السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدمى التراثية صنعة تعلمها الجدة «أم حمد» للفتيات

الدمى التراثية صنعة تعلمها الجدة «أم حمد» للفتيات
18 سبتمبر 2012
تعتبر صناعة الدمى القديمة جزءاً من التراث والعادات والتقاليد الإماراتية، إذ كانت الجدات يعلمن حفيداتهن كيف يصنعن ألعابهن أو عرائسهن، ومع تعاقب السنوات تراجعت هذه الصناعة اليدوية وظلت فئة قليلة، من بينهم موزة سيفان، تحافظ عليها وتعلمها للصغيرات وصولاً إلى حماية هذه الحرفة من الانقراض في ظل طغيان الصناعة الحديثة والألعاب التكنولوجية على سوق ألعاب الطفل. (الشارقة) - لم تكتف المواطنة موزة سيفان المعروفة بالجدة أم أحمد بتعليم بناتها صناعة الدمى، وإسعاد حفيداتها بالعرائس التي تصنعها لهن، بل سعت إلى تعليم كل من ترغب بتعلم هذه الحرفة النادرة عبر عملها في مركز الحرف الإماراتية في إدارة التراث التابع لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، على كيفية صناعة الدمى القديمة، بالإضافة إلى تعليمهن كيفية طبخ الأكلات الشعبية وصناعة المكاحل والحنة وزينة المرأة القديمة وصناعة التلي، وغير ذلك من الأمور التراثية التي تصب في صلب الهوية الإماراتية. بداية الطريق عن عملها في خدمة التراث، الذي بدأ منذ 4 سنوات في مركز الحرف الإماراتية في الشارقة، تقول «بعد أن أنهيت مرحلة الإعدادية لم أكمل دراستي واتجهت نحو العمل في وزارة الصحة في الشارقة موظفة استقبال لمدة 17 سنة، وبعدما استقلت عمدت إلى التطوع في مركز الحرف الإماراتية في الشارقة؛ لأنني شعرت بأن لدي مخزوناً تراثياً ثقافياً واسعاً، وأحببت أن أنقله للأجيال الناشئة، من باب ضرورة أن نسهم جميعاً في تعريف أبنائنا بتاريخ وتراث آبائهم وأجدادهم الذي لم يعاصروه، فصرت أشارك بالمعارض التي تقيمها دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة مثل أيام الشارقة التراثية سواء من حيث المساهمة بمعروضات تراثية من ملابس وأدوات ونحوه أو المشاركة بطبخ أكلات شعبية أمام الزوار ومشغولات التلي ونحو ذلك». وتسترسل «بعد تطوعي لمدة عامين في المعارض المختلفة التي كانت تقيمها الدائرة رغبت في العمل موظفة رسمية في مركز الحرف، وتقدمت إليهم ووافقوا على طلبي، وعينت بمسمى اختصاصية تراث، ومنذ أربع سنوات بدأت مشواري المهني معهم الذي يتمثل في إقامة ورشات عمل تدريبية للأمهات والفتيات طالبات المدارس اللاتي تتراوح صفوفهن بين الصف الثالث الابتدائي ولغاية الجامعة والموظفات وكل من ترغب في التعلم، ونقيم هذه الورشات إما في مقر المركز في الشارقة أو بالذهاب مع زميلاتي اللواتي يساندني في عملية التدريب إلى الجامعات والمدارس وأي مؤسسة تدعونا من أجل إقامة دورة تدريبية أو ورشات عمل، ويكون ذلك على مدار العام خصوصاً في فترة الصيف والإجازات». وتوضح أم أحمد أنها تركز نشاطها وورشاتها في تعليم صناعة الدمى التقليدية في المقام الأول؛ لأنها بارعة جداً في هذا الفن، وتكاد تكون متفردة بين زميلاتها الموظفات فيه. في هذا السياق، تقول «تعلمت صناعة الدمى منذ صغري وعندما كبرت طورت هذا الفن، وتتميز الدمى التي أعلم الفتيات صناعتها بأنها دمى مصنوعة من أقمشة قديمة، وقد ندخل فيها خامات مراد رميها كعلب الماء البلاستيكية، كما أنها تتميز بندرتها نظراً لارتدائها ملابس إماراتية تراثية مثل البرقع والشيلة والعباءة والجلابية المشغولة بالتلي، وكذلك بصناعة دمى رجالية فأعلم الفتيات صناعة ملابس رجالية تراثية كـ(الكنادير) ونحو ذلك، وأحرص على أن تكون المواد التي تستخدمها الفتيات في صناعة الدمى آمنة لا تسبب لهم الأذى أو الضرر». طريقة الصناعة تستعرض أم أحمد طريقة تعليمها صناعة الدمى القديمة، قائلة «تبدأ عملية صناعة الدمى القماشية القديمة بتجهيز المواد اللازمة، مثل القماش القطني، وحبال عريضة وقطن أو صوف لحشو الدمية من الداخل وقماش أسود خفيف وقماش من القطن الأبيض، إضافة إلى قماش «الشل»، وهو القماش الأساسي لصناعة البرقع، وقماش «ضوء الجافلة»، ويتوافر بثلاثة ألوان الأحمر الأغلى ثمناً، والأصفر، والأخضر، وغراء لتثبيت الدمية وخيوط قطنية. 