الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسقاة البرتغالية بالمغرب.. تحفة معمارية برائحة التاريخ

المسقاة البرتغالية بالمغرب.. تحفة معمارية برائحة التاريخ
13 أكتوبر 2014 20:40
المسقاة البرتغالية التي تحتضنها مدينة الجديدة المغربية، تحفة معمارية تفوح منها رائحة التاريخ وكان لها الأثر الأكبر في إدراج الحي البرتغالي بمدينة الجديدة سنة 2004 ضمن قائمة اليونسكو لحماية التراث العالمي. سحر هذا المعلم الأثري الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس عشر الميلادي، الكتاب والفنانين من مختلف أنحاء العالم، ومنهم المخرج الأمريكي الكبير أورسن ويلز الذي صور فيها بين عامي 1949-1952، إحدى أروع تحفه السينمائية الخالدة «عطيل» التي كتبها وليام شكسبير. وكان ويلز قد زار مدينة الجديدة- التي تبعد عن الدار البيضاء جنوبا بنحو 90 كيلو مترا، فانبهر بالمسقاة البرتغالية وقرر أن يصور بها المشاهد الافتتاحية من الفيلم الذائع الصيت، قبل أن يشد الرحال إلى مدينة الصويرة ذات المآثر البرتغالية، لتصوير المشاهد الأخرى. وقد نال ويلز الجائزة الكبرى لمهرجان كان السينمائي عن هذا الفيلم. وتعد المسقاة البرتغالية، إحدى أهم المعالم الأثرية في الحي البرتغالي بالجديدة، حيث تبهر زائريها بروعة تصميمها وجمال مبانيها. وكانت حاضرة في أعمال العديد من المؤرخين فيقول عنها المؤرخ الشهير بيدرو دياش «لا يسعنا إلا التوقف عند هذه المعلمة المعمارية الفذة المتمثلة في صهريج مازيغن» السقالة. لربما لم يكن بناء هذا الصهريج جزءا من الخطط التي صاغها المعماريون، غير أن جوو دي كاستيليو أقدم على بنائها مُستغلا الفضاء الذي كان يضم موقع السلاح من القلعة المانويلية القديمة». ويمتد الصهريج الذي يسمى اليوم بـ»السقالة» أو المسقاة البرتغالية «على فضاء مربع ضلعه 36 مترا، وهو مبني بالحجر وبه خمسة وعشرون عمادا تقوم عليها أقواس بعقد كامل تسند القبو الوسطي ولا تتوفر إلا على فتحة واحدة في وسطها، وكان الماء ولم يزل يصل إلى داخل الصهريج عبر قنوات في باطن الأرض تجلبه من العيون ومن المطر عبر تلك الفتحة العليا. شهرة المسقاة ويرى بيدرو دياش المؤرخ التخصص في المآثر العمرانية البرتغالية أن «جواو دي كاستيليو» أظهر ببنائه هذه المعلمة أنه معماري فذ قادر على إنجاز تحفة عظيمة لا مجال للنيل من كمال صنعها الفنّي، فالأسلوب البسيط الذي سبق أن اعتمده في بعض أجزاء دير «مسيح كومار» يجمع بين رقة الفنان المرهفة ومعرفة المعماري المتقنة. ويشير إلى أن تلك الزخارف الفياضة بالحياة من الطراز الموروث عن عصر النهضة لا تشوبها شائبة، ولا تنم الخطوط ولا انسجام الأشكال عن أية حيرة أو اضطراب. وسجل غونصالو كوتينيو إعجابه بهذه التحفة الفنية التي انتهى العمل في تشييدها قبل 1548م، مشيرا إلى قول حاكم مازاغان «في تقرير كتبه سنة 1629: «إنه لو كان هذا الصهريج قد بني في بلد أجنبي لسارت بذكره الركبان ولأصبح حديث المجالس والبلدان، ولما قلّت شهرته عن مسلات روما وحمامات ديوقلييانوس. إنه كما يؤكد «كوتينيو» مرة أخرى، هبة «مازيغن» كالنيل بالنسبة إلى مصر. القلعة البرتغالية وتضم مدينة الجديدة الهادئة التي تُعتبر مَتحفا مفتوحا على عبق الماضي، إلى جانب، المسقاة البرتغالية، العديد من المعالم الأخرى ومنها القلعة البرتغالية، والبنايات الجميلة التي صممها كبار المهندسين الفرنسيين، أي خلال فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب. وتضم مدينة الجديدة، بنايات تعتبر روائع فنية معمارية تُزاوج بين الطابع الكلاسيكي الفرنسي العريق وبين الطابع المغربي الأندلسي الأصيل، كما خلف البرتغال في المغرب قلعة «مازاغان»، والتي أصبحت تستقطب الأعداد الغفيرة من السياح من مختلف بقاع العالم. تجد فيها معالم أثرية تنقلك إلى أزمنة غابرة لم يعد لها من وجود إلا في الروايات والأفلام السينمائية الخالدة، وبنايات جميلة بطابعها الكلاسيكي الكولونيالي، إضافة إلى مساجد ومآذن، كنائس برتغالية ومعابد إسبانية تُجسّد التسامح الذي كان يسود بين الديانات والأعراق في عهود مضت. يتوافد السياح، منذ الساعات الأولى من صباح كل يوم على القلعة البرتغالية، حيث الهدوء يلف المكان، ويمنح السائح لحظة صفاء مع ذاته، ويشعر من خلالها أنه أعاد عقارب الزمن إلى الوراء، بدءا من أسوار القلعة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الـ 15 الميلادي ثم تبهره الحصون «المانويلية (نسبة إلى الملك ايمانويل الأول)، وبقية معالم القلعة التي التي برع معماريون كبار في تشييدها منهم: جواوا كوتينو» الذي صمم، تُحفا معمارية في عدد من الدول من بينها البرتغال، البرازيل، غينيا. كادر / مع موضوع المسقاة البرتغالية عمارة الأبراج تختلف عمارة الأبراج داخل أسوار القلعة البرتغالية في مدينة الجديدة ، بحسب المؤرخ بيدرو دياش، من واحد إلى آخر، كما أن تصميمها غير منتظم خلافاً لتنظيرات المعماريين العسكريين في عصر النهضة، ذلك أن تصميم هذه الأبراج يتكامل والوظائف التي تضطلع بها هنا، وينسجم أيضاً ونوع التربة التي شيدت عليها والتي تختلف من مكان لآخر، وقد اندثر أصغر الأبراج الذي يحمي باب البر ، وكان مدخله من الزاوية. أما البرج الجنوبي، (الروح القدس) فمتعدد الأضلاع وله أكتاف غير متناظرة، بينما نجد البرج القائم جهة الغرب، مشيداً على هيئة البرج الجنوبي، غير أن حجمه أكبر، وفي المقابل، نلاحظ أن البرج الشمالي لا يخضع لتصميم مضبوط، فهو لا يتوافر سوى على كتف واحدة «. وبين برج «ساو سبستياو» وبرج الملك صير السور أكثر اتساعاً، لأنه يمثل السجف الأكثر تعرضاً للماء، ويكتسي البرج المسمى حالياً برج الملك أهمية بالغة، لأنه يحمي الباب الواقع جهة البحر، حيث ترسو في حالة المد السفن ذات الغاطس المتوسط. وهذا البرج يسمح رغم تصميمه غير الدقيق بالقصف في مختلف الاتجاهات سواء أكان الخصم قادماً من جهة البر شرقاً أم من ناحية البحر شمالا، أو حتى إن كان الخصم قد وصل إلى المدخل قريباً من السياج الحديدي الضخم الذي لا يزال إلى اليوم ويسمى «باب البحر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©