السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلطة فنية تمزج بين تطريز الورق والرسم بالأحجار

خلطة فنية تمزج بين تطريز الورق والرسم بالأحجار
17 سبتمبر 2012
(أبوظبي) ليست كل الفنون متداولة، مع أنها على اختلاف أشكالها وألوانها تلقى دائماً التقدير والإعجاب، لا سيما الأنواع النادرة منها، وبينها فن الـ”كويلينج” الذي يمزج ما بين الحياكة بالورق والرسم بالأحجام بتفان يجذب العين، حتى إن الناظر إلى هذا النوع من القطع الفنية يخال في البداية أنها أعمال تطريزية، علماً بأن الخيط والإبرة لا يدخلان في نسجها. وتتحدث عايدة عبدالسلام طه، الموهوبة بإبداعات الـ “كويلينج”عن عشقها للأشغال اليدوية منذ كانت طفـلة بجــدائل، وتورد أنها تعمل حالياً على فكرة تنظيم معرضها الأول بهدف أن يعود ريعه لصالح الأعمال الخيرية. الخيوط الأولى تقول عايدة طه: “إنها في كل مرة كانت تمر بالقرب من صــانع أدوات القش بالقرب من بيتها، تشــعر بفضـــول كبير يدفعهــا للتعـرف إلى تقنيات عمــله، وظــلت على هذه الحال إلى أن وعدها والدها بإرســالها إليه حتى يعلمها كيفية حياكة القــش بطريقة فنية، ولكنه مع الأسف قد أقفل محله فجأة وشعرت عندها برغبة مضاعفة لصناعة القطع الفنية، وكأن الأمر ترك بداخلها تحديات دفينة”. وتذكر عايدة التي تملك حالياً عشرات الأعمال الفنية التي صنعتها بمجهود خاص، وهي أم لـ 3 أبناء، أنها لم تدرس أكاديمياً أياً من علوم الفنون، وإنما لطالما اتكلت على موهبتها في تعلم مبادئ الرسم والتطريز من خلال الكتب والمراجع التطبيقية، وتذكر أن دراستها الجامعية كانت في علوم النفس واللغة الانجليزية، غير أنها لم تعمــل في مجال اختصاصها، وقد جذبتها الأشـــغال اليدوية وتجــميع اللوحات الفنية على اختلاف أنواعها، منذ كان أبناؤها صغاراً، وبعد دخولهم إلى الجامعات تفرغت كلياً لابتكار أفكار جديدة ودخول مجالات أوسع في الرسم والتطبيق. وتشرح عايدة أن فن الـ”كويلينج” وهو غير رائج كثيراً في العالم العربي، فهو يستحوذ اهتمام نخبة متذوقي الفنون في أوروبا وأميركا، وقد اطلعت على خيوطه الأولى عندما كانت تعيش في كندا برفقة أسرتها، وعندها اشترت كل الأدوات اللازمة لتحضير اللوحات المصنوعة من التطريز بالورق، وبدأت تقرأ التعاليم وتحاول بموهبتها أن تستفيد من الأساسيات وتضيف إليها شيئاً من إحساسها وذوقها. متفانية الدقة وتذكر عايدة عبدالسلام الحائزة جائزة وزارة التربية والتعليم في الأردن منذ كانت طالبة صغيرة، أنها تحاول تنفيذ أي قطعة فنية تعجبها بغض النظر عن التقنيات المطلوبة. وتشرح أنه مع حبها للرسم على الحرير، غير أن تفرغها حالياً هو لفن الـ”كويلينج”. والذي يمكن تلخيصه عبر تشكيل لفافات الورق الكرتوني الملون بحسب الرغبة، وتطويره على الهيئة الفنية المراد تنفيذها، ومن ثم لصق بعضه ببعضه الآخر حتى تكتمل الصورة. وتوضح عايدة أن الـ”كويلينج” يحتاج إلى درجة عالية من التركيز، لأن العمل فيه يقوم على التفاصيل الصغيرة ومتفانية الدقة، وهذا ما يجعل الخطأ فيه غير مسموح، لأن أي انحراف عن تقنية الحياكة الخاصة به، يتطلب معاودة العمل بالكامل من الصفر. والـ”كويلينج” على حرفيته، هو من أبرز الأشغال اليدوية التي تستمتع عايدة بأدائها، وتقدم منه عدا عن اللوحات الضخمة، مجموعة من العرائس الصغيرة التي لا يتعدى قياسها طول إصبع اليد. وبمجرد الاطلاع على التفاصيل المتفانية الدقة في صناعة هذه الدمى، ومقارنتها مع تقنية تنفيذها، يمكن للشخص تقييم حجم الإبداع الفني الذي يتطلبه كل عمل. نور الشمس بعض اللوحات الكبيرة التي تنجزها عايدة والتي تبدو من بعيد كأنها منسوخة بالألوان أو مطرزة بالخيوط القطنية، تتطلب أكثر من 5 أشهر من العمل المتواصل. وتقول إن أشغال الـ”كولينج” تقاس بالجهد المبذول لصناعتها، وليس بالقيمة المادية للأدوات المصنوعة منها. وتشرح أن الأمر لا يتعلق بسعر اللفافات الكرتونية، ولا بأدوات الحياكة أو القص واللصق، وما شابه، وإنما بحجم التركيز الذي يتطلبه كل جزء من اللوحة وتنسيقه بالمقاس مع بقية الأجزاء حتى تكتمل الصورة، والتي قد تكون من محض الخيال وغير منقولة عن أي صورة في كتاب. وتذكر عايدة التي تخصص غرفة في بيتها للأشغال اليدوية، أنها تفضل العمل في الصباح الباكر، حيث نور الشمس. وتؤكد أن عملها يعشق تنسيق الألوان التي لا يمكن التأكد من انسجامها مع بعضها البعض إلا من خلال الضوء الطبيعي. وتشير عايدة إلى أنه مع توافر المعدات القاطعة لتسهيل العمل، غير أنها تفضل اعتماد الأسلوب التقليدي في فنها، وهذا برأيها يساعدها أكثر على الوصول إلى أفضل النتائج التي لا ترضى بوجود أي عيب فيها. طريق النجاح وتتحدث الفنانة الموهوبة عايدة طه أنها فخورة بالمستوى الاحترافي الذي وصلت إليه، والذي انطلق من مجرد كونه هواية، وتقول إنها لم تفكر من قبل في تجهيز معرض لبيع أعمالها، لكنها اليوم تفكر جدياً بالتعاون مع إحدى المؤسسات الخيرية، وطموحها حالياً أن يأتي من يقدر فنها ويدفع فيه ما تتكفل الجمعيات الإنسانية بتحويله إلى الجهات المحتاجة. وتشجع عايدة كل من لديه موهبة صغيرة بأن يعمل على تطويرها، لأن النجاح يبدأ بخطوة ويحتاج إلى دعم نفسي بالدرجة الأولى. وتقول إنها ما كانت لتنجح إلا لأنها تحدت نفسها وبدأت تنفيذ الأشغال اليدوية الصعبة، والتي من بعدها كانت تشعر بسهولة أداء أي عمل فني آخر. وتذكر الفنانة أن لوحاتها وعرائسها ومجموعة الورود الورقية التي تصنعها، علمتها الإخلاص في العمل. وتلفت إلى أن فن الـ”كويلينج” تحديداً، يحتاج إلى الكثير من الصبر وطول البال، وهو مع الوقت يتحول إلى وسيلة لتفريغ العصبية وضغوط الحياة بين يدي الفنان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©