الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... قيود المعارضة وغياب التنوع

2 يناير 2013 23:20
جرت فان لانجندونك القاهرة عندما عُرضت مسودة دستور مثيرة للجدل على الاستفتاء الشهر الماضي، كانت المعارضة المصرية في حالة فوضى كالعادة. فقد ترددت لأسابيع بين مقاطعة الاستفتاء والدعوة إلى التصويت ضده. وعندما استقر رأيها في الأخير على التصويت بـ«لا» قبيل أيام قليلة على الجولة الأولى من التصويت في الخامس عشر من ديسمبر، كان الوقت قد فات للتغلب على الحملة القوية التي خاضها «الإخوان المسلمون» وحلفاؤهم السلفيون من أجل التصويت بـ«نعم». غير أن رد الفعل القوي الذي واجه مرسي و«الإخوان المسلمين» بسبب إسراعه بتمرير الدستور من دون مساهمة من المعارضة منح خصومه أملا جديداً في نجاح انتخابي. وفي هذا السياق، يقول مصطفى الجندي، الذي كان عضواً مستقلا في البرلمان الذي تم حله ولعب دوراً في تنظيم الجوانب الرئيسية للمعارضة وتحويلها إلى ائتلاف جديد، جبهة الإنقاذ الوطني: «إن الانقسامات باتت اليوم شيئاً من الماضي». ويضيف الجندي قائلاً: «إن التحالف بين البرادعي وحمدين بات الآن واقعاً»، في إشارة إلى السياسيين اللذين كانا يتبنيان عادة سياسات متباينة. ويمكن القول إن تحالف الحائز على جائزة نوبل والمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، وحمدين صباحي المرشح «اليساري»، الذي حل في المرتبة الثالثة في انتخابات يونيو الرئاسية، يعكس قوة تصميم المعارضة على خلق جبهة موحدة ضد «الإخوان». وهذا يمنح المعارضة أملا جديداً وهي تتجه نحو انتخابات برلمانية وفق القانون المصري، أن تجرى في غضون شهرين على إقرار الدستور. ولكن هناك أيضاً أولئك الذين يقولون إن المعارضة تتحمل مسؤولية فشلها في التغلب على المكاسب الانتخابية السابقة لـ«الإخوان». وفي هذا الإطار، يقول فادي رمزي، الذي يدير مركز «المصري» البحثي: «إن العديد من الأشخاص أرادوا التصويت بـ«لا» في الاستفتاء حول الدستور، ولكنهم كانوا يبحثون عن سبب وجيه للقيام بذلك»، مضيفاً «المشكلة هي أن المعارضة ليس لديها منتوج سياسي لتبيعه. فقد كان عليهم أن يمضوا وقتاً في إقناع الناس بأن هذا الدستور (مضيعة) للوقت لعدد من الأسباب، وأن علينا أن نقدم عملا أفضل، لأن ما لدينا الآن هو مجرد مجموعة من الكلمات الجميلة من دون آلية تلزم الأشخاص الذين في السلطة بالوعود الواردة في الدستور. وبدلاً من ذلك، اختارت المعارضة إحداث صخب وضجة كبيرة حول تأثير الشريعة في الدستور الجديد». وجهة نظر رمزي أكدها ناخبون في بعض الدوائر في دلتا النيل الأسبوع الماضي. ذلك أن معظم المصريين الذين صوتوا بـ«نعم» أشاروا إلى الرغبة في عودة النظام والاستقرار باعتبارها السبب الرئيس في اختيارهم، بينما كانت لدى الناخبين الذين صوتوا بـ«لا» أسباب محددة جداً ضد الدستور، ومن بينها غياب الحد الأدنى للأجور في مصر أو حقيقة أن الرعاية الصحية المجانية رهينة بـ«شهادة الفقر»، وهو ما يعتبره كثيرون أمراً مذلا. واللافت أن أي ناخب لم يشر إلى دور الشريعة باعتباره سبباً للتصويت لصالح الدستور أو ضده، رغم حقيقة أن كلا الجانبين خاضا حملة حول هذا الموضوع بالخصوص. ويقول رمزي في هذا الصدد: «إن العامل الديني يتراجع مع كل انتخابات»، مضيفاً «إن الناس باتوا يدركون أن بعض السياسيين يستعملون الدين لأهداف انتخابية، وقد بدأوا يرفضون أن يوضعوا أمام اختيار التصويت لصالح الإسلام أو ضده». والواقع أن ثمة أيضاً اعتقاداً متزايداً بأن طريق الفوضى والاضطرابات الذي سارت فيه مصر منذ إسقاط مبارك في فبراير عام 2011 كان طريقاً حتمياً ولا مفر منه ربما. وفي هذا الإطار، يرى الناشط السياسي «ألفريد رؤوف» أنه رغم كل انتقادات المعارضة، «من غير المعقول أن نتوقع أن يكون لدى مصر مشهد سياسي صحي وعاد بعد عامين فقط على سقوط حكم ديكتاتوري». ويقول رؤوف: «إننا في حاجة إلى خمس سنوات على الأقل للوصول إلى تلك النقطة، ولاسيما مع إخوان مسلمين لا يرغبون حقاً في أن يكون ثمة مشهد سياسي متنوع، ويرغبون بدلا من ذلك في أن يحلوا محل الحزب الوطني الديمقراطي»، في إشارة إلى حزب مبارك السابق. رؤوف، وفي مقال له بصحيفة «إيجيبت إنديبندت» المصرية هذا الأسبوع، قال إنه حتى لو كان الثوار هم الذين تولوا السلطة، فإنهم كانوا «سيقمعون الناس بسرعة»، مضيفاً أن ما حدث بدلا من ذلك -حكم عسكري متبوع بفوز كاسح للإخوان المسلمين- «بدا لمعظم الناس كنهاية كارثية لثورة كانت تبعث على الكثير من الأمل». غير أن رؤوف، العضو المؤسس في حزب البرادعي «الدستور»، يرى فرصة للمعارضة لتحقق تقدماً في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حتى وإن انحل ائتلاف المعارضة الحالي قبل ذلك التاريخ. ومن جانبه، يعتقد مصطفى الجندي أن لدى المعارضة فرصة للفوز بأغلبية في البرلمان. ولكن رؤوف يبدو أكثر تحفظاً إذ يقول: «أعتقد أن لدينا فرصة جيدة للحصول على 45 في المئة من المقاعد في البرلمان، مقارنة مع نحو 30 في المئة، شريطة ألا يكون ثمة تزوير». ولكن أكثر ما يقلقه هو نسبة المشاركـة في الانتخابات والتـي تـزداد انخفاضـاً مع كل انتخابـات أو استفتـاء، وهو أمر «يشير إلى أن الناس لم يعد يؤمنون بالديمقراطية لأنهم يرون أنها لا تساعدهم في حياتهم اليومية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©