الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«القربان» تبحر في أعماق النفس لتكسر الخوف

«القربان» تبحر في أعماق النفس لتكسر الخوف
24 سبتمبر 2013 00:29
السيد حسن (كلباء)- افتتحت مساء أمس الأول الدورة الثانية لمهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، التي تنظمها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة بالمركز الثقافي بمدينة كلباء، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وشهد حفل الافتتاح الشيخ سعيد بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب صاحب السمو حاكم الشارقة في مدينة خورفكان، وعبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وأحمد بو رحيمة مدير المهرجان، وجمع كبير من المسرحيين والمثقفين والمهتمين بالمسرح. وقال عبدالله العويس في كلمته الافتتاحية للمهرجان «يتجدد اللقاء بكم في الدورة الثانية للمهرجان، هذا الوليد الجديد الذي ولد عملاقاً، وواصل العطاء والتميز في دورته الثانية، ليقدم للساحة المسرحية مبدعين مسرحيين واعدين لرفد الحركة المسرحية، منهم من رسخ أقدامه في عالم المسرح، ومنهم من وجد الدورة الثانية فرصة سانحة لتقديم نفسه. واستطرد العويس قائلاً «إن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة في سبيل سعيها الدائم إلى إيجاد مناخات إبداعية ملائمة تلمست الحاجة الماسة إلى إيجاد فضاء إبداعي يحتضن هؤلاء المبدعين، وعليه عمدت الدائرة إلى أن يكون هذا المهرجان فرصة ووسيلة مواتية لكل من لديه الرغبة، ويرى في نفسه القدرة ليخوض تجربة إخراجية وإبداعية يقول من خلالها كلمته، ويقدم نفسه عبر بوابة هذا المهرجان الجديد دون قيد أو شرط. وكرم الشيخ سعيد بن صقر القاسمي خلال الحفل الفنان المخضرم حسن مصطفى الحمادي تقديراً لما قدمه وبذله من جهود مسرحية مبدعة في مرحلة مبكرة في تاريخ المسرح الإماراتي. واستهل مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة في دورته الثانية عروضه المسرحية بعرض «القربان» من تأليف السوري أحمد إسماعيل وإخراج سعيد الهرش، وأداء ناصر الظنحاني، وعلي الظاهري، وفهد خميس، ومحمد جمعة علي، وجاسم الكياني، ومحمد مسعود، ومحمد الهرش. وفي عرض «القربان» بدا المخرج سعيد الهرش كما لو كان صاحب تجربة مسرحية ممتدة لسنوات طويلة، بالرغم من أن القربان يعد مشاركته الثانية كمخرج في عالم المسرح، وقد عزا نقاد في الندوة التطبيقية التي تلت العرض هذا الثراء الإخراجي وتنوعات الرؤية الفنية لدى الهرش لمشاركاته العديدة في الورش الفنية المختصة. وفكرة العرض تبحر في أعماق النفس العربية التي تخلق لنفسها تمثالاً لتخشاه على مدار الساعة، وقد تصل معه إلى حد التأليه والعبادة، ما يدفع هذا الإنسان العربي إلى تقديم الهبات والقرابين لهذا التمثال الشبح القابع في أخيلتنا ونفوسنا المريضة. عرض «القربان» تجربة لكسر حاجز الخوف بين كل إنسان وتمثاله، دعوة لوقف النذور والقرابين لتماثيل لا تسمن ولا تغني من جوع، إنها دعوة للتحرر من ظلم الحكام المستبدين والطغاة أينما كانوا وحلوا على البسيطة. ويضع العرض متلقيه أمام الكثير من التساؤلات التي قد تبدو دفينة في الذات البشرية، وكأنها في هامش الشعور لتقفز دفعة واحدة إلى بؤرته لتجد نفسها أمام واقع جديد، وشخوص جدد، يهيمون عشقاً وولهاً بهذا التمثال الأسطوري والأبدي في النفس البشرية، دون أن يحاولوا كسر هذا التمثال والتوقف عن تقديم القرابين له. النص جاء معبراً عن الفكرة الرئيسية، وقد تخطى كثيراً مجرد فكرة تمثال ما لسلطان أو ملك أو أمير أو رئيس، لأن التماثيل لا تصنع فقط لهؤلاء، وإنما قد نصنع لأنفسنا تماثيل من الخوف والرهبة والحب والخداع لأرباب العمل أو لزوجاتنا أو لأب أو أم أو أي إنسان آخر. وقد شاب النص تمثيلاً على خشبة المسرح بعض الأخطاء اللغوية التي جاءت مرفوعة بينما هي مكسورة، وما إلى ذلك من الأخطاء التي ربما تعود إلى حداثة عهد الممثلين بالتجربة المسرحية، وعلاقاتهم باللغة العربية الفصحى التي نادراً ما تقدم على خشبة المسرح. وأتاح عرض «القربان» بكل تفاصيله تجربة غنية للفنان محمد جمعة علي الذي جسد دور «جودي» لإظهار مواهبه الفنية الغضة، والتي تبشر بمولد فنان إماراتي من الطراز الفريد، وهذا هو الهدف الأسمى للمهرجان، بينما لم تنجح الإضاءة كثيراً في التركيز على ملامح الفرح والحزن التي بدت على وجه جودي في معظم فترة العرض، وهو الأمر الذي بدا للبعض أن العرض مجرد خطابة وأصوات مرتفعة هنا وهناك، وقد يكون هذا غير صحيح في حالة نجاح المخرج في توظيف الإضاءة أفضل من ذلك. وكان الفضاء المسرحي في معظم الوقت بسيطاً جداً، وقد يوصف من قبل البعض بأنه فقير لم نشاهد فيه ما يدعم العرض بشكل أكثر إيحاء، بل كان ثمة أشياء ليس لوجودها أي معنى أو توظيف حقيقي على الخشبة، مثل انبعاث الدخان من الزاوية اليمنى للمسرح طيلة وقت العرض دون مبرر فني حقيقي، وإن كانت الموسيقي المصاحبة للعرض متوافقة مع لحظات الحزن، وأوقات الشجن المكتظ به العرض. وفي الندوة التطبيقية التي تلت العرض أثنى النقاد على تجربة سعيد الهرش الإخراجية وعلى أداء الممثلين على خشبة المسرح باعتبار أن هذا النوع من المسرح هو تعليمي أكثر منه احترافي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©