الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسات أميركا الشرق أوسطية... لا تغيير مع أوباما أو رومني!

سياسات أميركا الشرق أوسطية... لا تغيير مع أوباما أو رومني!
17 سبتمبر 2012
آرون ديفيد ميلر مستشار سابق لوزارة الخارجية الأميركية في شؤون الشرق الأوسط تحولت الحملة الانتخابية الرئاسية التي كانت تركز على المواضيع الاقتصادية الداخلية في المقام الأول إلى السياسية الخارجية بعد مقتل السفير الأميركي في ليبيا يوم الثلاثاء الماضي واندلاع احتجاجات معادية للولايات المتحدة من مصر إلى اليمن. فقد رد كلا المرشحين الرئاسيين على ذلك، وأنتجت الاختلافات بينهما نقاشات حول أيهما سيكون أقوى على الساحة العالمية: هل كان أوباما قوياً بما يكفي؟ وهل قام رومني بـ"إطلاق النار أولاً ثم التصويب لاحقاً"، مثلما قال أوباما عندما انتقد الحزب الجمهوري رد الإدارة الحالية؟ ثم بماذا تخبرنا هذه الاختلافات حول من يمكن أن يكون الأفضل في توجيه سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهي منطقة يبدو أننا غير قادرين على حل مشاكلها وغير قادرين على تركها؟ الواقع أنه رغم أننا قد نرغب في تحليل هذه اللحظة من أجل فهم ظروف وحيثيات اتخاذ البيت الأبيض للقرارات، فإن ذلك لا يكشف لنا عن الكثير من الحقيقة. ذلك أنه بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات نوفمبر، فإن المقاييس الأساسية للمقاربة الأميركية تجاه الشرق الأوسط من غير المرجح أن تتغير. صحيح أننا قد نُجر إلى أوضاع ذات عواقب لا يمكن التنبؤ بها(من قبيل حرب مع إيران)، لكن يمكن القول إن أيام المخططات الأميركية الكبيرة والشاملة للحرب والسلام قد ولت عموماً. قد يكون أكثر من يسهر على فرض حالة الوضع الراهن هو أوباما نفسه. ففي البداية، تحدث الرئيس كثيراً عن مقاربة أميركية مختلفة، داعياً إلى تجميد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومقترحاً علاقة جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي في خطاب يونيو 2009 بالقاهرة. لكنه ما لبث أن أصبح الرئيس الذي عرفناه منذ ذلك الوقت، مفاوضاً يعقد الصفقات ويشبه بوش الابن من نواح عدة: فهو صارم بشأن الإرهاب، وقام بـ"الزيادة" في أفغانستان، وغير مستعد أو غير قادر على دفع الإسرائيليين نحو عملية السلام في نهاية المطاف. وإذا كنت تنتظر خطوات خلاقة ودراماتيكية من ولاية ثانية لأوباما أو إدارة رومني -مخططات سلام كبيرة، وصفقات كبرى وما شابه- فانس الأمر، لأن حظوظك ستكون أوفر في لاس فيجاس. وفي ما يلي الأسباب: 1 - قصة الحب مع إسرائيل ستستمر: صحيح أن علاقة أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو متوترة، لكن العلاقة الأميركية الإسرائيلية بشكل عام قوية ولن تزداد إلا قوة. وهذا سيكون مؤكداً أكثر في حال فوز رومني بالرئاسة. ذلك أن العلاقة بين الجانبين تجاوزت السياسة الديمقراطية والجمهورية وباتت تسمو فوقهما. فالتقاء قيم مشتركة، وجالية قوية موالية لإسرائيل، والدعم أو الإذعان للعلاقة الخاصة بين الجمهور الأميركي غير اليهودي وغير الإنجيلي الأوسع، والتعاون الاستراتيجي المؤسس مع الإسرائيليين... كلها عوامل أنتجت علاقة يصعب كسرها. هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يكون ثمة توتر أو أنه لن يكون، حول عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية مثلاً. بل يعني أنه حول موضوعي الحرب والسلام الأكبر، لن يكون لدى الرؤساء الأميركيين خيار غير الحصول على موافقة إسرائيل. وإذا كانت واشنطن قد تسعى إلى ممارسة ضغط على إسرائيل في بعض الأوقات، فإن الوسائل الرئيسية لذلك ستكون هي الإقناع وإغراء الإسرائيليين بكل أنواع المساعدات والمزايا. أما الأطراف الأخرى في هذه المسائل والقضايا -الفلسطينيون مثلاً- فليس لديهم أي شيء يقارب ما يملكه الإسرائيليون من نفوذ وتأثير. وكذلك كان واقع الحال خلال الجزء الأعظم من الأربعين عاماً الأخيرة، وليس ثمة مؤشر على أن الكثير سيتغير. والواقع أنه من المثير للضحك سماع اتهامات رومني التي تقول إن أوباما قد تخلى عن إسرائيل؛ لأن الرئيس الذي أمضى ولايته الأولى مصمماً على إنهاء حربين قد يصبح