إعداد - مصطفى عبدالعظيم:
من شأن السياسات الحكومية التي تشجع المنافسة والابتكار، القيام بدور كبير في مساعدة البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية في إنشاء شبكات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفي توسيعها حيث تحفز هذه الشبكات بدورها النمو الاقتصادي وتساعد الأعمال التجارية المحلية على المنافسة دولياً، ويؤكد التقرير الذي صدر حديثا عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ''اونكتاد'' أن السياسات المقيدة للمنافسة من شأنها أن تحد من دخول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتؤدي إلى ارتفاع التكاليف، والإبطاء في اعتماد أحدث التكنولوجيات وأكثرها فعالية·
ويوضح التقرير أن 44 بالمئة من البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية لا يوجد لديها خطط وطنية لتعزيز مجتمع المعلومات فيها، وان كانت نسبة 20 بالمئة بصدد وضع هذه الخطط، مشيراً إلى أن قلة من البلدان التي لها هذه الخطط ترى بدقة مدى فعاليتها·· ودعا التقرير البلدان النامية لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتمكين الشركات العالمية من استخدام تطبيقات النطاق العريض في قطاع الاتصالات، مشيرا الى أن استعمال الهاتف الخليوي لايزال يتزايد تزايداً سريعاً في العالم النامي، لكن استعمال الإنترنت في الأعمال التجارية لا يزال نادراً، مما يجعل شركات البلدان النامية في وضع تنافسي ليس في صالحها إزاء الأعمال التجارية في البلدان الصناعية·
ووفقاً لما جاء في تقرير اقتصاد المعلومات لعام ،2006 فإن النطاق العريض أصبح الآن عنصراً حيوياً في الأعمال التجارية وصار يوفر ميزات تنافسية مما يجعل من الممكن حالياً مقارنته بمرافق مثل مرفق المياه والكهرباء، وهذا خبر يثير قلق البلدان النامية حيث يندر الوصول إلى النطاق العريض وحيث تنعدم في أحيان كثيرة العوامل الأساسية المطلوبة لإتاحة هذا النطاق بكلفة معقولة، ويشير التقرير إلى وجود فوارق كبيرة بين البلدان المتقدمة حيث يتزايد استعمال النطاق الواسع تزايداً سريعاً وبين البلدان النامية حيث لا تزال تسود الاتصالات بالشبكة عن طريق الهاتف، وهذا إذا وجدت أي اتصالات اطلاقاِ·
وفي البلدان الغنية، زاد عدد المشتركين في النطاق العريض حيث قاربت نسبة الزيادة هذه 15 بالمئة في النصف الثاني من عام 2005 فبلغ عدد المشتركين 158 مليون مشترك، وزادت نسبة ارتباط الأعمال التجارية بالنطاق العريض أبرز زيادة، فقد زادت في الاتحاد الأوروبي مثلاً من 53 بالمئة من المشاريع في عام 2004 إلى 63 بالمئة منها في عام ،2005 والنطاق العريض يمكن الشركات من المشاركة في مزيد من العمليات التجارية الإلكترونية المتقدمة ومن تقديم مجموعة أوسع من المنتجات والخدمات عن طريق الانترنت مما يوفر أعظم المنافع من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات· واستخدام النطاق العريض يزيد القدرة التنافسية والانتاجية زيادة مباشرة، وهذا بدوره يؤثر في نمو الاقتصاد الكلي·
وبحسب التقديرات فإنه يمكن للنطاق العريض أن يساهم بمئات بلايين الدولارات في السنة في الناتج المحلي الاجمالي للبلدان المتقدمة في السنوات القليلة القادمة، ويعزى نمو النطاق العريض في معظمه إلى المنافسة وتدني الأسعار، لكنه يعتمد أيضاً على الهياكل الأساسية المتاحة، ويشير التقرير إلى قلة الحوافز لدى العديد من البلدان النامية لتوسيع هياكلها الأساسية المتعلقة بالنطاق العريض خارج المناطق الحضرية، وذلك لغياب وفورات الحجم·
