الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله بوهاجوس: مسرحنا بين المبدعين والمدّعين

عبدالله بوهاجوس: مسرحنا بين المبدعين والمدّعين
25 سبتمبر 2013 20:29
يوجز الممثل المسرحي الكوميدي الإماراتي عبد الله بوهاجوس (مواليد عام 1978) مسيرته الفنية بقوله: لقد قدّمت للمسرح الإماراتي جملة من الأعمال المسرحية الهادفة، وتحمّلت مسؤولية تطوير فكرة مسرح الشارع، والمسرح الجوال، والمرتجل، بهدف الوصول إلى الجمهور، مقدماً الاعتذار من جمهوره الرياضي (الكروي)، عن عدم استمراره لاعباً لكرة القدم، في نادي الوحدة، ونادي بني ياس، ومن ثم محترفاً في منتخب الإمارات لكرة القدم. في الواقع ومن خلال قراءة في مسيرة بوهاجوس الذي التقيناه في أبوظبي، على هامش إشرافه على ورشة عمل مسرحية تدريبية في إعداد الممثل، لمجموعة من الناشئة والشباب والفتيات، نكتشف أنّه نموذج مختلف من الفنانين المحليين، فهو لم يكتف بالوقوف على خشبة المسرح ممثلاً، بل تجاوز ذلك للغوص في مسرح المجتمع، من خلال جملة من النشاطات والبرامج، التي تهدف في النهاية الوصول إلى الجمهور في أي مكان، لغايات تطوير مفهوم الذائقة والثقافة الجماهيرية، ابتداء من العام 2010، بعد أن قرر فعلياً الانتقال من ساحات الملاعب الرياضية، إلى أشكال مختلفة من فنون وتعبير المسرح، أولها شكل (مسرح الشارع)، الذي تحقق كما يقول، بفضل توجيهات سديدة من صاحب السمو الشيخ الدكتور محمد بن سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، حينما أمر بتأسيس مسرح الشارع في إمارة الشارقة، بغرض تقديم مسرحيات قصيرة للجمهور، في الشوارع، والحدائق العامة، والمقاهي الشعبية، والأحياء الشعبية النائية، ويقول بوهاجوس: وقد نجحت مع عدد من الزملاء المتحمسين لفن المسرح في تقديم مجموعة من المسرحيات القصيرة الهادفة، منها مسرحية شعبية بعنوان “أنا الذيب”، ومسرحية “من أين لك هذا؟” وبعض المسرحيات التي تعالج وتناقش عديد المشكلات المحلية مثل الطلاق، الفساد الإداري، التحول الاقتصادي وأثره على الظاهرة الاجتماعية، والتداخل السكاني والثقافي والحضاري في مجتمع الامارات”. يضيف بوهاجوس أن تجربته مع مسرح الشارع، التي ساهمت في تطوير فكرة (المسرح الجوال)، استمرت لمدة عام كامل، بمساعدة وتوجيه الفنان السوداني الرشيد أحمد عيسى، المنشط الثقافي في إدارة الثقافة والاعلام في إمارة الشارقة، “وهو أيضاً الذي ساهم في صقل تجربتي من خلال مشاركتي في ورشة عمل مسرحية تدريبية بعنوان “فن التوليف والارتجال” بإشرافه، وأعتقد أن هذه المرحلة من مسيرتي الفنية هي مرحلة التأسيس نحو الاحترافية الكاملة في فن المسرح، وإعتباره موهبة ومهنة، حيث أصبحت أول مسرحي مواطن، يقدم للناس (فن الارتجال المسرحي) على شاشة قناة الظفرة، حيث بدا لي من خلال ما كتب عني في الصحف، أنني نجحت في الوصول إلى قلوب الناس في تقديم عديد المشاكل، مثل سلبيات الغرور، مشاكل المدارس والمناهج التعليمية، سلبيات مشجعي الملاعب ونبذ فكرة التعصب الكروي، وغيرها من المشاكل النفسية والاجتماعية التي يعاني منها ابناء المجتمع بعد الطفرة الاقتصادية، والتطور المتسارع والمذهل الذي شهدناه في حياتنا بعد اكتشاف النفط. الخطوة الأولى يوضّح بوهاجوس، أنه اكتشف الروح الكوميدية في داخله مبكراً، من خلال (المقالب الظريفة) التي كان يرسمها وينفذها في زملائه في المدرسة، “كذلك نجاحي وقبول الأسرة والأصدقاء في تقليد الشخصيات الشعبية، وبعض الشخصيات المرموقة المعروفة لدى الناس، إلى أن جاءت الصدفة التي قلبت حياتي رأساً على عقب، حينما كنت ذاهباً إلى (سوق العرصة) في الشارقة