منخرطاً في حرب أخرى ضد ملالي إيران في ولاية ثانية، ما يُظهر مرة أخرى كيف جعلت واشنطن من أجندة إسرائيل أجندتها. صحيح أن لدى الولايات المتحدة مصلحة كبيرة في التحقق من أن إيران لا تملك رؤوساً نووية؛ إلا أنه ما كانت لتكون ثمة هذه العجلة والإلحاح والخوف لولا قيام إسرائيل مرة كل يوم ومرتين أيام الأحد بالإشارة إلى أنها ستستعمل القوة العسكرية للتعاطي مع إيران. وبالتالي، يمكن القول إنه لم تعد هناك إمكانية طلاق أميركي- إسرائيلي، وإنما هناك فقط علاقة مستمرة، سعيدة أحياناً ومضطربة أحياناً أخرى. 2 - العلاقة المضطربة مع العرب: إن جزءاً من الأسباب التي تجعل الأميركيين منجذبين إلى إسرائيل هو أن جيران إسرائيل يتصرفون على نحو أكثر سوءاً. فرغم سوء السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، فإن العرب بلغوا مستوى خاصاً من سوء التصرف، قولاً وفعلاً. ففي سوريا، يقتل نظام الأسد ويعذب شعبه بكل وحشية. وفي لبنان، يواصل "حزب الله" التصرف على نحو سلطوي وغير ديمقراطي، وقد انحاز صراحة إلى صف سوريا وإيران في وقت يهدد فيه إسرائيل بالقذائف. وفي غزة، تواصل "حماس" إطلاق البروباجندا المعادية للسامية، على غرار ما تفعله السلطة الفلسطينية. أما في مصر، فإن الرئيس محمد مرسي، وإن كان يؤكد على احترام الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل، فإنه يمثل حركة إسلامية لديها رسالة معادية لإسرائيل وللسامية ومجحفة في حق النساء والمسيحيين. كل هذا يؤكد فكرة أن القيم الأميركية هي أقرب بكثير من قيم إسرائيل، وأن العرب ليسوا مستعدين بعد ليُمنحوا أوقات ذروة المتابعة في واشنطن. والحق أنه عندما كان الملك الأردني حسين، والرئيس المصري أنور السادات، بل وحتى الرئيس المصري حسني مبارك في السلطة، كانت لديهم على الأقل فرصـة للتأثير في الرأي العام الأميركي أو ممارسة ضغط على إسرائيل. أما اليوم، فإن الزعماء العرب إما لا يهتمون برأي أميركا كثيراً أو أنهم منشغلون بإلقاء الخطابات الرنانة المعادية للولايات المتحدة على جماهيرهم. غير أنهم بهذه الطريقة لا يكسبون أصدقاء ولا يؤثرون على الأميركيين حتى يتفهموا قضاياهم، ناهيك عن أن يتعاطفوا معها. والواقع أن سلوك الحكومات العربية الجديدة، وسلوك حكومات مازالت في حالة أزمة مثل الحكومة السورية، قد يثبت أنه أكثر تقييداً لأوباما أو رومني من أفعال الحكومات القديمة. ويكفي هنا النظر إلى المظاهرات العنيفة ضد السفارات الأميركية. وإذا كان "الربيع العربي" قد يؤدي إلى تحسن في الحكامة على المدى الطويل، فلا تتوقعوا من أوباما (وبالتأكيد ليس رومني) أن يقوم بإلقاء أي خطابات جديدة على غرار خطاب القاهرة. إن الأشخاص الذين هاجموا القنصلية الأميركية في بنغازي والسفارات الأميركية في القاهرة وصنعاء وعواصم عربية أخرى، حققوا بعض أهدافهم؛ قتل سفير أميركي رائع وثلاثة أميركيين شجعان آخرين، وتذكير الولايات المتحدة بضعفها والإشارة إلى أن ثمة ثمناً ينبغي دفعه لعدم إظهار الاحترام للإسلام. غير أنه إذا كان المهاجمون وأنصارهم ورعاتهم يأملون أن يسرِّع ذلك حدوث نوع من التغيير الكبير في سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة، فإن أملهم سيخيب، لأن الأمر سيتطلب أكثر بكثير من حتى هذه الأزمة لإعادة توجيه مقاربة أميركا تجاه هذا الجزء من العالم. إن التحركات الكبيرة في سياسة أميركا تجاه الشرق الأوسط (مثل الاتفاقيات العربية الإسرائيلية الثلاث في العامين اللذين أعقبا حرب 1973، والتفاوض حول اتفاقية سلام مصرية إسرائيلية؛ وخوض حرب قصيرة وناجحة لإخراج صدام حسين من الكويت في 1991) ليست نادرة فحسب ولكنها تتطلب الفرصة والإرادة والمهارة والشجاعة، إضافة إلى زعامة حقيقية في المنطقة. والحال أنها كلها أمور تبدو غير متوافرة هذه الأيام، بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات نوفمبر. وعليه، فعززوا الدفاعات والمتاريس وشددوا الإجراءات الأمنية حول السفارات، لأننا مقبلون على أوقات عصيبة في منطقة تسير نحو إنتاج مشاكل لا نهاية لها لمن سيجلس في المكتب البيضاوي، سواء أكان أوباما أم رومني. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©