الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حسن المطروشي: أنا بحّار قروي لا أتصالح كثيراً مع المدن

حسن المطروشي: أنا بحّار قروي لا أتصالح كثيراً مع المدن
14 أكتوبر 2014 00:27
رضاب نهار (أبوظبي) يفتش الشاعر والمترجم العماني حسن المطروشي عن كلمات قصائده في كل الأمكنة، فأي مكان هنا وهناك، قد يوحي إليه بالشعر. لذا لا تحده مسافات البلد، وتراه ممتداً إلى ما لا نهاية، يختار من العبارات ما يعكس روحه وفكره، تاركاً للقارئ حرية التفسير والتأويل، رغبةً منه بعدم التدخل ما بين المفردة والمتلقي، فهو شاعر خفيف الظل، يختار ما يليق به. وعلى الرغم من معاركه الكثيرة مع الشعر، حيث صدر له إلى جانب الترجمات والدراسات خمس مجموعات شعرية، منها «وحيداً كقبر أبي»، «على السفح إياه»، «لديّ ما أنسى». وحصل على عدة جوائز محلياً وعربياً، أهمها جائزة أفضل شاعر عربي في مسابقة «المبدعون» دبي 1999، أفضل شاعر عماني للعام 2008، المركز الثاني في الشعر ضمن جائزة راشد بن حميد في دولة الإمارات. يصرّ المطروشي على كونه غير مشهور أبداً. وقال: «لا أشعر أن أحدا يعرفني، حتى ابن جيراننا! لقد كان وهم الشهرة والذيوع يهيمن علينا في مرحلة ما. وأتذكر أنني حينما نشرت لي جريدة «عمان» أول مقال في صفحة «بريد القراء» توهمت بأنني أصبحت حديث الشارع في بلادي، وشعرت بأن عمان بأسرها في ذلك اليوم لا حديث لها سوى مقالتي العظيمة!».. علاقته مع مسقط، جميلة ومشرقة. رسمها فاتنة في قصائده كقصيدته «شروق»، وهو يراها ويعيشها على هذه الحال. إلا أن ثمة إشكالية بينه وبين المدينة، شرحها لنا بقوله: «أنا بحّار قروي لا أتصالح كثيراً مع المدن والصخب والضجيج، ولكنه قدرنا الحتمي أن تبتلعنا المدن في دواماتها دون إرادة. ولمسقط في مخيلتي صورة هلامية اختزنتها ذاكرتي منذ الطفولة، حيث كان والدي، رحمه الله، يذهب إلى هناك لتجديد جواز سفره الذي كان يضم أسماءنا جميعا بمن فيهم والدتي رحمها الله. وكنا ننتظر عودة والدي بعد عدة أيام محملا بالحلوى و»القشاط» المسقطي والقصص عن المدينة الساحرة». أما عن العلاقة التي تربطه بدولة الإمارات، الشعرية والإنسانية، إذ نال الجوائز على أرضها وانتشرت كلماته بين أبنائها. فتحدث قائلاً: «علاقتي بالشعر الإماراتي عميقة جدا عمق الجذور الضاربة التي تجمع بين الشعبين العماني والإماراتي. وقبل أن أتعرف على المشهد الحديث في الثقافة الإماراتية كنت على تماس كبير مع الشعر الشعبي الإماراتي القديم لكوني من سكان ولاية «شناص» الشمالية المتاخمة لدولة الإمارات. وقد كانت القصائد الإماراتية القديمة تصلنا عبر الأغاني آنذاك بصوت علي بن روغة وجابر جاسم، فكانت تتردد على مسامعنا الكثير من الأسماء لشعراء حفروا أسماءهم في ذاكرتنا مثل «سعيد الهاملي» و»الشراري» و»محمد المطروشي» و»ربيع بن ياقوت» و»بن طناف» وغيرهم الكثير. أما الآن وقد توسعت المدارك والمعارف وانفتحت الفضاءات أمام تدفق المعلومات وتعمق التبادل الثقافي والتواصل الشخصي مع المشهد الثقافي فقد تعزز هذا التواصل بشكل كبير، وتربطني علاقات أخوة وصداقة حميمية مع الكثير من شعراء وشاعرات الإمارات». تظل العلاقة مع الكلمات هي العلاقة الأهم في حياة الشاعر، فهل تخونه الكلمات مثلما تخون أيا منا في لحظات النطق والكتابة؟ أم أن الحال بالنسبة له مختلف تماماً؟ الشيء الذي تطرق إليه بكل شفافية، فقال: «ثمة كلمات تخونني كما أن ثمة كلمات أخونها مع سبق الإصرار والتعسف، لأن واقعي العربي والاجتماعي لا يتسع لقولها! لدي من الكلمات ما يعادل جبال الأرض، ولو كان البحر مدادا لها لنفد البحر قبل أن تنفد الكلمات!».. وهنا كان لا بد من وقفة عند قضية في غاية الأهمية، ترتسم في تفاصيلها الروابط الجامعة بين المبدع والسياسة. فما هي العلاقة الصحيحة بين هذين الطرفين كما يراها المطروشي الذي أوضحها، فقال: «السياسة أصل الشرور والويلات والبلاء في العالم، خصوصا إذا كانت سياسة عمياء كالتي تمارسها أنظمتنا العربية، حيث الظلم والقمع والحريات المسلوبة والإنسانية المنتهكة والجهل والتخلف وانتشار التطرف والإرهاب بكل أشكاله، ما أدى إلى دمار الأوطان وفقدان الإنسان لكرامته وإنسانيته، حتى باتت الجيوش العربية ـ التي نريد أن نسحق بها إسرائيل ـ تتهاوى وتهرب تاركة معسكراتها وخنادقها أمام أول مواجهة مع مجموعة من المتطرفين!». وتابع: «القصيدة ليست بيانا عسكريا أو منشورا سياسيا أو خطبة وعظية عصماء. إنها خلاصة ما يعتمر في الروح من مكابدات وأشجان. إنها ثورة على ذلك كله، ونزوع نحو الجمال، وبحث عنه في قلب هذا الدمار وركامه منعكسا على مرايا الروح. لا أسعى إلى هجاء القنبلة ولكني أسعى أن أحيلها أغنية حب على ثغر طفلة تحلم بالحياة!».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©