السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاجات محدودة في باكستان

17 سبتمبر 2012
ماهفيش أحمد إسلام أباد - باكستان شجبت حكومة باكستان وساستها من مختلف درجات الطيف السياسي، فيلم "براءة المسلمين" المثير للجدل والمسيء للإسلام، الذي انتشر خبره انتشار النار في الهشيم، وأشعل شرارة احتجاجات غاضبة في أنحاء مختلفة من باكستان وغيرها من مدن العالم الإسلامي. ومررت الجمعية الوطنية (البرلمان) الباكستانية قراراً أمس أدانت فيه بالإجماع الفيلم المذكور الذي جرى إعداده في الولايات المتحدة، كما أصدرت وزارة الخارجية بياناً قالت فيه إن حكومة باكستان "تدين بقوة عرض الفيلم الذي أساء إلى شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بما ترمز إليه من قداسة وما تحظى به من توقير وإجلال لدى المسلمين". كما أمرت السلطات الباكستانية المختصة هيئة الاتصالات الباكستانية بإغلاق كافة الوصلات للفيلم المذكور، لكن بعض تلك الوصلات ظلت تعمل على الرغم من ذلك. ورغم انطلاق الاحتجاجات في عدة مدن باكستانية، فإن المتظاهرين أحجموا عن اقتحام السفارة الأميركية في إسلام آباد والقنصليات الأميركية في غيرها من المدن الباكستانية. وقد لعبت مصلحة المؤسسة الأمنية الباكستانية في الاحتفاظ بعلاقات ودية مع الولايات المتحدة، والإدانات السياسية المبكرة التي صدرت من جهات مختلفة في باكستان تنديداً بالفيلم المذكور، دوراً رئيسياً في الحيلولة دون خروج الاحتجاجات عن نطاق السيطرة كما يحدث في العديد من الحالات المشابهة التي تتضمن إساءة إلى الإسلام ورسوله. "الأحزاب الإسلامية اليمينية معروفة بصلاتها العميقة بالمؤسسة الأمنية. فحتى فترة قريبة، لم تكن العلاقات القائمة تسمح لنا حتى بالتحدث مع الولايات المتحدة، لكن تلك العلاقات عادت إلى طبيعتها في نهاية المطاف. ومن المعروف أن المؤسسة الأمنية في باكستان لها دور كبير في التأثير على مظاهرات الشوارع، وهم في الوقت الراهن ليسوا راغبين في تكدير صفو العلاقة مع واشنطن..."، كما يقول "محمد ضياء الدين" المحرر التنفيذي لصحيفة "إكسبريس تربيون" الباكستانية. ومن المعروف أن العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان قد مرت بمرحلة وعرة، وشهدت العديد من التوترات منذ بدايات عام 2011 وتحديداً منذ أن قام "ريموند ديفسز"، المتعهد الأميركي المتخفي وعميل الاستخبارات المركزية الأميركية الذي كان موجوداً في باكستان تحت ستار العمل كموظف تقني في السفارة الأميركية، بقتل اثنين من راكبي الدراجات البخارية الباكستانيين في وضح النهار عند إحدى إشارات المرور. ومما فاقم من توتر العلاقات بين الدولتين، أن الولايات المتحدة قامت عقب ذلك الحادث بتنفيذ عملية "سيل" التي قامت بها إحدى وحدات البحرية الخاصة تمكنت خلالها من قتل زعيم تنظيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، في مدينة أبوتاباد الواقعة في شمال باكستان، كما نفذت هجوماً آخر كبيراً عبر الحدود بواسطة قوات "إيساف" في أفغانستان، أدى إلى مصرع 24 جندياً باكستانياً عند أحد نقاط التفتيش. وأدى هذا الحادث إلى إغلاق طرق إمداد "الناتو" لعدة أشهر وهو ما دفع المشرعين الأميركيين إلى التهديد بتجميد المعونة الأميركية لباكستان أو قطعها إذا لم تتم إعادة فتح تلك الطرق مرة أخرى. وإعادة فتح طرق الإمداد، وإعادة تفعيل الحوار مع الولايات المتحدة، جعلا المؤسسة الأمنية الباكستانية أشد حرصاً على عدم تأجيج المشاعر المناوئة للولايات المتحدة مرة أخرى تجنباً لحدوث المزيد من التوترات في العلاقة بين الدولتين. وقد كان بإمكان الأحزاب الإسلامية، وبسهولة تامة، إثارة المزيد من الغضب ضد الفيلم المسيء، كما يقول "ضياء الدين"، بيد أن هذا لم يحدث. فعلى الرغم من أن الإدانات الصادرة عن أعضاء النخبة السياسية قد لعبت دوراً ما، إلا أن مصلحة المؤسسة الأمنية في الحفاظ على علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة، ربما تكون قد لعبت دوراً أكثر أهمية من ذلك. ويشار في هذا الصدد إلى أن واحداً من أكبر الائتلافات في باكستان، وهو ذلك المعروف باسم "مجلس الدفاع عن باكستان"، الذي يضم 36 حزباً إسلامياً، ومعظمها واجهات لجماعات مسلحة محظورة، ينظر إليه باعتباره حليفاً يقيم علاقات عميقة وغامضة مع الاستخبارات الباكستانية. وبحسب ضياء الدين، فإنه يعتقد أن الائتلاف المذكور قد تلقى" التدريب، والسلاح، والإمدادات"، من المؤسسة الأمنية الباكستانية التي ترغب في جعله يعمل في مواجهة الحركات التي تتبنى توجهات أكثر ميلاً للمصالحة نحو الولايات المتحدة والهند. وقد لوحظ أن "مجلس الدفاع عن باكستان" لم ينظم أي احتجاجات على الفيلم المذكور، على الرغم من أنه كان منتظراً منه بحكم توجهاته الإسلامية المتطرفة أن يكون أول من يقوم بذلك. وحسب "معظم حسين" المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، فإن السلطات الباكستانية لا تنوي التخطيط لاتخاذ المزيد من الإجراءات فيما يتعلق بالفيلم المسيء للرسول، على الرغم من النداءات العديدة الصادرة من جانب بعض الأحزاب الإسلامية بضرورة قيام السلطات الباكستانية بإصدار الأوامر لسفير الولايات المتحدة بمغادرة باكستان. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان صادر عنها إنها تنظر إلى الفيلم المذكور باعتباره محاولة متعمدة لإثارة الصراع بين الولايات المتحدة وباكستان. وجاء في البيان أن "هذه الأعمال الشنيعة التي جاءت بالتزامن مع ذكرى حادث لا يقل بشاعة هو الحادي عشر من سبتمبر، قد أدت إلى تغذية الكراهية والشقاق والعداوة داخل المجتمعات وبين المؤمنين بالأديان المختلفة". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©