1ومن ثم نقوم بقص الأقمشة القطنية المزخرفة والملونة بألوان مفرحة على شكل (كندورة) أو جلابية، بحسب الدمية إذا كانت بنتاً أو ولداً، كما يجب أن تتناسب الأقمشة مع الألوان الدارجة قديماً مثل القماش المنقط و(المشجر) بألوان الأزرق والأبيض والأحمر والأخضر، وبعد قصها نقوم بخياطة أطراف القماش مع ترك فتحة في وسط (الكندورة) لإدخال رأس الدمية، ثم نقص قطعة من قماش القطن الأبيض (قماش القورة) على شكل مستطيل ونحشوها بكمية من القطن وندورها مع ربطها بخيط أبيض في الوسط، لتصبح على شكل كرة وتكون رأس الدمية، وما تبقى من القماش يكون بمثابة جسدها». وتتابع «لا بد من إحكام ربط رأس الدمية حتى لا يسهل تسرب القطن من داخله، لذلك يجب استخدام نوع سميك من الخيوط، وبعد الانتهاء من الرأس يأتي دور تشكيل اليدين، وإلباس الدمية (الكندورة) التي تكون جاهزة قبل البدء في صناعة الدمية، وتُصنع اليدان من حبال بيضاء تثبت تحت رأس الدمية مباشرة على القطعة القماشية المتبقية، ويستخدم الغراء القوي لتثبيتها، وبعد الانتهاء من الدمية يتم إلباسها (الكندورة) مع طلاء ما تبقى من القماش الأبيض الداخلي بالغراء لضمان تثبيتها وإعطاء الشكل شبه النهائي للدمية، أما تلك التي تحتاج إلى برقع، وهو ما يميز المرأة الإماراتية، فيُستخدم لصناعته قماشي الشيل أو «ضوء الجافلة»، وهما من أجود أنواع الأقمشة المخصصة لصناعة البراقع، التي بعد قصها تلصق على وجه الدمية التي ترسم بواسطة القلم الأسود ملامح وجهها من عيون وفم، ويوضع على رأس الدمية غطاء الرأس أو ما يعرف بالشيلة، ويكون من القماش الأسود الخفيف، وفي أحيان أخرى يمكن الاستغناء عن الشيلة، واستغلال القماش الأسود لصنع ضفيرتي الدمية، خصوصاً إذا كانت الدمية مصنوعة لطفلة، أما الفتاة فتصنع دميتها بالزي التقليدي لضمان التزامها بغطاء الرأس والبرقع التقليدي الذي يحفظ خصوصية المرأة». حرفة جميلة تؤكد أم أحمد أنها «تعلم الفتيات أو الراغبات في التعلم صناعة دمى لمختلف الشخصيات الإماراتية بمعنى تعلمهم صناعة دمى لكبار السن وللفتيات والصبية والنساء والرجال مع صناعة ملابس تراثية لكل نوع من تلك الدمى تحاكي الملابس الإماراتية القديمة لهم جميعا، فيستفدن تعلم حرفة جميلة شيقة يصنعن من خلالها دمى لأطفالهن في المستقبل ولأنفسهن، ويتعرفن على وسيلة اللعب القديمة ما يحميها من الاندثار، بالإضافة إلى التعرف إلى الملابس التي كان يلبسها الناس قديماً عبر محاكاتها بملابس الدمى، فتصبح هذه الدمى ذات قيمة تراثية تعليمية مفيدة ومهمة». وتلفت أم أحمد إلى ضرورة وجود أسلوب في تعليم الحرف القديمة مثل أن يملك المدرب القدرة على إثارة انتباه المتعلم وجذبه وتشويقه، ليصبح لديه حافز ورغبة في التعلم، حيث إنها قبل أن تعلم الفتيات كيفية صناعة الدمى تعرض عليهم دمى جاهزة قامت بصناعتها فتثير دهشتهن وتدفعهن للقول نريد أن نصنع مثلها وبعدها تبدأ بتعليمهن، بالإضافة إلى أنه لا بد من تحلي المدرب بالصبر وقوة الشخصية ليكون قادراً على إدارة ورشة العمل بنجاح، بالإضافة إلى التمتع بالمهارة والعلم الكافيين. وتشارك أم أحمد زميلاتها الموظفات الأخريات في تعليم الفتيات كيفية طبخ الأكلات الشعبية، وفي تعليمهن صناعة التلي وتعريفهن بالأزياء التراثية وبزينة المرأة قديماً، وبالذات العروس وفي صناعة المكاحل والحناء والبهارات وتذويب السمن البلدي وصناعة العطور ونحوه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©