مطلع عام 2010، حيث صادف أن قرأت إعلاناً أصدرته دائرة الثقافة، تدعو من خلاله المهتمين وأصحاب الموهبة إلى الالتحاق بدورة مسرحية حول فنون إعداد الممثل، بإشراف المبدع أحمد أبو رحيمة، ومن هذه الورشة التدريبية، بدأت أضع أولى خطواتي على طريق فن المسرح والاحتراف. ومع منتصف عام 2010، يبدو أن بوهاجوس، قد بدأ يحقق حلمه المسرحي على نار هادئة، بعد أن بدأت مرحلة عشقه لفن ورسالة المسرح، التي قادته إلى تقديم مجموعة مميزة من الأعمال المسرحية الكاملة نصاً وإخراجاً، وتقنيات، من خلال تأسيسه لمجموعة “كلنا خليفة”، التي ضمت مجموعة من الشباب والفتيات الذين يعشقون المسرح وفن التمثيل، دون النظر إلى الشهرة والمال، وكان أول عمل كوميدي جماهيري حقق لهذه المجموعة الشابة النجاح، بعنوان “طوي عتيج” من إخراج جاسم إسماعيل، وشهاب بن ظاعن، وسبق لهذا العمل أن عرض على خشبة مسرح أبوظبي بكاسر الأمواج، ضمن الموسم الثقافي الثالث لنادي تراث الإمارات. وكما يقول بوهاجوس خلال حديثنا معه: “إن هذا العمل المسرحي حقق لي الشهرة، وانتباه النقاد، والإعلام، وأيضاً انتباه المخرجين والفرق المسرحية والمؤسسات ذات الصلة بفن المسرح، وهذا ما أسعدني، وجعلني أتواصل مع المحترف المسرحي على كافة المستويات”. “لقد حظيت مجموعة “كلنا خليفة”، بدعم خاص من مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام في أبوظبي، وكان من نتائج هذا الدعم الحيوي، أن نجحنا في تقديم جملة من المسرحيات” ـ والكلام بالطبع لبوهاجوس ـ “ومنها مسرحية بعنوان “الغرفة” من تأليف طلال محمود وإخراج عمر طاهر التميمي، وعرضت المسرحية ضمن منافسات مهرجان مسرح الشباب بإمارة دبي، وكذلك مسرحية “دروب مضيئة” وهي من تمثيلي وإخراجي، وموضوعها مخصص لمعالجة المشكلات التي يعاني منها ذوو الاحتياجات الخاصة، كما قدمت من خلال هذا المشروع مسرحية بعنوان “العلم ريشة ترسم المستقبل” بالتعاون مع إدارة النوادي والأنشطة الرياضية في القيادة العامة لشرطة أبوظبي بتوقيع المخرج عبد الله الجابري، وعرضت المسرحية لطلاب وطالبات المدارس التابعة للمنطقة التعليمية بأبوظبي، وطلاب مؤسسة زايد للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، على خشبة مسرح نادي ضباط الشرطة، وقدمت المسرحية رسائل توعوية للأطفال حول أهمية العلم في حياتهم وخدمة مجتمعهم، وتحقيق الازدهار والتقدم لشعوبهم، من خلال حوارات تمثيلية وغنائية جمعت بين أهالي قريتين، “قرية الليل” التي يوصف أهلها بجهلهم للقراءة والكتابة واستسلامهم وإيمانهم بمعتقدات خاطئة، و”قرية النهار” التي يتميز أهلها بمعرفتهم بالقراءة والكتابة وشغفهم للعلم، ما كان سبباً أساسياً في ازدهار قريتهم وتطورها على كافة مستويات الحياة”. ثنائي مسرحي يعتقد بوهاجوس أن المخرج “يجب أن يكون مفكراً وصاحب فلسفة، وأن المتفرج ينبغي أن يكون في حالة وعي دائم بما يجري على خشبة المسرح”، ولهذا وجد في الكاتب والمخرج شهاب بن ظاعن ضالته، ليشكل معه ثنائياً مسرحياً، أثمر عن تقديم مسرحية شعبية ناجحة بعنوان لافت هو “خيبة شيبة”، وعرضت بنجاح كبير، ضمن فعاليات مهرجان الإمارات الأول للمسرح الجامعي، من تنظيم وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، بالتعاون مع جمعية المسرحيين الإماراتيين، لمصلحة مسرح كلية تقنية دبي العليا، وشارك فيها تمثيلاً: فيصل عتيق وعبد الرحمن التميمي وبدر البلوشي ونصيب بطي وإبراهيم سعيد وسواهم. ووصلت إلى الجمهور في إطار تراجيدي استخدم فيها قالب الكوميديا الخفيفة، حيث تناول العرض قضية هامة بالمجتمع العربي وتتمثل في جفاء الأبناء نحو