الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استهلاك زائد عن الحد

29 ديسمبر 2006 23:53
هناك ثقافة اجتماعية تأصلت فينا نحن أبناء منطقة الخليج العربي جميعا، ولا يوجد مجتمع خليجي واحد بعينه يختلف عن نظيره الآخر، فهذه الظاهرة وهذه ''البلوى'' إن صح التعبير هي على عموم محيط الخليج العربي وأبنائه، إنها ثقافة أن نشتري كل شيء يلزمنا أو لا يلزمنا، حتى ولو كان زيادة عن الحاجة، بهذا التصرف السلبي الذي نتميز به خليجيا أصبحنا طعما سهلا وسائغا للتجار، يتحكمون فينا بالسعر الذي يريدونه هم، لا الذي نريده نحن ونطمح إليه، ذلك بسبب لهفتنا وشغفنا غير المبرر على الاستهلاك الزائد، وهذه البطرة الاجتماعية التي ليس لها معنى، حتى أننا نرى الشخص خاصة المواطنين والذين نحن نعنيهم بهذا الكلام، نراهم ومنذ بداية الشهر أو فلنقل نصفه على أحسن الأحوال والتقديرات تكون الجيوب فارغة تماما؛ لأنه ليس هناك تفكير وتعقل في الصرف، فتكون النتيجة البديهية حتما هي أن يجلس الشخص فارغ اليدين لا حول له ولا قوة إلا الاستدانة من هذا أو ذاك أو الاستدانة من البنوك، والنهاية الديون المتراكمة، نحن لسنا وحدنا، الذي يعيش على أرض هذا المجتمع الخليجي، فهناك الكثير من الإخوة الأعزاء أبناء الجاليات العربية والإسلامية والأجنبية، ولكن لا نراهم متواجدين مثلنا في المحلات التجارية على مدار الساعة، هم يعيشون بيننا ورواتبهم أقل من رواتبنا ومستأجرين، ولكن رغم ذلك هم ما شاء الله عليهم يوفرون ويدخرون، ونحن صفر اليدين لأنهم حقيقة يعرفون تماما كيف وأين يُصرف هذا الفلس والدرهم، ويعرفون قيمته تماما، فلا يخرج من الحبيب إلى يد البائع إلا بعقل وحكمة ومفهومية وبدون استعجال وبدون إسراف، وبعد النظر في السلعة إن كانت ضرورية أم كمالية، غالية أم رخيصة، جيدة أم سيئة، أصلية أم تقليد، التدقيق في تاريخ الإنتاج والصلاحية، بلد المنشأ، وهذا هو المفهوم الصحي الجيد للشراء، بما يعني تفحص البضاعة أو السلعة بالشكل الدقيق، بعكس الصورة التي عليها نحن تماما، والشاهد على ذلك ما نراه في مواسم الأعياد والمناسبات المختلفة الأخرى، فالمحلات التجارية وعلى مختلف أنواعها ومسمياتها ونشاطاتها تعج بالمئات من المشترين المواطنين، نشتري وندفع بدون وعي أو إدراك، وبدون أن نحاسب أنفسنا إن كان هذا الشيء يلزمنا اقتناؤه أو لا· إنه استهلاك عشوائي، والنتيجة معروفة سلفا، وهي حاويات القمامة بما يعني أن أموالنا التي نكد ونشقى من أجل تحصيلها تذهب في النهاية إلى اتجاهين أو مكانين، إما صناديق القمامة أو إلى جيوب وخزائن هؤلاء التجار، وهذا هو الشيء الحاصل فعلا، هذه المحلات التجارية التي نحن دائما وقوف عند أبوابها وكأننا عباد دائمون لها، قد امتلأت خزائنها بالملايين حتى فاضت، فيما نحن على الجانب الآخر قد خلت خزائننا وفرغت جيوبنا من الفلس الواحد، وهذا هو ما يشجع على مواصلة سياسة زيادة الأسعار وفرضها السلع بالسعر الذي يريدونه والسيطرة على السوق كيف ما يريده التاجر لا كما يريده المستهلك· حقيقة إن هذا الموضوع هو من الموضوعات المهمة وذات شجون؛ لذا فإنه ومن هذا الجانب فإنه لابد وأن تكون هناك حملات توعية اجتماعية يشارك فيها أصحاب النخب المواطنة ممن تعنيهم مثل هذه الأمور وتتبناها وسائل إعلامنا الخليجية؛ لتبرز سلبيات هذا الشراء العشوائي وهذا الإسراف والاستنزاف الهائل في ميزانية الأسرة، وتوضيح جميع أشكال الاستغلال من قبل التجار، بما يضمن حماية الناس من هذا الغلاء الفاحش القائم حاليا، والذي نحن طرف رئيسي فيه ولاعب خطير ومهم في ظهوره وبروزه بهذا الشكل المخيف، وكذلك تقديم رؤية واضحة عن سلبيات الاستهلاك العشوائي والغير محسوب تماما، والتنبيه والتحذير من هذه التصرفات الخاطئة في عمليات الشراء الطائشة، والعمل على جانب الاهتمام بنشر وتعليم هذه الثقافة الشرائية لكافة أجناس وأطياف المجتمع ونشرها بين الناس وتعليمها حتى الأطفال وصغار السن منذ نعومة أظافرهم· نحن نعلم وندري تمام اليقين بأن كلامنا هذا لن يغير من واقع الحال شيئاً، فكم كتبنا وقلنا وكتب غيرنا وقال في هذا الموضوع بالذات، ولكن دون فائدة! حيث يبدوا أنه لا حياة لمن تنادي، فالمجتمع قد تعود على هذا النمط الاستهلاكي الخطير لدرجة الإدمان في ظل التفكير السلبي لشراء السلعة السائدة حاليا، فيا ليت الناس تعي وتفهم قليلا كم نحن نسحب من البنوك، وكم غيرنا يدخل في حسابه الملايين، وكل ذلك من وراء ظهورنا نحن، ونحن في غفلة من أمرنا والتيار يجرفنا من تحت أقدامنا ونحن لا ندري· حمدان محمد - كلباء
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©