشار بل أصبحت موجودة بقوة تدعمها ركائزها الأساسية من موسيقي داخلية مقرونة بالشغف الروحي والرموز والإيحاءات والصياغة التلقائية المشكلة من اللا وعي، والطاقات الإبداعية الناتجة عنها كفيلة بخلق نماذج شعرية تحتوي على موسيقى داخلية دون تلك الأوزان العروضية والقوافي الملحقة بها''· وأضاف: ''إن قصيدة النثر موجودة سواء اعترفنا بها أم أنكرناها ومستمرة والزمن كفيل بفرز الغث من السمين، والشعر سواء كان عمودياً أو شعر تفعيله أو شعراً منثوراً لن يبقى منه سوى الإبداع الحقيقي الذي لا يقوم إلا على الحرية التي تعتمد على المعرفة والثقافة والتجربة، وبقي أن ننتبه إلى الانتهاكات والتطاولات التي يتعرض لها هيكل الإبداع والشعر الآن على يد لصوص وأنصاف مواهب يحاولون الانتقاص من أي تجارب إبداعية مختلفة وعلى رأسها قصيدة النثر''· وحول التجريب الشعري وقصيدة النثر قال الشاعر السوري محمد وليد المصري: ''إن التجريب يجب أن يكون هاجس الشاعر الذي يبحث عن تفرد صوته الشعري ومكانة في زحام الأصوات الشعرية والقناعة بان الحداثة سبيل الشاعر للإبداع وإلا فلن يستطيع تقديم الجديد بعد إبداعات فطاحل الشعراء العرب من امرىء القيس وحتى بدر شاكر السياب وآخرين والذين تمكنوا من ترك نصوص إبداعية خالدة تتجاوز فكرة الزمن الذي كتبت فيه لتبقى''· وأضاف: ''بالرغم من أن مصطلح قصيدة النثر غير موجود في تراثنا لأن الشعر العربي بدأ بالإنشاد والغناء إلا أن شعرية النثر موجودة في صفحات تراثنا بقوة، والكتابة العربية شعراً بالنثر تفترض في صاحبها موهبة إبداعية شعرية ومعرفة عالية بالموروث الشعري العربي حتى يمكن أن ينشيء كتابة شعرية بالنثر ومن الجائز الاستفادة بتجارب الآخرين ولكن من دون أن ننهج على منوالهم و من دون أن نتبنى معاييرهم وبغير هذه الشروط تظل الكتابة الشعرية بالنثر إنشاء تعسفياً لا نرى فيه تفرداً ولا خصوصية''· وأشار إلى أن الحداثة ليست خروجاً على التراث كما اتهمها السلفيون مثلما أن الوزن والعمود الشعري لايمثلان علامة الرجعية، فالحداثة والإبداع يتضمنان معنيين أولهما: استيعاب الأصول، والثاني: البحث عن الابتكار وكما يقول الشاعر جبران خليل جبران: إنه لم يبتدع مفردات جديدة بل استعمالات جديدة لعناصر اللغة، وتحويل النثر إلى طاقة شعرية يحتاج إلى خبرة ومعرفة بموسيقية الشعر، وهذه الخبرة تحتاج إلى رهافة حس ودراية لغوية واسعة من أجل التجريب والتجديد وليس الهدم والإلغاء وكل هذا يعود بالفائدة على شعرنا العربي· وقال الشاعر المصري عبدالعزيز موافي: ''إن شعرآء الحداثة يعتمدون الآن على الحواس في رؤيتهم لمفردات العالم وأصبح للمعرفة الحدسية دور مركزي داخل النصوص الشعرية المعاصرة خاصة حاسة البصر، إذ إنها الأكثر حضوراً داخل مركزية الحواس وشكلت مفهوم الحدس الحسي في قصيدة النثر الآن فالقصيدة تحقق اللغة اللفظية من خلال التجسيد المجازي، وقد تزايدت فاعلية المجال البصري في القصيدة نتيجة الظروف المحيطة المتمثلة في حضارة الصورة التي تميز عصر ما بعد الحداثة فتجربة الواقع تختزل الآن في صور تأتينا من كل الاتجاهات لتنقل الأشياء والأحداث، والقصيدة بدورها تقوم بدور الصورة في الشعر لكي تصبح لغة مشتركة داخل التجربة الشعرية''· وأضاف: ''إن التعامل مع الأفكار من خلال الإدراك الحسي والمجال البصري أصبح صلب القصيدة الجديدة التي تحاول أن تعيد إنتاج ذاكرة إبداعية مختلفة عن ذاكرة الشعر السلفية التي تتخفى وراء أقنعة بلاغية، ومن البدهي أن يتم هذا بواسطة الخيال البصري لدى الشاعر مما يجعله قادراً على تحويل العالم من أفكار إلى وقائع عبر اللغة التي تتحول لتصبح امتداداً لحواسنا إما بالتجسيد أو التشخيص أو التجريد بل يمكن للشاعر أن يستغل أكثر من أسلوب في تشكيل الصورة الواحدة داخل قصيدة النثر الواحدة مما يؤكد أن المستقبل للشعر الحر وقصيدة النثر''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©