الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل لاعب كرة القدم قدوة حسنة؟

هل لاعب كرة القدم قدوة حسنة؟
21 سبتمبر 2015 02:16
تحقيق: منير رحومة رغم ثورة الانتقال من الهواية إلى الاحتراف التي تعيشها كرتنا، وما حققته من تطورات فنية وتنظيمية كبيرة، من خلال الارتقاء بتنظيم المسابقات والبطولات، وزيادة الاهتمام الإعلامي والجماهيري باللعبة، وكسب ثقة الرعاة والمعلنين، بالإضافة إلى تحسن الوضع المادي للاعبين، من خلال تضاعف رواتبهم مرات كثيرة، بفضل العقود الجديدة، إلا أن العنصر الأساسي الذي تقوم عليه اللعبة وهو اللاعب، لم ينجح بعد في تغيير صورته، وبقيت الملامح الطاغية عن سلوكياته إلى الآن سلبية، ومحل جدل كبير. وفي الوقت الذي يفترض فيه أن يكون اللاعب الحلقة الأولى في استيعاب الفكر الاحترافي لإنجاح التجربة، من خلال الانضباط والالتزام داخل الملاعب وخارجها، وتقديم صورة إيجابية للجماهير، فإن سلوكيات الممارسين للعبة لا تزال بعيدة عن الاحتراف، بسبب ما التصق بهم من خروج عن النص، أو إخلال بالأخلاق الرياضية، بالإضافة إلى ممارسة العنف والتصرف غير الرياضي داخل المستطيل الأخضر. أما خارج الملاعب، فإن الصورة أكثر سلبية، خاصة في زمن الملايين والعقود الخيالية، لأن عدم الانضباط والتسيب والسهر والتدخين، أبرز السلوكيات التي ارتبطت باللاعب، ولا تزال تلاحقه، على الرغم من صرامة لوائح الاحتراف. ولتناول سلوكيات اللاعبين ورصد صداها في مجتمعنا، حرصنا على أن ننطلق من استفتاء جماهيري مفتوح طرحنا من خلاله سؤال: «هل لاعب كرة القدم قدوة حسنة؟ و«الإجابة بنعم أو لا»، ولأن صورة لاعب كرة القدم لا تزال سلبية، جاءت نتيجة الاستفتاء الذي شارك فيه 100 شخصية، سلبية أيضاً وذلك بتسجيل 82% من الأصوات «لا»، مقابل 18% فقط «نعم»، وأجمع أغلب المشاركين أن نجومية اللاعبين الموهوبين الذين يتصدرون صفحات الجرائد، ويظهرون باستمرار عبر شاشات التليفزيون، لا يمكن أن يكونوا قدوة حسنة للأطفال، لمجرد أنهم حققوا شهرة واسعة في ملاعب كرة القدم، حيث لم تشفع الموهبة وحدها لهؤلاء النجوم في نيل ثقة الأولياء، حتى يعتبروها مثالا يحتذى به داخل المجتمع، خاصة بالنسبة للأطفال الذين يعتبرون كرة القدم هوايتهم الأولى. وننطلق في تحقيقنا من استعراض ملامح الصورة التي ترتسم لدى الوسط الرياضي، من خلال آراء نخبة من الشخصيات التي تمثل أطراف اللعبة، على أن يتم فيما بعد، التعرف على ردود فعل اللاعبين حول الاتهامات التي توجه إلى سلوكياتهم، ومن ثم أيضاً دور الجهات المسؤولة عن كرة القدم والمنظمات المجتمعية التي لها علاقة بهذا المجال لتصحيح المفاهيم وتغيير الصورة. سعيد عبد الغفار: الموهبة وحدها لا تشفع للاعب بأن يكون قدوة دبي (الاتحاد) وافق سعيد عبد الغفار نائب رئيس اتحاد الكرة سابقاً على النتيجة السلبية التي أفرزها الاستفتاء الجماهيري، بأن لاعب كرة القدم قدوة غير حسنة في المجتمع، مؤكداً أن أغلبية اللاعبين، بمن فيهم نجوم اللعبة لم يظهروا أي سلوكيات تعكس خصائل القدوة الذي يمكن أن يكون نموذجاً للأطفال للسير والنسج على منواله. وأضاف «أن قلة قليلة من اللاعبين كسبوا احترام الجماهير، بمبادراتهم الإيجابية وتعاملهم الإنساني، وأن أغلب لاعبينا يهتمون بالأمور الشكلية، والتفاخر بسياراتهم الفارهة، وقصات الشعر والرقصات في الملاعب، وشغل أنفسهم بأمور جانبية، قادت البعض منهم إلى ما لا يحمد عقباه، من سلوكيات خطيرة