الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحلم السنغافوري

14 أكتوبر 2014 00:27
الكثير من المؤسسات والدول العربية تطلق مبادرات ومشاريع، ولكن للأسف مشاريعها للاستهلاك المحلي، لأن النية لم تكن صادقة، ولم تكن جادة منذ البداية، أو تم توكيلها لمن صوره وكلامه في الصحف أكثر من فعله، وكم سمعنا عن مبادرات لتطوير حكومات ومدن ذكية حول العالم، ولكن لا حس ولا خبر، إلا أنني أحترم طموح سنغافورة التي تعمل على أن تكون أول أمة ذكية، مستخدمة أحدث التقنيات في جميع أنحاء سنغافورة وفي شتى القطاعات. ولتحقيق هدف الوصول إلى أول دولة ذكية، جرى تأسيس هيئة تنمية تقنية المعلومات والاتصالات السنغافورية (لدينا في الخليج أمثلة على هذه المؤسسة، ولكنها للأسف مجرد شكل في بعض الأماكن) وتشرف الهيئة السنغافورية على تطبيق التقنيات المتناغمة في شتى الوزارات والهيئات الحكومية، بالإضافة إلى إشراك القطاعين العام والخاص في عملية التنمية التقنية لسنغافورة (ونحن لدينا هيئات تتنافس على نفس التخصص، وياليتها تعمل شي فقط قرقعة بدون طحن). ومن أجل نجاح هذا المشروع، أدركت الهيئة السنغافورية حاجتها لتفعيل ثلاثة مستويات أساسية للتحول إلى أول دولة ذكية؛ هي البنية التحتية، وجمع البيانات وتحليلها، بالإضافة إلى ذلك تحتاج هذه العملية خلق وعي وتثقيف للشعب وترغيبهم بالتقنية، الأمر الذي استطاعت تحقيقه من خلال تدريب الأطفال على بناء الروبوتات والأجهزة الإلكترونية البسيطة في سن مبكرة، وبأسلوب ممتع كمنهاج دراسي (قول هذا الكلام لبعض مدرسينا الأجانب في مدارسنا)، وذلك ليكبروا وبداخلهم شغف نحو التقنية، الأمر الذي سيترجم على شكل دخول أعداد كبيرة منهم في هذا القطاع. وأطلقت الهيئة كذلك مبادرات لتوفير كومبيوترات شخصية للعائلات المحتاجة بسعر يقل عن 136 دولاراً (ونحن بعض جامعاتنا تطلب 5 و7 آلاف درهم على الجهاز الواحد لكل طالب أو طالبة)، مع الاستثمار في تعليم المعاقين أسس استخدام التقنية ليستفيدوا من التطورات التقنية الكبيرة التي تشهدها سنغافورة. وفي الوقت نفسه، تستثمر الهيئة في الشركات الناشئة ورواد الأعمال التقنيين، وربطهم بزبائن محليين ودوليين وتعريفهم بالحاضنات المختلفة، وذلك لتسريع النمو التقني المحلي. ومن العوامل المحفزة التي تركز عليها الهيئة السنغافورية، توفير البنية التحتية بأسعار متكافئة لجميع الشركات الكبيرة والصغيرة التي ترغب في استخدامها في قطاع التجارة (تعال أقنع شركات الاتصالات لدينا بذلك)، الأمر الذي نجم عنه منافسة عادلة بين جميع الشركات، ورفع مستوى الخدمات المقدمة بينها لمصلحة المستخدم العادي (مثل توفير حزمة بيانات بسرعات معينة لقاء مبلغ واحد، وبغض النظر عن حجم الشركة أو فئتها)، مع تدقيقها المستمر وتقييمها لأسعار خدمات البيانات التي تقدمها تلك الشركات للمستخدمين، ونحن للأسف أسعار خدمات الاتصالات تعتبر الأغلى في المنطقة. ولدى 87 في المائة من سكان سنغافورة كمبيوتر شخصي في منازلهم، والنسبة نفسها متصلة بإنترنت عريض النطاق، بينما يستطيع 97 في المائة من سكان البلد الذين لديهم أطفال يرتادون المدارس استخدام كمبيوتر شخصي. واستطاعت الدولة تحقيق هذا الأمر بتخصيص ثمانية ملايين دولار لصندوق دعم تطوير التقنية واستخدام الإنترنت الذي استهدف ستة آلاف عائلة، ووحدت الهيئة كذلك من الإشعارات والرسائل الحكومية الواردة للسكان لتصلهم إلى صندوق بريد إلكتروني موحد لجميع الدوائر الرسمية. وعلى الصعيد المحلي، قامت الكثير من الحكومات في الشرق الأوسط بمحاولة تطوير جداول أعمالها الوطنية للتركز على تعزيز استخدام تقنية المعلومات والاتصالات في تحديث هيكليات الحوكمة (ولكن القول غير الفعل)، بينما تركز رؤية الإمارات لعام 2030 على تعزيز دور تقنية المعلومات والاتصالات في القطاع الحكومي وقطاع التعليم (مشروع مدارس الغد.. شو أخباره)، والحكومة تنظر إلى قطاع تقنية المعلومات والاتصالات بصفته أداة «تمكينية» لتحقيق النمو في المستقبل (ولكن هل تعرف الحكومة أنه لايزال لدينا بعض العقليات ترفض فكرة إرسال مسبار للمريخ .. فكيف نتوقع من هذه العقليات أن تحمل طموح دولتنا في العبور للفضاء... والهند التي تعد أحد أفقر الدول وتعداد سكانها يتجاوز ملياراً و300 مليون نسمة أوصلت مسبارها للمريخ بـ 75 مليون دولار بس، وهناك ناس تشتري بيتاً بهذا المبلغ) لو استكان صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، خلال الأزمة الاقتصادية العالمية لكلام المثبطين لما خرجت دولتنا أكثر قوة ومناعة، ولو سمع صاحب السمو نائب رئيس الدولة للموهونين لما أصبحت الإمارات مضرب مثل للآخرين، ولكن أقول مثلما قال الأولون (لا يغرك الشاهين في صفوة الريش... طير الحبارى يريش العين جرناس) وفهمكم كفاية. خليفة الرميثي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©