الآباء، والتخلص منهم في دار المسنين. وتدور أحداث المسرحية حول أبناء رجل مسن، يحاول الابن الأكبر التخلص من الأب للحصول على الأموال والممتلكات التي يملكها فيدخل الأب إلى دار المسنين، حيث يقيم فيها حتى يموت دون سؤال الأبناء، وعندما يكبر هذا الابن العاق يفعل به أبناؤه ما فعل من قبل بوالده. بدا لي بوهاجوس، المتسرع جداً في كلامه وملاحظاته، مع سرعة بديهة لافتة للانتباه، أنّه يملك عقلية إدارية بالغة النضوج والوعي نحو تحقيق المشاريع التي تبدأ في ذهنه كأحلام بسيطة، سرعان ما تتحقق، لتصبح مشاريع فنية على الأرض، بل وتقدم خبرة تراكمية للمسرح المحلي، ومن ذلك نجاحه في تأسيس (فرقة مسرح أولاد زايد للفنون) بدعم من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ونجحت الفرقة في تقديم مجموعة من المسرحيات الاجتماعية والشبابية الناجحة. أعمال ورؤى عبد الله بوهاجوس، يملك نفساً طويلاً في تطوير تجربته الفنية، بل وتغيير جلده في أشكال التعبير، غير أنّه كما يقول لا يجيد العمل خارج إطار فن المجموعات، وعن مستقبل المسرح، يقول: “إن المسرح عمل جماعي يكمل بعضه بعضاً، وهذا يحتاج إلى دعم الدولة، ودعم المبدعين وليس المدعين، ولهذا لا ضير من أن يتنقل بين خشبات المسارح وشاشات التلفزيون، حيث إغراءات الدراما التلفزيونية التي قدم لها جملة من الأعمال الناجحة، منها على سبيل المثال المسلسل الكويتي بعنوان “سوق الحريم”، نص أيمن الحبيل، وإخراج حسين أبل، إنتاج وعرض عام 2013، وشارك في تجسيد أدواره كل من: رزيقة الطارش، هيا الشعيبي، إلهام الفضالة، فهد البناي، خالد العجيرب، وآخرون. كما شارك في برنامج “حظك سعيد” وعرض على شاشة تلفزيون أبوظبي، كما شارك ممثلاً في مسلسل “أبو الملايين”، إنتاج وعرض عام 2013، وهو عمل كوميدي خليجي قام بتجسيد أدواره الرئيسية كل من حسين عبد الرضا، أمل العوضي، حسن البلام، وناصر القصبي، وسيناريو وحوار خلف الحربي، وإخراج محمد دحام الشمري. عن مشاريعه القريبة، أكد بوهاجوس أنه انتهى من تصوير دوره في مسلسل “جمعة أهل” من إخراج الأردني أحمد دعيبس، وسيتم عرض هذا العمل قريباً على شاشة تلفزيون الكويت. في معرض رده على سؤال حول رأيه بمسرح الإمارات، قال بوهاجوس: “مسرح الإمارات بخير، قوي، متطور، يؤكد حضوره بوجود كفاءات عالية في مجالات التأليف والإخراج والتمثيل، والحضور المهرجاني على مستوى الدولة وخارجها، ولكن كغيره من المسارح، يحتاج العاملون فيه إلى مزيد من الدعم المالي والمعنوي والإعلامي والنقدي، وأن يكون هناك اهتمام نوعي بالمسرح الجماهيري، من خلال دعم المسرح الجوال، الذي بدونه لن تتحقق لنا ثقافة جماهيرية واعية لرسالة وهدف المسرح أبو الفنون، ومن ثم لماذا لا يكون لدينا مهرجان مخصص للمسرح الكوميدي الهادف، مهرجان سنوي يلقى كل الدعم الذي تلقاه المهرجانات الأخرى في الدولة؟ ولماذ لا نشجع مسرح المجتمع ومسرح العائلة الذي يستقطب فعلياً الجمهور الحقيقي من الأسر والعائلات التي تضم كل شرائح وفئات الجمهور؟”. كما يعتقد بوهاجوس أن أهم المشكلات التي يعاني منها المسرح في الإمارات تتلخص في غياب النص المسرحي الجيد ووجود الكاتب المسرحي المتفرغ لهذا العمل الصعب، حيث يمكن لنا بذلك تحقيق نصوص مسرحية محلية خالصة، وبذلك نستغني عن فكرة الاقتباس والإعداد وأحياناً السطو على نصوص أجنبية. كما أن غياب النقد المسرحي الموضوعي المتخصص يلعب دوراً سلبيا في مواكبة تراكمات الحركة المسرحية التي تفتقر إلى تحقيق الجانب الفكري والنظري حتى على مستوى بعض المهرجانات المسرحية المحلية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©