يعاقب عليها القانون. وشدد على أن الأموال الكثيرة التي يتقاضاها اللاعب جراء انتفاخ عقود الاحتراف، كان لها انعكاس سلبي على اللاعبين، خاصة أن أغلب عقود الاحتراف توقع في سن الـ 18 عاماً، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الأموال الكثيرة، والتي تأتي فجأة تؤثر في سلوك اللاعبين، وربما تقوده إلى عالم خطير، في حالة عدم وجود إحاطة أسرية أو إدارية قوية، توجه نحو الطريق الصحيح. واعترف أيضاً بأن واقع اللعبة اليوم يجعل الكثير من الأولياء يشجعون أبناءهم على ممارسة الكرة، رغبة في حصد الأموال، وليس في سبيل أن يكونوا لاعبين قدوة، وأصحاب أخلاق عالية، وسلوكيات إيجابية. وكشف عبد الغفار عن أن بعض السلوكيات التي يقوم بها عدد من نجوم كرة القدم، تؤكد أنهم مثال غير حسن في المجتمع، مشيراً إلى أنه التقى خمسة لاعبين في أحد المراكز التجارية، وهم يركنون سياراتهم مقابل 500 درهم لكل سيارة، رغبة في التباهي والتفاخر، في صورة سلبية تعكس خطورة أموال الاحتراف على أخلاق اللاعبين. ماجد العويس: بعض اللاعبين أقوى من الأندية !! العين (الاتحاد) أكد ماجد العويس هداف ومدير فريق العين الأسبق، أن اللاعبين فوجئوا بحصولهم على ملايين الدراهم والدولارات، ما أصابهم بالصدمة، وهي مبالغ لم يحلموا بها قبل تطبيق الاحتراف الذي يرى أنهم بدأوه على كبر!. وقال «التربية السليمة تبدأ من داخل الأسرة والأندية تكمل المهمة، أي أن المسؤولية مشتركة، ولكن للأسف نجد أن الكثير من الأندية، إن لم يكن جميعها، تتغاضى عن تطبيق اللوائح على اللاعبين غير المنضبطين، لأن الإدارات تركز فقط على النتائج، ما جعل اللوائح مجرد «ديكور» للنظام المتبع». وأضاف «أقولها صراحة، إن بعض اللاعبين أقوى من الأندية، وإن بعض الأندية أقوى من اتحاد الكرة، ومن لجنة دوري المحترفين، ولا شك أنه يوجد لاعبون محترمون ومنحدرون من أسر كريمة ومحافظة، تشرف على أبنائها وتتابعهم في حركاتهم وسكونهم، ولابد أن يحرص الآباء على متابعة أبنائهم، وكذلك يجب على المسؤولين في مدارس الكرة الوقوف على سلوكيات اللاعبين وإخطار أسرهم بأي سلوكيات يرونها بعيدة عن الأخلاق الرياضية». وقال «الاحتراف لابد أن يبدأ من مدارس الكرة وتثقيف اللاعبين الصغار، والحرص على دخولهم إلى عالمه في عمر لا يزيد على 16 عاماً، كما أن على مدرسي التربية الرياضية دورا مهما في تخصيص يوم لإلقاء المحاضرات التثقيفية على اللاعبين الصغار من الطلاب خلال حصص الرياضة». ما يحدث حوَّل «الاحتراف» إلى «انحراف» الخضر: «ملعقة الذهب» وراء الانفعالات السلوكية الشارقة (الاتحاد) أكد المستشار علي الخضر رئيس المكتب التنفيذي السابق بنادي الشعب والقانوني المعروف أن بعض لاعبينا بحاجة إلى أخصائيين نفسيين بسبب سلوكياتهم الناتجة عن تصرفاتهم غير المسؤولة، مشيرا إلى أن ما يحدث حالياً جعل الاحتراف يتحول لدى البعض إلى «انحراف»، مما أفرغ الاحتراف من مفهومه الذي ننشده جميعاً. وقال: «حان الوقت لتعيين أخصائي نفسي في كل نادٍ لدراسة تصرفات بعض اللاعبين، حتى لا تصل مرحلة متقدمة لتصبح صورة بعض اللاعبين مقلوبة، والتي يتأثر بها جيل جديد من اللاعبين الناشئين، وأن بعض اللاعبين ليسوا قدوة للصغار، في ظل انفعالاتهم السلوكية والنفسية، والتي لعبت دوراً كبيراً فيما حدث في بعض القضايا التي شهدتها الساحة الرياضية، خلال الفترة الماضية، مما كان له الانعكاس السلبي على مردود بعض اللاعبين، والتي تمثل