الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رعب «إيبولا».. هل تجاوز الغرب الأفريقي؟

14 أكتوبر 2014 00:24
ألكسيس أوكيو محللة نيجيرية متخصصة في الشؤون الأفريقية قبل بضعة أسابيع، كنت في رحلة جوية من مدينة «أطلانطا» في الولايات المتحدة، إلى مطار «مورتالا محمد الدولي» في العاصمة النيجيرية لاجوس. وكان كل ما يتعلق بهذه الرحلة الطويلة يسير بطريقة روتينية إلى أن رأيت إحدى مرافقات الرحلة التي ترتدي قناع الوجه الواقي، وقد لملمت شعرها الأشقر، وراحت تقترب بحذر شديد من امرأة عجوز تجلس ورائي على بعد سبعة صفوف من المقاعد. وفيما كنا نستعد للهبوط من الطائرة بعد وصولها، أخبرتنا المرافقات الجويات بأن المغادرة ستتأخر قليلاً لأن المرأة مريضة. وبدأت الأقاويل والإشاعات تنتشر بين المسافرين. قال أحدهم: ربما يكون هذا داء «إيبولا»، ألا تعتقدون ذلك؟ وقال آخر: ربما تكون الطائرة قد ذهبت إلى الوجهة الخاطئة. وأما الرجل الذي كان يجلس بجواري، والذي أخبرني بأن «إيبولا» ليس على درجة عالية من الخطورة في نيجيريا، فقد بدأ يتساءل بينه وبين نفسه بقلق شديد عما إذا كان قد مشى بجانب المقعد الذي تجلس فيه تلك المرأة أو أن يكون قد لمس شيئاً مما تحمله معها. وتساءل ثالث عما إذا كان يتوجب عليه أن يذهب الآن إلى المحجر الصحي. وسرعان ما دخل شخصان يرتديان الملابس البيضاء الواقية إلى الطائرة واقتربا من المرأة وتفحصاها. وكانت المفاجأة السارّة عندما قيل لنا بعد دقائق قليلة أنه بات في وسعنا مغادرة الطائرة. ولقد انضمت نيجيريا مؤخراً إلى سلسلة دول غرب أفريقيا التي انتشر فيها «إيبولا»، وهي تمتد باتجاه الجنوب حتى حدود جمهورية الكونجو الديمقراطية. ووفقاً لما تقوله منظمة الصحة العالمية، فإن الفيروس قتل أكثر من 3 آلاف شخص وانتقلت عدواه إلى أكثر من 7 آلاف آخرين. وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت المنظمة بأن الوباء قد يتحول إلى مرض مستوطن في غرب أفريقيا. ومع كل هذا الذي حدث، وبعد أن جلب أميركي من أصل ليبيري العدوى بالفيروس من منروفيا إلى لاجوس، عملت السلطات النيجيرية كل ما في وسعها لتخفيض عدد حالات الإصابة إلى الحد الأدنى الممكن. وهذا الأسبوع، أعلنت مراكز السيطرة على المرض والوقاية منه بأن نيجيريا يمكن اعتبارها الآن شبه خالية من «إيبولا». وهذا التصريح لم يغير شيئاً من طريقة تفكير سكان لاجوس بضرورة التمسك بالحقيقة القائمة من أننا جميعاً على حافة الخطر، وبأننا تعودنا على إدراك حجم المخاطرة الكامنة في اتصالنا بالأقوام والشعوب الأخرى إن كانت تلك التي تعيش بيننا أو التي تقع على حدودنا. ومن لاجوس وفريتاون وسيراليون وليبيريا، بدأت الغالبية العظمى من الناس بالتعوّد على التعايش مع الأوضاع الجديدة التي أفرزها المرض وبعض التغيرات التي طرأت على نمط الحياة. وأصبح معظم الناس الذين أعرفهم يحملون المناديل المعقمة للأيدي ويقومون بتطهير أياديهم عدة مرات يومياً. وباتوا يعرفون أن بالإمكان استخدام ماء الكلور (الكلورين) لقتل الفيروس. وقبل أن يُسمح لهم بدخول المباني العمومية، فإنهم يدخلون أولاً إلى غرف المراقبة والفحص بإشراف حراس الأمن الخاص المسلحين بما يُسمى «المسدسات الحرارية»، التي تقيس درجة حرارة الجسم عن بعد. وفي إحدى رحلاتنا الأخيرة إلى نادٍ ليلي، صوّب رجل أمن مسدسه الحراري باتجاه رأسي ثم قال لي بأن في وسعي أن «أدخل». ولقد كان من الضروري أن نلتقط بأيدينا مناديل التطهير عند دخولنا من أجل التأكد أكثير من أننا لن نساهم في تناقل الوباء. وفي مدينة مثل لاجوس فاق عدد سكانها 21 مليوناً، نحن لا نحاول أن نلمس بعضنا بعضاً إلا في القليل النادر. ويمكن لشعور ضئيل بالشك أن يؤدي إلى قلق كبير. وبعد عدة أيام من قلة النوم، شعرت ببعض الإعياء الخفيف. وبالرغم من عدم احتمال إصابتي بالفيروس فلقد تملكني الشك في الأمر. وبالرغم من كل هذه الإجراءات الوقائية الصارمة، ما زلنا نقيم الأعراس والاحتفالات ونجتمع في الأحزان بنفس الروح الجماعية التي نتقاسم فيها مباهج الحياة وآلامها. ويتابع الأميركيون والأوروبيون هذه الأزمة من بعيد من دون أن يشعروا بما نحس به. وبالنسبة للكثير منهم، لا يمثل الأفارقة إلا أكثر بقليل من مجرّد «أوعية من الأمراض» التي يجب أن يتجنبوها، وأن يعطفوا عليها. وأعربت وسائل إعلامية أميركية عن تخوفها الشديد من أن يقوم إرهابي أفريقي بحقن نفسه بفيروس إيبولا ثم يسافر ليقوم بنشره في الدول التي يزورها. ومؤخراً، حملت الأنباء خبر اكتشاف أول إصابة بمرض «إيبولا» في مدينة «دالاس» الأميركية والتي عززت الإحساس بأن «إيبولا» لا يمثل مشكلة أفريقية فقط. وخلال الأسبوع الماضي، طرت إلى لندن لقضاء بضعة أيام، ثم عدت إلى أديس أبابا ثم إثيوبيا وعبرت معظم القارة التي تعاني من مشكلة «إيبولا». وبعد قضاء ساعات في صفوف المسافرين ضمن قسم الهجرة في أحد المطارات، حصلت على تأشيرة الترانزيت بعد أن اتجه نحوي اثنان من الموظفين، يحمل كل منهما «مسدسه الحراري»، ووجه أحدهما مسدسه نحو رأسي. وبعد لحظات قليلة، ظهر العبوس على وجهه وقال لي إنني أعاني من ارتفاع في درجة الحرارة. وتملكني شعور بالذعر، وقلت له: «لقد بقيت في صف الانتظار لمدة ساعتين مع حشد كبير من الناس ضمن غرفة مغلقة». وسألني عما إذا كنت أتقيأ. فقلت له بأنني لم أفعل، ثم تركوني وشأني. وعلى أي حال، ليست هذه هي المرة الأولى التي أواجه فيها الحقيقة التي تفيد بأن وباء «إيبولا» أصبح جزءاً دائماً من حياتنا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©