ويقول التقرير إن للحكومات دوراً مهماً تؤديه في تحسين الوصول إلى النطاق العريض عن طريق الهياكل الأساسية والسياسة العامة لذلك، بالسياسة العامة يمكن أن تشجع أو تثبط المنافسة، وبذلك يكون لها أثر في إتاحة النطاق العريض وفي أسعاره، ومن الصعب تقدير مدى إتاحة النطاق العريض في البلدان النامية، فلم يقدم بيانات بشأن هذا الموضوع إلا 71 دولة من أصل 151 دولة·
وذكرت 48 دولة من الدول الـ 71 تلك أن معدلات دخول النطاق العريض إليها تقل عن 1 بالمئة، وفي تلك المجموعة يوجد أكثر من نصف المشتركين في النطاق العريض في الصين، ومع ذلك فإن معدل دخول النطاق العريض في الصين لم يبلغ إلا 2,9 بالمئة·
وسجلت آسيا أعلى نسب الدخول بين البلدان النامية التي تقدم بيانات بشأن هذا الموضوع، وكانت جمهورية كوريا في المقدمة إذ سجلت نسبة 25,5 بالمئة، ورغم أنه تكاد لا توجد بيانات عن قيمة المبيعات عن طريق الانترنت في البلدان النامية، يبدو أن التجارة الإلكترونية تمثل نسبة مئوية ضئيلة للغاية من إجمالي مبيعات الشركات المحلية في تلك البلدان·
ولا يكاد يكون هناك وجود لأنشطة تجارية أخرى بالوسائل الإلكترونية مثل استخدام الشبكة الخاصة في الاتصالات الخارجية، والحكومة الإلكترونية، والتعلم الإلكتروني، والعمل عن بُعد، ومع ذلك تظهر بعض البلدان النامية معدل استخدام مرتفع للأعمال المصرفية الإلكترونية كما في البرازيل (استخدم 75 بالمئة من المؤسسات الانترنت في الاعمال المصرفية في عام 2005) والمغرب (34,9 بالمئة)·
ولاتزال التجارة الإلكترونية تنمو نمواً سريعاً في البلدان المتقدمة، وفي عام 2004 سجلت الأعمال التجارية الإلكترونية بين المؤسسات التجارية أعلى نسبة لها (بلغت 93 بالمئة من اجمالي التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة مثلاً)، وبلغ متوسط معدلات النمو في السنوات الأخيرة 6 بالمئة في الصناعة التحويلية و10 بالمئة في تجارة الجملة·
ومازالت الهواتف المنقولة تعتبر تكنولوجيا (تناسب) البلدان الفقيرة، وهذه الهواتف هي الشكل الوحيد من أشكال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي تجاوزت فيه البلدان النامية البلدان المتقدمة من حيث عدد مستخدمي هذه الهواتف (1,2 مليار مقابل 800 مليون)، ورغم ذلك فإن معدلات الدخول في البلدان النامية لاتزال ادنى منها في البلدان المتقدمة، وفي بعض الدول الصناعية يتجاوز معدل الدخول نسبة 100 بالمئة، ويقل عن 10 بالمئة في عشرات البلدان النامية·
وبوجه عام، يمكن أن يساهم الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها في زيادة الانتاجية في البلدان المتقدمة وفي البلدان النامية، رغم أن البلدان التي بلغت فعلاً عتبة معينة في استيعاب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم في مجال هذه التكنولوجيا هي على ما يبدو المستفيدة الكبرى من التكنولوجيات الجديدة، ومعظم البحوث المتعلقة بأثر تكنولوجيات المعلومات والاتصالات على مستوى المؤسسة تكشف عن وجود نتائج ايجابية في الأداء وزيادة في الحصة من السوق، لاسيما إذا استكملت بتغييرات تنظيمية واتقاء بمستوى المهارات، وبالابتكار·
عدد اليوم