علامة استفهام كبيرة في وسطنا الرياضة، وأثارت العديد من التساؤلات، في ظل هذه التصرفات غير المسؤولة من البعض». وأشار المستشار الخضر إلى أن وضع الأندية «ملعقة ذهب» في فم اللاعب يكون لها انعكاساتها السلبية ليصبح مدللاً، وكأنه اللاعب المتميز الوحيد بين زملائه، وأن غياب ثقافة الاحتراف وراء ما يحدث لبعض اللاعبين. وقال: «إن الحال وصل في بعض الأندية تقبيل اللاعب على رأسه، حينما يغيب عن التدريبات، من أجل العودة إلى «المستطيل الأخضر»، دون تطبيق مبدأي الثواب والعقاب، ليصبح اللاعب أكبر الخاسرين، في ظل الفوضى التي يحدثها والتصرفات غير المسؤولة التي تبدر منه، وأن اللاعب صاحب التصرفات غير المسؤولة يرى في نفسه أنه أكبر من النادي الذي يلعب فيه، مما يجعله يتصرف بهذه التصرفات التي تهز صورته في الوسط الرياضي». يرى أن الفردان وعبدالسلام جمعة مثال حي للقدوة الحسنة العواني: «فقاعة الاحتراف» في طريقها إلى «الانفجار» أبوظبي (الاتحاد) ربط عارف العواني أمين عام مجلس أبوظبي الرياضي، رؤيته الموسعة لقضية سلوكيات لاعبي كرة القدم، بنظام الاحتراف الذي اعتبره أفسد اللاعبين إلى درجة غير مقبولة، في الوقت الذي كان يتوقع منه، أن يزيد من انضباط اللاعبين في حياتهم المهنية، وكذلك في حياتهم الاجتماعية، من خلال احترام العادات والتقاليد والأعراف. وأضاف: «المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي يرى الكثير من التصرفات السلبية للاعبين مشهورين، بعضها يتجاوز وبشكل كبير حادثة فيديو اللاعب الذي قام بتوجيه إهانات صريحة واضحة إلى المدير الفني للمنتخب الوطني، وأن بعض النجوم لا يلتزمون بالأخلاقيات المهنية وتقاليد المجتمع، وهم المفترض بهم أن يكونوا قدوة للأجيال القادمة، وللشباب بشكل عام، لكن تراهم أبعد ما يكونون عن ذلك. وقال العواني: «علينا مراجعة أنفسنا في آليات تطبيق نظام الاحتراف، والظاهر أن هذه «فقاعة الاحتراف» في طريقها نحو الانفجار، لأنه يستند على المال وحده فقط، بعيداً عن الأخلاقيات المهنية المفترض أن يتمتع بها بالدرجة الأولى». وأشار إلى أن اللاعبين أصبح همهم المال فقط، وهو الذي إن وضع بيد صغار السن، فإنهم بالتالي يسيئون استغلاله، وهذا عائد إلى ضعف رقابة الأسر كذلك، والتي ليست بمنأى عن النقد أيضاً، لأن الطمع طغى عليها وجعلها تتجاوز دورها في رعاية الأخلاق وتعزيزها. ويرى العواني أن أحد أهم أسباب عدم وجود الاحتراف الخارجي، المبالغة في حجم الأموال التي تدفعها الأندية للاعبين، وبشكل غير منطقي، وبعض الأندية تتجاوز المبالغ التي تدفعها، مقابل التوقيع مع النجوم المحليين بعقود اللاعبين الأجانب، بداعي أن السوق شحيح باللاعبين، ومن هنا فإن قيامها برفع أسعار اللاعبين أسهم في أفساد بشكل كبير، الأمر الذي تسبب بالإضرار بسمعة اللعبة. وقال الأمين العام لمجلس أبوظبي الرياضي: «إن أغلب اللاعبين الذين كانوا عماد المنتخب الأولمبي الذي شاركوا بدورة الألعاب الأولمبية وكأس العالم للشباب خدعوا الجميع، وهنا أدعو المهتمين إلى مراجعة التصريحات التي أدلى بها هؤلاء اللاعبون آنذاك فمعظمهم كان يؤكد أن طموحهم هو خوض تجربة الاحتراف الخارجي، لأنه سوف يسهم في رفع مستوياتهم الفنية، مما ينعكس وبشكل إيجابي على التمثيل الخارجي الإماراتي، لكنهم خدعوا المجتمع الرياضي الإماراتي، بعدما دفعهم طمعهم إلى خوض مفاوضات جشعة مع الأندية المحلية ليظلوا في الدوري المحلي، مقابل مبالغ فلكية، في حين أن قلة من الأندية ساعدت على تنامي جشع اللاعبين ومديري أعمالهم الأكثر طمعاً، عندما وافقت على رفع أسعار اللاعبين وبشكل مطرد». وعرج العواني على تجربة نجوم كرة القدم اليابانية، إذ يبلغ تعداد النجوم اليابانيين المحترفين في الخارج ما يقرب من 250 لاعباً أبرزهم النجم الشهير كاجاوا الذي رفض البقاء في الدوري الياباني مقابل مبلغ مالي كبير، ليتوجه إلى الاحتراف في أوروبا مقابل عائد مالي متواضع في البداية، قبل أن يرتفع سعره بعد مضي أربع سنوات ليصبح أغلى لاعب في القارة الآسيوية على الإطلاق، وهذا الأمر بحسبه يدل على نضج اللاعبين اليابانيين وانتمائهم للعبة وليس للمادة بالدرجة الأولى. ورغم الصورة القاتمة التي قدمها العواني عن سلوكيات اللاعبين، وبالأخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه أكد في الوقت نفسه على وجود بعض الحالات الرائعة من التواصل الخلاق ما بين النجوم والمجتمع ضارباً مثالاً حياً على ذلك باللاعبين حبيب الفردان وعبدالسلام جمعة، حيث اعتبرهما مثالاً يحتذى به من الجميع. نجوم أوروبيون أساؤوا لصورة الموهوبين دبي (الاتحاد) في ملاعب العالم، على الرغم من أن التجربة الاحترافية أكثر تطوراً، فإن صورة اللاعب لا تبدو ناصعة البياض إلى الآن، لأن سلوكيات العديد من نجوم اللعبة قادتهم إلى قضايا وفضائح كبيرة تعزز مخاوف الجماهير من أن يكون لاعب الكرة قدوة للأطفال والأجيال الصاعدة. ورغم نجومية وشهرة الإنجليزي بول جاسكوين الذي أبدع مع توتنهام، ولاتسيو بداية التسعينيات، وشارك مع منتخب إنجلترا بالمونديال وأمم أوروبا، إلا أنه وقع في أسر الكحوليات التي تسببت في إنهاء مسيرته الكروية، ليستمر بعدها في الإدمان. وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، فوجئ الملايين من عشاق الكرة الإنجليزية بالتقارير والصور التي نشرتها صحيفة «الصن»، والتي ظهر خلالها جاسكوين، وهو ملقى على الرصيف فاقداً الوعي، بسبب احتساء الكحوليات بكميات كبيرة، لمدة 3 أسابيع متواصلة في مشهد لا يرتقي إلى أن يكون قدوة حسنة للأطفال، رغم نجوميته وموهبته. وما يثير الدهشة أن غالبية النجوم الذين وقعوا في قبضة الانحرافات السلوكية يتمتعون بموهبة كروية لافتة، ولكنهم أهدروا تلك الموهبة بسبب العقلية الباحثة عن «حياة الليل» والمخدرات والكحوليات، ومن بين هؤلاء النجوم البرازيلي أدريانو الذي أبعده الإنتر عن صفوفه عام 2007 بسبب السهر وعدم الانضباط، وبعد أن استعاد بريقه في فترة الإعارة مع ساو باولو عاد للفريق الإيطالي، ولكنه لم يتخلص من سلوكياته المشينة لينتهي به المطاف معاراً ومتنقلاً بين أكثر من نادٍ، وفي غالبية تجاربه يتم إبعاده بسبب السهر، وإدمان «علب الليل»، إلى أن تم اتهامه بالتورط في تجارة المخدرات. «شطحات» بالوتيللي دبي (الاتحاد) رغم امتلاكه موهبة حقيقية، قال عنها روبرتو مانشيني، «إنها لا تقل عن موهبة ليونيل ميسي»، إلا أن الإيطالي ماريو بالوتيللي، أهدر هذه الموهبة تحت طائلة السلوكيات الغريبة التي لا تعرف الانضباط، فهو الذي أحرق منزله في مدينة مانشستر في تصرف صبياني، وهو الذي شوهد يدخن أكثر من مرة، كما اعتاد على السهر، مما دفع خبراء الكرة الإنجليزية وصحافتها، إلى وصف صفقته بالأكثر فشلاً في تاريخ «الريدز»، ووضع ناديه جديد ميلان «شروطاً وضوابط أخلاقية» في العقد، وهي واقعة نادرة في عقود اللاعبين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©